أفكار وآراء

إيران والنفط والضغوط الأمريكية

28 أبريل 2019
28 أبريل 2019

راي تاكيه/ مجلس العلاقات الخارجية -

ترجمة: قاسم مكي -

مرة أخرى، تشدد الولايات المتحدة من ضغوطها على إيران بإعلانها عن خطط تستهدف وقف منحها إعفاءات عن فرض عقوباتها على القلة القليلة من البلدان التي لاتزال تشتري النفط الخام الإيراني المدرج في قائمتها السوداء.

يشكل هذا الإعلان أهم خطوة تتخذها الإدارة الأمريكية حتى الآن في سياق استراتيجية «ذروة الضغط» التي تتبناها حاليا ضد إيران.

وعلى الرغم من أن هذا التحرك الأمريكي سيتسبب على الأغلب في المزيد من الآلام الاقتصادية لإيران إلا أنه لا ينبغي توقع رد فعل يؤبه له من جانبها تجاهه.

لقد وضعت إدارة ترامب سياستها المتشددة هذه بقصد إنهاء ما أسمته «التصرفات المقوضة للاستقرار في المنطقة من جانب إيران».

في مايو 2018، سحب ترامب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي تمثل الاتفاق النووي الذي تفاوضت بشأنه مع إيران إدارة باراك أوباما إلى جانب قوى رئيسية أخرى.

لقد حذر معارضو (الموقف الأمريكي) من أن إيران ستصعد بسرعة من أنشطتها النووية. وفي رأيهم أن الولايات المتحدة ستعزل نفسها بفشلها في دفع البلدان الأخرى إلى الانضمام إليها في تطبيق نظام عقوباتها ضد إيران.

رغما عن ذلك يستمر تطبيق الاتفاق النووي ببطء فيما وضعت عدة شركات أوروبية في حسابها العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها بصرف النظر عن معارضتها من جانب الاتحاد الأوروبي.

منذ إعادة الولايات المتحدة تطبيق العقوبات النفطية في نوفمبر انخفضت مبيعات النفط الإيراني إلى النصف عند مستوى متدن بلغ 1.5 مليون برميل في اليوم، حسبما يقول المسؤولون الأمريكيون. واستمرت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا في شراء النفط الإيراني بموجب الإعفاءات التي منحتها لها الولايات المتحدة. وباستثناء الصين من المرجح أن تتقيد هذه البلدان بالعقوبات الأمريكية عندما ينتهي سريان أمد هذه الإعفاءات في الثاني من مايو.

ثم جاء التصنيف غير المسبوق من جانب الولايات المتحدة لقوات الحرس الثوري الإسلامي في إيران كمنظمة إرهابية أجنبية. مرة أخرى أكد معارضو هذه الخطوة أن من شأنها دفع إيران إلى القيام برد انتقامي. لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.

ومن المرجح أن تتواصل سلسلة النجاحات التي تحرزها إدارة ترامب مع احتمال اتجاه معظم البلدان التي تشتري نفط إيران إلى بدائل أخرى. ربما ستظل الصين الزبون الوحيد للنفط الإيراني. بل حتى الصين غالبا ما ستقلص مشترياتها منه على الأقل، وذلك كإشارة إيجابية (قبول) منها للولايات المتحدة.

الآن تواجه الولايات المتحدة وإيران خيارات خطرة. لقد انصاع الآخرون (المستوردون) لإستراتيجية إدارة ترامب العقابية لكن على الحكومة الأمريكية أن تضع في بالها توتر أسواق النفط العالمية. لقد التزمت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بزيادة الإنتاج. إن الزيادات الفعلية هي فقط التي ستطمئن الأسواق. وستشكل الصين اختبارا للولايات المتحدة فيما يعكف البلدان في الأثناء على استكمال اتفاق تجاري بينهما. هذا الواقع سيفرض في الغالب قيودا على كلا الجانبين. فالولايات المتحدة ستكون أقل ميلا لفرض عقوبات على الصين وستكون الصين أقل ميلا لشراء حصة كبيرة من النفط الإيراني.

تواجه إيران المزيد من التحديات فيما هي تناطح إدارة ترامب التي عزز نجاحها من ثقتها. ففي كل خطوة في هذا المسار (الصدامي بين البلدين) أطلقت إيران تهديدات لم تنفذها. لقد وعدت بزيادة أنشطتها النووية بل حتى بالتخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في حال تخلي الولايات المتحدة عنها. لكنها لاتزال ملتزمة بهذا الاتفاق.

في هذه الأثناء من المعتقد أن تجارة ايران، التي تقلصت سلفا، ستتلقى مزيدا من الخسائر.

وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي هذا الربيع ستواجه إيران نموا سلبيا لاقتصادها (ناتجها المحلي الإجمالي) بنسبة 6% خلال العام الحالي.

حتى الآن قرر المسؤولون الإيرانيون تحمل آلام العقوبات والانتظار حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020 بأمل أن يخلف ترامب رئيس ديموقراطي أقل تشددا.

غالبا ما ستتمسك طهران بهذه الإستراتيجية لأنها تملك خيارات قليلة في الرد على العقوبات الأمريكية. فتخليها عن الاتفاق النووي لن يخفف من الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها. لذلك في الغالب سيواجه هذا الاستفزاز الأمريكي الأخير بأحاديث عالية الصوت من جانب طهران ولا شيء أكثر من ذلك.

• الكاتب زميل أول دراسات الشرق الأوسط

بمجـــلس العلاقـــــــات الخارجية الأمريكي