1212565
1212565
المنوعات

هجمات بولسنارو على أراضي السكان الأصليين في البرازيل تهدد أحراش الأمازون

05 مايو 2019
05 مايو 2019

أبيتيريوا، «د.ب.أ»: بمنظر يبعث على الاحترام، يحمل محاربان من قرية باراكانا، التي تقع في حوض الأمازون، في أيديهم أقواسا وسهاما مزينة بالريش متطلعين للأمام. هذا الاحترام هو ما يبحثان عنه. فهما منذ بداية اليوم إلى نهايته، يواجهان المزيد والمزيد من المتسللين إلى محمية أبيتيريوا الخاصة بالسكان الأصليين، في ولاية بارا بشمال البرازيل، سواء من المنقبين عن الذهب أو الحطابين أو كبار المزارعين الذين تجذبهم الأرض وثرواتها فيأتون إليها سعيا للاستيلاء عليها.

يجلس المحاربان في مقدمة القارب الذي ينساب بسرعة وخفة على صفحة في نهر شينجو. هذا هو المنصب أو المكانة التي يشغلانها في المؤسسة الوطنية الهندية، وهي وكالة حكومية برازيلية مسؤولة عن حماية السكان الأصليين، حيث يذهبون إلى هناك للإبلاغ عن حالات جديدة لغزو أراضيهم.

إن ظاهرة الاستيلاء على الأراضي، الغنية بالمواد الخام، في حوض الأمازون الضخم، ليست بالجديدة على أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، التي يبلغ تعداد سكانها 215 مليون نسمة. ساهمت فيها كذلك المشروعات التي أطلقتها حكومات سابقة خاصة الديكتاتورية العسكرية (1964 – 1985) مما جعل آلاف من السكان الأصليين وغيرهم من التجمعات السكانية ينزحون من أماكن أجدادهم الأصلية.

لكن بعد فوز اليميني جاير بولسونارو وانتخابه رئيسا للبرازيل في أكتوبر من عام 2018، اتخذت خطط التنمية الاقتصادية لرئة العالم الخضراء، أبعادًا أخرى بشكل مفاجئ. فعندما كان نائبًا، كان بولسونارو يرى أن المحميات الأصلية كبيرة للغاية. وفي حملته قال العسكري الأسبق أنه لا يريد أن يمتلك السكان الأصليون «شبرًا إضافيًا» من المحميات وأنه سيتحقق مما يطلق عليه أراضي السكان الأصليين، التي تشغل في رأيه خمسة عشر بالمائة من أراضي البلاد.

فهم الكثير تلك الكلمات على أنها إذن أو تصريح لهم، وشعروا بتشجيعهم لاستغلال واستثمار المزيد من الموارد الطبيعية. فازداد معدل إزالة الغابات من منطقة الأمازون حتى خلال أشهر حملته الانتخابية.

أثار هجوم بولسونارو قلقا دوليا، باعتبار حوض الأمازون الممتد عبر العديد من البلدان، ذا أهمية عالمية لقدرته على امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتقع معظم أجزاء منطقة الأحراش هذه في البرازيل، التي هي وفقا للصندوق العالمي للطبيعة تعد مساحة أكبر من مساحة أوروبا الغربية.

ويقول لويس دي كامويس ليما بوافنتورا، المدعي العام للإقليم المحيط بمدينة سانتاريم في ولاية بارا: «والجديد بالنسبة لهذا الموقف أن الوظائف المخصصة للحماية والسيطرة فقدت تأثيرها» فقد كان الإجراء الأول والملحوظ بشكل كبير لبولسونارو بعد توليه الحكومة في الأول من يناير هو نزع سلطة إنشاء محميات هندية أصلية جديدة عن الصندوق العالمي للطبيعة وإسنادها إلى وزارة الزراعة.

ربما يغنى اللوبي الزراعي بالنصر ولا سيما من يقومون بزراعة الصويا ويحتاجون لمزيد من أراضي هذا البلد الضخم الذي يحتل ما يقرب من خمسين بالمائة من مساحة أمريكا الجنوبية. تسبب بولسونارو في حالة من الجدل واضطرابات أثناء حملته من خلال خطابات الكراهية ضد المثليين والنساء والمنحدرين من أصل إفريقي، إلا أن غضب الكثير من الناخبين من انتشار الفساد بين السياسيين وتزايد العنف أصله إلى الفوز.

أما الآن وفي خضم الكساد الاقتصادي والتساهل في حيازة الأسلحة بشكل قانوني إلى جانب أُولى فضائح حزبه الاجتماعي الليبرالي، فقد حصل بولسونارو على أسوأ مستوى تقييم منذ عام 1990 لرئيس في ولايته الأولى. ووفقا لاستطلاع رأي قام به معهد (داتافولي) بعد مرور المائة يوم الأولى من إدارته جاء التقييم لبولسونارو وحكومته سلبيا بنسبة ثلاثين بالمائة.

يؤكد ماركوس لونينج، المسؤول السابق عن حقوق الإنسان في الحكومة الألمانية، موضحا للشركات التي تستثمر في الخارج وضع حقوق الإنسان في البرازيل، بقوله: «نلاحظ، كما هو الحال الآن، أن الحقوق التي تم إرسائها في دستور 1988 تتراجع وتنحسر الواحد تلو الآخر».

حيث كفل ذاك الدستور، الذي عاد بالبرازيل إلى الديمقراطية، لأكثر من 300 تجمع من شعوب السكان الأصليين وعلى نطاق واسع، الاحتفاظ بثقافتهم والأماكن التي يعيشون فيها. إلا أنه على كل من أحفاد العبيد المجلوبين من القارة الأفريقية وسكان ضفاف نهر الأمازون أن يشعروا، الآن وأكثر من أي وقت مضى، بالخوف على موطنهم وبيئتهم في الأمازون. وفي خضم الصراع على الأراضي يُحذر جوثيلينو أوليفيرا فارياس من هيئة الأراضي الرعوية، وهي منظمة تابعة للكنيسة الكاثوليكية في البرازيل، طالما تلاعبت بسندات الملكية.

ويقول المدعي العام لكاميوس ليما بوافينتورا: «إن المستفيد الأكبر من الاستيلاء على الأراضي هم في الأساس أصحاب الشركات والمشروعات وكبار المزارعين وجزء صغير جدا من السكان». ويجلب هذا الوضع معه الكثير من العنف والجرائم وتدمير العائلات وأضرار البيئة الفادحة، ويمكن أن يكون لأوروبا دورها المؤثر بشكل كبير انطلاقا من كونها مستوردا كبيرا للأخشاب. فيؤكد المدعي العام: «أحد الحلول يتمثل في إيلاء الشركات المزيد من الاهتمام لما إذا كانت المنتجات قد تم تصنيعها بشكل قانوني أم لا».

وها هو قارب براكنيا يصل إلى موقع الصندوق العالمي للطبيعة بعد عدة ساعات من السفر دون تقديم أي شكاوى. ويرى كاواريه باراكنيا، أحد المتحدثين باسم السكان الأصليين: «إن رئيس الصندوق العالمي للطبيعة يعلم الوضع جيدا»، مضيفا بحزن: «الصندوق لا يتخذ أي إجراء بسبب الحكومة الجديدة، لقد كان الوضع فيما مضى مختلفا». وفي أثناء عودته إلى بلدته، يصعد فرد آخر من السكان الأصليين إلى أحد أطواف المنقبين عن الذهب والتي تلوث النهر بالزئبق، ويطلب منهم كاوريه باراكنيا مغادرة الأراضي. وبسؤاله: «ماذا إن بقوا؟» فجاء برده: «حسنا سأطلب منهم ثانية غدا فما عليهم إلا أن يختفوا».