صحافة

أزمة ثقة تتسبب في إقالة وزير الدفاع

06 مايو 2019
06 مايو 2019

في الوقت الذي لم تلتقط فيه الحكومة البريطانية أنفاسها حول أزمة البريكست، أصيب بأزمة جديدة تسبب فيها وزير الدفاع، غافين ويليامسون، الذي أقالته رئيسة الوزراء تريزا ماي من منصبه الذي ظل يشغله منذ العام 2017، وذلك على اثر فضيحة تسريبه معلومات أمنية نوقشت في اجتماع سري لمجلس الأمن القومي البريطاني في 23 أبريل حول الموافقة على مشاركة شركة «هواوي» الصينية لإنشاء شبكة الاتصالات البريطانية من الجيل الخامس (5G) رغم وجود تحذيرات أمنية من واشنطن بالاشتباه في تجسس «هواوي» لحساب بكين.

وذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» سابقا أن إدارة تريزا ماي تحاول الكشف عن هوية وزير أفشى معلومات لوسائل الإعلام، عن موافقة لندن على مشاركة «هواوي» في إنشاء شبكة (5G). وأن المسؤول عن إفشاء المعلومة ستتم إقالته بغض النظر عن منصبه في الحكومة. وبدأت التحقيقات بالفعل في 26 أبريل، بعد نشر الصحيفة تقريرا أشارت فيه إلى المخاطر المحتملة للأمن القومي البريطاني بسبب الصفقة مع الشركة الصينية. وذكرت الصحيفة أن ويليامسون قد أقيل خلال مواجهة «غير عادية» مع رئيسة الوزراء، وأنه صرح للصحيفة بقوله عن ماي: «لقد أصابت الشخص الخطأ».

وفي رسالة مكتوبة وجهتها ماي إلى ويليامسون قالت فيها «إن أدلة دامغة تشير إلى مسؤوليتك عن الكشف غير المصرح به عن المعلومات.. ولم يتم تحديد أي تفسير آخر ذي مصداقية لهذا عن التسريب.. وهذا أمر خطير للغاية.. ومن الضروري أن تكون ثقتي مطلقة في أعضاء حكومتي ومجلس الأمن القومي.. وخطورة هذه المسألة وتداعياتها على عمل مجلس الأمن القومي والمصلحة الوطنية للمملكة المتحدة، تبرر الخطوات الجادة التي اتخذناها، وتبرر ردا جادا على نحو مماثل».

وقامت ماي بتعيين بيني موردونت (46 عاما) وزيرة للدفاع خلفا للوزير المقال غافين ويليامسون، وهي من المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست).

ونشرت معظم الصحف صورة لويليامسون وهو يغادر مقر رئاسة الوزراء بعد إقالته من منصبه مصحوبة بالتقارير والتحليلات السياسية. صحيفة «ديلي ميل» نشرت صورة لتريزا ماي وويليامسون وجها لوجه مع عنوان رئيسي يقول: «أنت مطرود... لم أفعل ذلك»، والعنوان يحمل في طياته العقوبة وهي الطرد، ومحاولة تبرير الذات من جانب ويليامسون.

وقالت الصحيفة إن غافن ويليامسون يواجه خطر إجراء تحقيق جنائي في أعقاب «إقالته المثيرة». وأنه أقسم «على حياة أطفاله» خلال مقابلة استثنائية مع ماي بأنه لم يسرب أي معلومات لوسائل الإعلام عما دار في اجتماع مجلس الأمن القومي. وعلق بقوله: «لقد أقالت رئيسة الوزراء للتو شخصاً غير مذنب»، مدعياً ​​بأنه «أخرجها من عدة مطبات» سابقا.

وفي مقال تحليلي كتبه بيتر أوبورن للصحيفة أشار فيه إلى انه يجب إجراء تحقيق جنائي، فليس هناك جريمة أكثر خطورة من تسريب الأسرار.

وذكرت صحيفة «ديلي ميرور» أن الدعوات من قبل الشرطة كانت تتزايد لإجراء تحقيق فيما إذا كان وليامسون قد انتهك قانون الأسرار الرسمية.  كما أشارت إلى أن ويليامسون نفى في بيان نشره على «تويتر»، أن يكون له أي دور في تسريب المعلومات بشأن شركة «هواوي» الصينية. وقال في رسالة إلى رئيسة الوزراء تيريزا ماي: «أنفي بشدة الضلوع بأي حال في هذا التسريب وأنا على ثقة من أن تحقيقا وافيا ورسميا كان سيبرئ ساحتي». ووصفت الصحيفة إقالة ويليامسون بأنها جاءت بمثابة مفاجأة، ليس لأنه «لم يكن أحد المشتبه بهم المحتملين، ولكن لأن مقر رئاسة الوزراء كان يهز كتفيه عند التسريبات المنتظمة السابقة».

وقالت الصحيفة «إن مقر رئاسة الوزراء في داونينج ستريت لم يقدم دليلاً على أن الوزير ويليامسون كان وراء التسريب، ومن المرجح أن تتعرض ماي لضغوط لنشر الأدلة».

ويعتقد كاتب العمود في صحيفة «ديلي إكسبريس» ريتشارد ماديلي أن مهنة ويليامسون السياسية قد انتهت بصرف النظر عما حدث. حيث كتب في عموده بالصحيفة يقول: «فعندما يصفك رئيس الوزراء بالكاذب المسرب أساسا، فالأبواب المتعددة تفتح بهدوء لكن بحزم، وهنا تنقر على زر إغلاق».

وفي المقابل أعرب غافين ويليامسون، عن تفاؤله بنتائج تحقيق أمني يجري في حقه على خلفية هذا الحادث، حيث قال في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز»: «عندما يحصل رجال الشرطة على مفكرة الصحفي، سيتضح منها أنني لم أقل شيئا ووقتها سأتقبل من رئيسة الوزراء اعتذارات ستفرحني أكثر بكثير من الرسالة الأخيرة التي بعثتها لي».

وتقول صحيفة «آي» إن نواب حزب المحافظين أصيبوا بالصدمة بسبب قرار إقالة وزير الدفاع غافين ويليامسون بدون تقديم أدلة على قيامه بتسريب معلومات حول المناقشات السرية لمجلس الأمن القومي.

وفي تطور لاحق ذكرت صحيفة «الجارديان» أن نيل باسو، رئيس العمليات الخاصة في شرطة لندن أعلن أن ويليامسون لن يواجه اتهامات جنائية، فالتسريب لم يضر بمصالح الدولة بقدر يسمح باعتباره انتهاكا للقانون.

غير أن صحيفة «صاندي تايمز» أشارت إلى سبب آخر لإقالة ويليامسون وهو تطرقه إلى مرض تيريزا ماي، ورغبته في إرسال قوات بريطانية إلى الخارج. حيث تقول الصحيفة إن ماي علمت بتصريحات ويليامسون التي أدلى بها خلال المكالمات الشخصية له مع زملائه من أنها أصبحت بسبب مرض السكري غير قادرة على تنفيذ التزاماتها كرئيسة للوزراء ويجب أن تغادر منصبها. غير أن ويليامسون رفض هذه الاتهامات.

ويؤكد عدد من مساعدي ماي ان ثقة ماي بويليامسون تزعزعت جراء سعيه إرسال القوات البريطانية إلى الخارج، حيث أشارت الصحيفة إلى أن ويليامسون رد بقوة على رفض ماي السماح له بإرسال السفن الحربية البريطانية إلى المياه الصينية في بحر الصين الجنوبي، كما أنه كان ينوي إرسال القوات البريطانية إلى 5 دول إفريقية على الأقل بما فيها زيمبابوي ونيجيريا وكينيا ومصر، بحسب وثيقة تابعة لمجلس الأمن القومي، حصلت الصحيفة على نسخة منها.