روضة الصائم

الإبرازة

10 مايو 2019
10 مايو 2019

د. ناصر بن علي الندابي -

يعد هذا المفهوم من المفاهيم التي ينبغي على المشتغل بالمخطوطات معرفته، ليكون على بينة ودراية بذلك المخطوط الذي بين يديه وهل هو النسخة الأخيرة منه أم أنه الأولى.

فالإبرازة في علم المخطوطات تعني المرة التي يظهر أو يبرز المخطوط فيها، وما يمكن أن نقابله اليوم بالطبعة، فمن المعلوم أن الطبعة الأولى تعني خروج الكتاب لأول مرة للقراء، ثم تتلوها طبعات أخرى، وتكون الطبعات الأخرى بها الزيادات وتفادي الأخطاء التي وقع فيها المؤلف في طبعته الأولى، وليست الإبرازة هي المفهوم الوحيد المتداول لهذا المعنى في علم المخطوط فقد نجد مفاهيم أخرى مشابهة لها كالتجربة والإخراج.

ومن بين أولئك الذين أقدموا على هذا الأمر من خارج القطر العماني الأديب المشهور الجاحظ في كتابه الموسوم بالبيان والتبين، وكذلك الجغرافي والمؤرخ الكبير المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف، فقد خرج كلا الكتابين في إبرازتين.

ولم يكن هذا الأمر حكرا على علماء العالم الإسلامي دون العمانيين، فقد وجدنا هذا الأمر أيضا في عمان، فممن أخرج كتابه في إبرازتين من العمانيين العلامة القاضي ابن عريق المعولي (ت: 1190هـ)، في كتابه المهذب في الفرائض، فقد انتهى من الإبرازة الأولى يوم الأحد 14 ربيع الأخر 1145هـ، وهذه الإبرازة تمثلها النسخة رقم 1209 بوزارة التراث والثقافة.

ثم قام بإخراج الإبرازة الثانية وانتهى منها بتاريخ 4 ربيع الأول عام 1155هـ، وقد تمكن من معرفة ذلك من خلال مقدمته للإبرازة الثانية حيث جاء فيها: قال المؤلف لهذا الكتاب الفقير إلى الله تعالى، أبو سليمان محمد بن عامر بن راشد بن سعيد المعولي الأفوي: فلعظم فضيلة هذا الفن في الشرع، وشدة الحاجة إليه من جميع الخليقة في الأصل والفرع، دعتني الرغبة في تجديده.

وهذه الإبرازة تمثلها النسخة رقم 32 بمكتبة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتى العام للسلطنة.