1222529
1222529
عمان اليوم

أحكام قانونية وعقوبات صارمة واضحة للمشرع العماني في المسؤولية الناجمة عن الخطأ الطبي

19 مايو 2019
19 مايو 2019

تطلعات لإصدار «قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب» لاكتمال القواعد الإجرائية -

كتبت: عهود الجيلانية -

تعد قضايا المسؤولية الطبية من القضايا المهمة التي اعتنى بها المشرع العماني بوضع الضوابط والإجراءات القانونية ضمن نصوص صريحة شددت على عقوبات جريمة الخطأ الطبي في القطاع الصحي، وأكد مسؤولون ومختصون على تطلعاتهم القادمة في أن يرى «قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة» النور قريبا حتى تكتمل القواعد الإجرائية في التعامل مع البلاغات والشكاوى في قضايا الخطأ الطبي أسوة ببعض القوانين الخاصة التي تحتوي على نصوص إجرائية وتنظيمية وجزائية في الوقت نفسه نظرا لطبيعة المواضيع الخاصة التي تنظمها القوانين. ومشيرين إلى وجود آليات تنظيمية تتسم بالدقة والحذر في معاملات الادعاء العام التي تنتهج منهج الموازنة في التعامل مع أفعال وأقوال الطبيب ومساعديه غير الأخطاء الطبية، وداعين إلى أهمية اتباع منهجية وأساليب متنوعة ومستمرة في تأهيل وتهيئة الطبيب إلى سقف مواكبة مستحدثات مهنة الطب، وإيجاد آلية للتفتيش على أعمال الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة، ومقترحين ضرورة وجود خبراء متخصصين في الطب تابعون لدائرة الخبراء بوزارة العدل ليقدموا رأيهم ومشورتهم الطبية للقضاء في القضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية.

وعن التطبيق القضائي للمسـؤولية الطبيـة أكد فضيلة الـدكتـور سعيـد بـن مصبـح الغـريبـي رئيس محكمة الاستئناف بالبريمي عضو هيئة التفتيش القضائي على أهمية اتباع منهجية وأساليب متنوعة ومستمرة في التطوير بدءا من تأهيل وتهيئة الطبيب إلى سقف مواكبة مستحدثات مهنة الطب، والتدقيق على أعمال الأطباء الجدد خلال الأعوام الخمسة الأولى، وإيجاد آلية للتفتيش على أعمال الأطباء في المستشفيات الحكومية والخاصة من قبل أطباء متخصصين أكثر خبرة من الأطباء محل التفتيش، واقترح بأن يكون هناك خبراء متخصصون في الطب تابعون لدائرة الخبراء بوزارة العدل ويكون لهم إعطاء الرأي والمشورة الطبية للقضاء في القضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية

وقال فضيلته في ورقة عمل قدمها في الندوة الأولى للمسؤولية الطبية «القانون والطب» التي نظمها المستشفى السلطاني: للخطأ الطبي نوعان وهما الخطأ المادي يقصد به ذلك الخطأ الذي لا يخضع لسلطة التقرير الفني والطبي والجدل العلمي. وهذا يعني أن هذا النوع من الخطأ يصدر من الطبيب باعتباره إنسانا عاديا شأنه شأن غيره من الناس، أي أنه لم يقم باتباع قواعد الحيطة والحذر التي تلزم كافة الناس، وخالف واجب الحرص المفروض على كافة الناس، فهذا الخطأ لا علاقة له بمهنة الطب

والنوع الآخر الخطأ المهني ويقصد به إخلال الطبيب بالواجبات التي تفرضها عليه مهنته، كالخطأ في التشخيص أو علاج المريض، ويتصل هذا الخطأ بالأصول الفنية والقواعد العلمية التي تحكم مهنة الطب، ويتقيد بها الأطباء عند ممارستهم لأعمالهم المهنية ويرجع سبب الخطأ المهني إما إلى الجهل بأصول المهنة أو تطبيقها بشكل غير صحيح مما ينتج عنه ضرر بالمريض.

مراحل العلاج

وأشار فضيلة الدكتور بقوله: يتعامل الطبيب مع الحالة المرضية المعروضة عليه بعدة مراحل وهي: الفحص الطبي والتشخيص والعلاج، فقد يحدث خطأ في الفحص الطبي الذي أولى خطوات التعامل مع المريض، وتقتضي مهنة الطب قيام الطبيب بعملية الفحص الطبي، وذلك لمعرفة الحالة الصحية للمريض عن طريق ملاحظة الطبيب للعلامات الظاهرة والدلائل الإكلينيكية كمظهر المريض وجسمه.

وقد يحدث الخطأ أيضا في التشخيص، وتعتبر مرحلة التشخيص أدق المراحل في العلاقة بين المريض والطبيب، ففيها يحاول الطبيب معرفة ماهية المرض ودرجة خطورته وتاريخه وتطوره وتقدمه بجسد المريض، وتكمن أهمية هذه المرحلة في أن الغلط في تشخيص المرض تكون نتيجة طبيعية لوصف علاج غير مطابق لطبيعة المرض مما قد يؤدي إلى تفاقم المرض. والخطأ في التشخيص لا تقوم به مسؤولية الطبيب إذا بذل في واجبه قدر اجتهاده، ويبقى التزام الطبيب في إطار التشخيص التزاماً بذلك عناية، فإذا أظهر أنه لم يستعمل الوسائل الفنية والعقلية المستعملة عادة من طرف مهني كفؤ وحذر فإن المسؤولية تكون قائمة.

وفي رأيي يعتبر خطأ التشخيص غير مقبول في الوقت الحاضر وليس هناك عذر للطبيب في الخطأ التشخيصي بعد أن أصبح جسم الإنسان كتاباً مفتوحاً أمامه من خلال التقدم التكنولوجي في الأجهزة الطبية بصفة عامة، وبالتالي أصبح تشخيص حالة المريض أمراً ميسوراً ومؤكداً في أغلب الحالات. وهذا ما جعل بعض الفقه يعتبر التزام الطبيب في عملية التشخيص أقرب إلى التزام بتحقيق نتيجة، ولا يقبل منه الخطأ في هذا الصدد إلا في حالة الاستعجال أو القوة القاهرة أو عدم توفر الإمكانات. ويفهم من المادة (18) من قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان مسؤولية الطبيب الذي لا يستخدم جميع الوسائل المهيأة له لتشخيص حالة المريض.

وهناك احتمالات أيضا لوجود الخطأ في العلاج وتعتبر مرحلة العلاج نتيجة لمرحلة التشخيص، والعلاج هو تلك المرحلة التي تهدف إلى دراسة الطرق والوسائل الممكنة والمتاحة من أجل الوصول بالمريض إلى الشفاء ما أمكن ذلك. ومن الطبيعي ألا يلتزم الطبيب بنتيجة معينة وهي شفاء المريض، ولكن كل ما عليه هو بذل العناية الواجبة في اختيار الدواء والعلاج الملائمين لحالة المريض بغية التوصل إلى شفائه أو تخفيف آلامه. وقد استقر الفقه على حرية الطبيب في اختيار ما يراه مناسباً لوصف العلاج للمريض، بحيث تكون للطبيب كامل الحرية في اتباع طريقة العلاج. كما أن أحكام القضاء مستقرة على حرية الطبيب في وصف واختيار العلاج، إلا أنه مقيد بمصلحة المريض وما تقضي به القوانين واللوائح المنظمة لمهنة الطب والآثار الجانبية الضارة بالمريض. ويفهم من المادة (18) من قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان العماني قيام المسؤولية بحق الطبيب إذا لم يقم بإعطاء المريض العلاج الصحيح.

توصيات

ونوه الغريبي بوجوب عرض المحكمة موضوع الخطأ الطبي على اللجنة الطبية العليا المشكلة بوزارة الصحة، بناء على قرار المحكمة العليا، وعرض الموضوع لغير تلك اللجنة مخالف للقانون ويستوجب نقض الحكم.

وأوصى الدكتور إلى الاهتمام بالإحصاءات الدقيقة في الأخطاء الطبية والأضرار الناتجة عنها ومصير الضحايا والأحكام الصادرة بشأنها، وتشكيل لجنة بوزارة الصحة تعني بدراسة أسباب حصول الأخطاء الطبية من خلال الأحكام القضائية النهائية الصادرة بشأنها ومعالجة أسبابها لتقليل هذه الأخطاء مستقبلا، وتقصير ساعات المناوبات للأطباء، وقيام وزارة الصحة بإنشاء نظام واضح ومعلن في المستشفيات لتمكّن المريض من إبداء رأيه في العلاج المقدم أو رفع شكوى ضد طبيب أو إدارة المستشفى وتخصيص كفاءات علمية مشهود لها على مستوى الوطن لدراسة الشكاوى والمقترحات المطروحة من المرضى، وقيام وزارة الصحة بإصدار لائحة سنوية بالأطباء العاملين في الدولة مع اختصاصاتهم ومؤهلاتهم العلمية وسنوات خبرتهم وإنجازاتهم الطبية، وفي المقابل تنشر لائحة بالأخطاء الطبية التي وقعت ونوعها ومدى الضرر الذي سببته والحكم القضائي الصادر بشأنها. واقترح على رجال الفقه الاعتناء بالأحكام القضائية الصادرة بشأن الأخطاء الطبية ودراستها وإعداد بحوث علمية بشأنها لإثراء هذا المجال ومعرفة التوجهات القضائية حتى يتمكن المشرع من مراجعة التشريعات الموجودة.

دور الادعاء العام

ومن جانب آخر قال إبراهيم بن أحمد الحبسي عضو ادعاء عام: يختص الادعاء العام بالتحقيق في الأفعال والأقوال المؤثمة قانونا والمنسوب صدورها من الأطباء أو المهن الطبية المساعدة بسبب وظيفتهم أو بمناسبتها ، تأسيسا لتلك الاختصاصات الأصيلة التي أسسها النظام الأساسي للدولة والقوانين المنبثقة منه، ويوازن الادعاء العام بين أمرين أساسيين حماية المرضى -المجنى عليهم- مما يصدر من الأطباء من أفعال لها آثار سلبية تنعكس على المجتمع وضمان توفير العناية الطبية اللازمة، ومنح الحرية اللازمة للأطباء في معالجة مرضاهم وتقدير مكانتهم. وقد أسس الادعاء العام قواعد تنظيمية بشأن التعامل مع شكاوى الأخطاء الطبية تهدف لضمان الوقوف أولا على الجوانب الفنية بمعرفة اللجان الطبية المختصة قبل إخضاع الطبيب ومساعده لإجراءات التحقيق، كما تتسم تلك الإجراءات بالمرونة والسرية التامة .

وأضاف: رغم طبيعة قضايا الأخطاء الطبية التي تختلف عن غيرها من القضايا الجنائية والمكانة العلمية والاجتماعية التي يتسم بها الطبيب والتي تقضي اتباع الدقة في تمحيص تلك الوقائع المنسوبة ضده، والحذر في إصدار ثمة قرارات تحد من حريته وفق ظروف جرائم الخطأ الطبي، فقد خلى قانون مزاولة مهنة الطب البشري من بيان القواعد الإجرائية التي يحتم اتباعها فور تلقي البلاغات والشكاوى ضد الكادر الطبي في قضايا الخطأ الطبي، والتي بلا شك لم تغب عن فكر المختصين الذين عكفوا على مشروع «قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة» من مراعاة هذه الجوانب، والذي نأمل أن يرى النور قريبا أسوة ببعض القوانين الخاصة التي تحتوي على نصوص إجرائية وتنظيمية وجزائية في الوقت نفسه نظرا لطبيعة المواضيع التي تنظمها القوانين.

وبناء على ذلك فإن القواعد الإجرائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية هي التي ينبغي تطبيقها بشأن الشكاوى والبلاغات المتعلقة بقضايا الأخطاء الطبية باعتباره الشريعة الإجرائية العامة، إلا أن الادعاء العام في سبيل أداء رسالته بشأن هذا النوع من القضايا - سيما قضايا الأخطاء الطبية - مع عدم إخلاله بالقواعد الإجرائية المنصوص عليها قانونا فإنه يوازن بين أمرين أساسيين وهما حماية المرضى-المجنى عليهم- مما يصدر من أفعال لها آثار سلبية تنعكس على المجتمع، وضمان توفير العناية الطبية اللازمة، وجانب منح الحرية اللازمة للأطباء في معالجة مرضاهم وتقدير مكانتهم الوظيفية والعلمية وإعطاءهم جوا من الثقة بعيدا عن الخوف من إرهاب المسؤولية. وبناء على هذه الموازنة فإن الادعاء العام في تعامله مع هذا النوع من القضايا يتخذ إجراءات تتسم بالدقة والحذر ومنح الخبراء مجالا لإبداء رأيهم قبل مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق في مواجهة الطبيب المشتكى عليه، اتباعا للتعاميم القضائية والإدارية الصادرة من سعادة المدعي العام باعتبارها قواعد إجرائية منظمة لإجراءات أعضاء الادعاء العام في تعاملهم مع البلاغات والشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية ولا تتعارض مع النصوص الواردة بقانون الإجراءات الجزائية.

وأوضح الحبسي: تنص المادة (20) من قانون مزاولة مهنة الطب البشـــري وطب الأسـنان علـى أنـه « مـع عـدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجـن مـدة لا تجـاوز سنـة وبغرامــة لا تزيد علــى ألف ريـال عمانـي أو بإحــدى هاتين العقوبتين، كل من زاول مهنة الطب على وجـه يخالف أحكام هذا القانون..... «. وهناك نماذج على مخالفة الطبيب للقانون أبرزها عدم بذله العناية اللازمة، أو إهماله في معالجة مرضاه، عدم استعماله لجميع الوسائل المهيأة له لتشخيص المريض وإعطائه العلاج الصحيح، ارتكابه الخطأ بسبب الجهل بالأمور العلمية، إصداره شهــادة أو تقرير مغـاير للحقيقــة، وإفشاءه للأسرار الخاصة بالمريض بالمخالفة للقواعد القانونية المنظمة لذلك.

وعن آلية تعامل الادعاء العام مع البلاغات والشكاوى المقدمة ضد الأطباء والمهن الطبية المساعدة بشأن الأفعال المجرمة في قانون مزاولة مهنة الطب البشري والقوانين الجزائية الأخرى، أوضح الحبسي: الادعاء العام أوجد بشأن قضايا الأخطاء الطبية إجراءات تنظيمية مع بيان الغاية منها وأثر ذلك في الموازنة بين أمرين مهمين إلا أن الطبيب أو من يساعده من المهن الطبية قد يرتكبون -غير الخطأ الطبي - أفعالا وتبدر منهم أقوال بسبب وظيفتهم أو بمناسبتها من شأن تلك الأفعال والأقوال معاقبة فاعلها جزائيا فإذا ما تلقى الادعاء العام ثمة شكوى أو بلاغ عن طبيب أو مساعده بشأن مخالفته للأحكام المنصوص عليها في قانون مزاولة مهنة الطب البشري أو تصرف مجرم في قانون الجزاء أو القوانين الجزائية الأخرى، فإن عضو الادعاء العام المختص له مكنة اتخاذ إجراءات التحقيق فيها بعد تمحيصها دون اتباع ثمة تسلسل معين في تلك الإجراءات فله تكليف الطبيب لاستجوابه وتقرير مصيره أما بالحبس أو الإفراج عنه بكفالة، وله انتداب الخبير وسماع أقوال الشهود واتخاذ إجراء المواجهة وغيرها من الإجراءات التي تهدف للوصول إلى الحقيقة وذلك كله وفق نوع الجرم وأثره والظروف والملابسات المحيطة بالفعل.

عقوبات واضحة

وذكر إبراهيم الحبسي نماذج لبعض الوقائع التي تحصل أثناء ممارسة الطبيب ومساعده للمهنة الطبية والتي لا تدخل ضمن نطاق الأخطاء الطبية كإصدار تقرير طبي أو شهادة مغايرة قانونيا ويشكل هذا الفعل جناية التزوير المادي/‏‏المعنوي المؤثمة بنص المادتين 181-182 من قانون الجزاء وتتراوح العقوبة فيها السجن من 3 سنوات حتى 10 سنوات إذا كانت تلك الشهادة المزورة منسوب صدروها عن مؤسسة حكومية، كما تشكل جنحة إساءة استعمال الوظيفة والمعاقب عليها القانون بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات إلى جانب الغرامة. كما أنها تشكل مخالفة لحكم المادة 12 من قانون مزاولة مهنة الطب البشري المعاقب عليها بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن ألف ريال إلى جانب العقوبات التبعية والتكميلية الأخرى وفقا لقانون الجزاء المادة 57. أما إذا كانت الشهادة أو التقرير المغاير للحقيقة صادر عن مؤسسة صحية خاصة ومن طبيب تابع لتلك المؤسسة الخاصة، فإنها تشكل جنحة التزوير في المحررات العرفية المؤثمة بنص المادة 184 من القانون ذاته ويصل الحد الأقصى للعقوبة فيها سنتين إلى جانب العقوبات التبعية والتكميلية، كما أنها تشكل جنحة مخالفة حكم المادة 12 من قانون مزاولة مهنة الطب البشري المعاقب عليها بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغارمة لا تزيد عن ألف ريال وفقا لنص المادة 20 من قانون مزاولة مهنة الطب بحكم أن القانون ينطبق على كافة الأطباء.

ومن الأمثلة مزاولة مهنة الطب دون أن يكون حائزا على ترخيص مسبق من الوزارة وفقا للشروط والضوابط المعتمدة، حيث يشكل جنحة مؤثمة بنص المادة 20 بدلالة المادة 2 من قانون مزاولة مهنة الطب البشري المعاق عليها بالسجن مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد عن ألف ريال بالإضافة إلى العقوبات التبعية والتكميلية المنصوص عليها في المادة 57 من قانون الجزاء.

وأوضح الحبسي في هذا النماذج لا يتطلب الأمر فيها مراعاة الجوانب التنظيمية التي تمكن اللجان الطبية من بسط رقابتها وتحقيقها الفني قبل اتخاذ أية إجراءات تحقيقية في مواجهة الطبيب وبالتالي يكون لعضو الادعاء العام مطلق الحرية في اتخاذ إجراءات التحقيق في كل واقعة بحسب أطرافها وظروف الواقعة وانعكاسها على المجتمع ومع ذلك يتم مراعاة الطبيب في مسالة استدعاءه للحضور وتقدير مكانته الاجتماعية والعلمية مع الأخذ في الاعتبار أن تحاط تلك الإجراءات بالسرية التامة.

مساءلة الأطباء

أكد الدكتور راشــد بن حمـد البلوشـي عميد كلية الحقـوق بجامعة السلطان قابـوس أن الثابت في أحكام القضاء الجزائي أن كل خطأ يرتكبه الطبيب سواء في القطاع العام أو الخاص وكان ناتجا عن إحدى الصور المتمثلة في الرعونة أو الإهمال وعدم انتباه أو عدم الاحتياط أو عدم مراعاة الأنظمة سوف يؤدي إلى مساءلة الأطباء عن أخطائهم سواء كانت عادية أو مهنية جسيمة أو يسيرة.

وقال: يتضح أن موقف المشرع العماني من موضوع المسؤولية المترتبة على ممارسة العمل الطبي جاءت مستندة على النظام الأساسي للدولة، وقانون الجزاء، وفي كل الحالات تكون المسؤولية الجزائية محددة بنص القانون وتخضع لمبدأ الشرعية التي جسدها المشرع العماني في المادة «3 « لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون».

وممارسة الأعمال الطبية متى تمت وفقا للأصول العلمية المتعارف عليها في المهن الطبية المرخص بها، وبرضا المريض أو من ينوب عنه، صراحة أو ضمنا، أو إذا كان التدخل الطبي ضروريا في الحالات العاجلة التي تقتضي ذلك، أو كان لمريض في ظروف تجعله لا يستطيع التعبير عن إرادته وكان من المتعذر الحصول في الوقت المناسب على رضا من ينوب عنه.

وعرف المشرع العماني الخطأ في المادة 33 من قانون الجزاء، فالركن المعنوي للجريمة هو العمد في الجرائم المقصودة، والخطأ في الجرائم غير المقصودة. ويتوفر العمد باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل متى كان هذا الارتكاب أو الامتناع مجرما قانونا، وذلك بقصد إحداث نتيجة مباشرة أو أي نتيجة أخرى مجرمة قانونا يكون الجاني قد توقعها وقبل المخاطرة بها. وتكون الجريمة عمدية كذلك إذا وقعت على غير الشخص المقصود بها. ويتوفر الخطأ إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل، أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة.

مشيرا البلوشي إلى وجود عقوبات على الطبيب أو المهن الطبية الأخرى في حالة وقوع الجرائم العمدية مثل القيام أثناء مزاولته إحدى المهن الطبية بالكشف على متوفى أو مصاب وجدت علامات أو توافرت ظروف تدعو إلى الاشتباه في سبب الوفاة أو الإصابة، ولم يبادر إلى إبلاغ السلطات المختصة، هنا عقوبته السجن مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن (100) مائة ريال عماني، ولا تزيد على (500) خمسمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وأيضا من الجرائم إجهاض امرأة برضاها، وأفضى الإجهاض إلى وفاتها، عقوبتها السجن لمدة لا تقل عن (5) خمس سنوات، ولا تزيد على (10) عشر سنوات

وهناك أيضا عقوبات تقع على الطبيب أو المهن الطبية الأخرى في الجرائم غير العمدية فقد عرف المشرع العماني في المادة (33) من قانون الجزاء صور الخطأ بقوله: «الركن المعنوي للجريمة هو العمد في الجرائم المقصودة، والخطأ في الجرائم غير المقصودة».

ويتوفر العمد باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل متى كان هذا الارتكاب أو الامتناع مجرما قانونا، وذلك بقصد إحداث نتيجة مباشرة أو أي نتيجة أخرى مجرمة قانونا يكون الجاني قد توقعها وقبل المخاطرة بها أمثله على ذلك الإهمال، قلة الاحتراز، والرعونة.