1208536
1208536
المنوعات

زاهر العبري: هناك ترابط سببي وتآخ علمي بين الفكر والحضارة

01 مايو 2019
01 مايو 2019

على طاولة حوار تطرح «الفكر والحضارة الإسلامية» -

كتبت: بشاير السليمية -

بطرح سؤال «من كان نتيجة من؟ الحضارة نتيجة الفكر أم الفكر نتيجة الحضارة؟»، ابتدأت الجلسة الحوارية التي أقامها مركز السلطان العالي للثقافة والعلوم صباح أمس بمرتفعات المطار، مستضيفا المكرم الشيخ زاهر العبري على طاولة الحوار الذي قابله فيها الإعلامي أحمد الكلباني حول «الفكر والحضارة الإسلامية».

وحول مصطلح الفكر يقول العبري إن الفكر هو الذهن الإنساني في عالم المعنويات أو المعاني للوصول إلى البراهين، فالفكر نشاط ذهني يتصل بعالم المعاني حيث يجهد العالم فيه طاقته ليتمكن من المعلول بعلته، والفكر الإسلامي يطلق عليه فكرا من حيث اجتهاد الإنسان في استنطاق وحي الله ليستنتج الدلالات من هذا الوحي.

وعودة إلى الفكر ثمرة الحضارة أم الحضارة ثمرة الفكر، يقول العبري إن هناك ترابطا سببيا وتآخيا علميا بين الفكر والحضارة فالفكر هو الأساس الذي ينتج الحضارة؛ لأن الحضارة بحد ذاتها لا تتجاوز كونها حصيلة تفاعل الإنسان مع الحياة، وإذا كان هذا التفاعل صالحا ورشيدا جاءت الحضارة بعد ذلك رشيدة أيضا.

وحول الفكر وكونه مزيجا من مجموعة من الأسس والمنابع الأساسية له، أشار العبري إلى أن أهم الأسس لأي حضارة هو الفكر الذي يمكن أن يعبر عنه كمنهج تصور لحقيقة الحياة والإنسان والكون، وحول ملامح الحضارة الإسلامية فقد عدد العبري جوانب وأبعاد عدة منها: الجانب الاجتماعي الذي ينص على أن الإنسان اجتماعي بفطرته ومتصل بالحياة بداية من الأسرة، ويضيف العبري أن الاجتماع في الإسلام له خصائص، فإنه ينبني على العدالة وإشاعة الحرية، كون الإسلام أتى معززا للحرية التي تولد طبعا مع الفرد.

أما الجانب الاقتصادي باعتباره مكونا منى مكونات الحضارة الإسلامية، أوضح العبري أن الاقتصاد عصب الحياة، والمال تقضى به مآرب الحياة، وأن الإسلام معني بهذه الطبيعة، وراعى حق الإنسان في حب المال إلا من صنوف من المحرمات، مضيفا أن الإسلام احترم الملكية الخاصة للإنسان، حيث شرع قطع يد السارق التي تمتد وتتعدى حقوق وممتلكات الآخرين، وأن الأموال في الإسلام معصومة ومعتنى بها بالشكل الذي تهذب معه سلوك الإنسان تجاهها، ومنها تطرق العبري للحديث عن المال ببعد إسلامي وذكر من جوانبه الزكاة والصدقات لما لها من أثر في الإسلام، وعرج إلى تنظيم المال في الإسلام والأمثلة عليه، وحول المال العام الذي قد يعتبر غنيمة من قبل البعض.

وحول البعد السياسي ومصطلح الإسلام السياسي، قال العبري إن الإسلام دين، والدين كما فهمه العلماء فهو وضع إلهي سائق ، فالإسلام سياسة الله في خلقه شملت الإنسان روحا وعقلا وجسدا، مؤكدا على أن هناك اختلاطا في المفاهيم وأن الإسلام هو السياسة العليا والسياسة الرحيمة، وأن هناك من يستخدم الإسلام أو الدين وسيلة للوصول لمآربه وجعله وعاءً ينفث فيه السموم.

وحول الفكر الإسلامي والنقد، أشار العبري إلى أن الإسلام لا يقبل بالمسلم غير الناقد، بل حث على التفكير لا الانقياد الأعمى، وأن الإنسان إذا لم يكن له برهان فسيكون إمعة وأن عليه أن ينتصر انتصارا مطلقا للبرهان الذي لديه، ويكيف الأوضاع تبعا لبرهانه.

وفي الحديث حول الفكر الإسلامي وأصوله بين الثبات والتغير، يشير العبري إلى أن التغيير قد يكون تغييرا للأفضل ومن الطلاح إلى الصلاح، وهذا ما يرغب به الإنسان بفطرته ولما أراده الله من خير للعباد، وأضاف أن الفكر الإسلامي إذا ما اعتبر تراكما قيميا فإن هناك أصولا ثابتة له منها العقيدة والعبادات، وخلص بالقول إن الشريعة الإسلامية ثابتة وتكييف الوقائع لينزل عليها الحكم لا يعني أن الشريعة متغيرة.

وحول الخصائص الثقافية لكل حضارة يؤكد أنها خصائص تميز كل أمة لذاتها، وهي ما تجعلها متنقلة ومؤثرة ومتأثرة ومفيدة ومستفيدة، أما مستقبل الفكر الإسلامي يشير العبري إلى ضرورة التغيير والتكيف وتكييف الخطاب والدعوة إلى دين الله، موجزا ذلك بقوله الفكر الإسلامي في عظمة الإنسان.

وفي ختام الجلسة سلط العبري الضوء عقب سؤال الكلباني حول إسهامات عمان والعمانيين وما قدموه للحضارة الإسلامية، مؤكدا على أن العمانيين ذبّوا عنها بدمائهم ونادوا بدين الله في أرض الله.

وناقش الحضور علاقة الفكر بالحضارة ما إذا كانت علاقة جزء من كل أو سببية، إضافة إلى البداية الزمنية لتشكل الحضارة وما إذا كانت تشكلت منذ البعثة أم الهجرة، والعامل النفسي في التأثير على مصطلح الحضارة، وما إذا كانت الحضارة مجرد دروس في التاريخ في مناهج مدارسنا.

والجدير بالذكر أن المكرم الشيخ زاهر العبري عضو بمجلس الدولة، تولى مناصب عدة بدءا من سكرتارية أوروبا والأمريكتين بوازرة الخارجية، ومديرية الشؤون الإسلامية بوزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، ومديرا عاما للمحاكم الشرعية وعضوية مجلس الدولة لفترتين، ووكيلا لوزارة العدل. وهو حاصل على بكالوريوس في الحقوق، وله العديد من البحوث العلمية في جامعة آل البيت والكثير من الندوات والمشاركات.