humdah
humdah
أعمدة

القيادة بإنسانية

28 أبريل 2019
28 أبريل 2019

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

لا شك أن أحد أصعب المهام المتعلقة بالقيادة هي مواجهة الموظف بأدائه المتدني، وأسوأ من ذلك قرار إنهاء خدماته، إلا أنه ومع مرور السنوات والتمرس يصبح الأمر أكثر سهولة، وقد يصل إلى أن يعتاد المرء على نقل هذه الأخبار بدم بارد، أمر قد يفقد القائد الجانب الإنساني في التعامل مع الموظف مع التمرس ومرور الوقت، في وضعنا يأخذ أمر كهذا بعدا أكبر حيث العلاقة لا تنتهي بخروج الموظف من حدود المؤسسة، فعمان صغيرة جدا، والعلاقات متشابكة، فالموظف هذا جار وابن عم وقريب ربما، وهذا يجعل عملية التغذية العكسية أكثر حساسية.

لاشك بأن على كل قائد أن يعطي تغذية مرتدة، فهذا واجب ومسؤولية تفرضها الوظيفة، شريطة -وفقا لدانيل جولدمان صاحب كتاب الذكاء العاطفي في مقال نشر على لينكدان- أن تعطى هذه التغذية المرتدة في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة، والسبب المناسب أيضا، وهذه مهارة يحتاج القائد أن يتمرس عليها، لأن تكرار انتقاد أداء الموظف يجعله دفاعي، أو يؤدي به إلى أن ينغلق على نفسه، لذا ينصح الكاتب بأن يتم المزج بين التحفيز والتشجيع والنقد البناء الذي يكون له تأثير أفضل على أداء الموظف، ومعنوياته على حد سواء، إذ ان الإنجاز وحده غير كاف لقياس الأداء، فقد يؤدي الموظف بشكل جيد على المدى القصير، بعد مواجهة عنيفة من المسؤول، أو إجراء إداري صارم، لكن هذا الأداء لن يستمر في حال انخفضت معنوياته بسبب النقد القاسي المستمر.

فضلا عن أن النقد القاسي المستمر يؤثر على العلاقات الإنسانية بين الموظفين على المدى الطويل، وعلى الولاء المؤسسي للموظف.

الأداء المستمر بحاجة إلى جرعات من التعاطف، التي تجعل الموظف يشعر بأن المؤسسة تهتم به، وتقدر ظروفه، خاصة إذا كان مشهودا له بالكفاءة والالتزام وتدهور أداؤه بشكل مفاجئ، من الجميل أن يشعر الموظف في هذه الحالة أن المؤسسة تتفهم ظروفه، وتدعمه، جميعنا بشر في النهاية، وتمر على المرء منا ظروف إنسانية وربما نفسية ليس بالضرورة أن نفصح عنها، كلمة طيبة وسؤال عن الحال من مسؤول هو كل ما نطمح له في ظرف كهذا، وهذا ما علمنا إياه القرآن الكريم في سورة آل عمران (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، نحتاج لتذكرها كمسؤولين عن موظفين تحت إدارتنا، لأن الانهماك في العمل، والضغوطات الناتجة عن المسؤولية، تشغلنا أحيانا عن هذا الجانب المهم جدا من مهام وظائفنا للأسف الشديد.