أفكار وآراء

الوظيفة بين الاستحقاق والمحسوبية

27 أبريل 2019
27 أبريل 2019

سالم بن سيف العبدلي / كاتب ومحلل اقتصادي -

رئيس أو مدير أي مؤسسة يقع على عاتقه مهام ومسؤوليات كبيرة فهو من يتخذ القرارات الاستراتيجية كما أنه هو الموجه والذي يعطي التعليمات وهو الآمر الناهي في كل صغيرة وكبيرة تخص المؤسسة التي يديرها أو يشرف عليها، لذا فإن اختيار الرئيس المناسب والكفء يعتبر من أهم الأمور التي تخضع لاعتبارات كثيرة ومتعددة فلا بد من توخي الدقة والحرص والمسؤولية في اختيار القيادات التي تدير العمل في أية مؤسسة عامة أو خاصة من أجل الرقي بها وتطوير أدائها والوصول بها الى بر الأمان.

الرئيس او المدير هو بمثابة ربان السفينة الذي يدير دفتها فإما ان يكون ربانا بارعا وماهرا وبالتالي يوصلها الى بر الأمان أو انه يكون فاشلا وبالتالي يوصل هذا السفينة الى مهب الريح، من هنا فإن خبراء الإدارة والاقتصاد يعتبرون نجاح أي مؤسسة انعكاسا لنجاح إدارتها وقيادتها فإذا كانت الإدارة ناجحة فإن أداء المؤسسة سوف ينجح والعكس صحيح.

هناك معايير وأسس يتم مراعاتها عند اختيار القيادات والشخصيات التي ينسب إليها دائما النجاح في أي مؤسسة في الدول المتقدمة من اهم تلك المعايير القيم والمبادئ الأخلاقية والتي تقوم على الخبرة الفنية والإدارية والعملية إضافة الى القيم المتعلقة بالسلوك الشخصي والمهارات المهنية المتمثلة في الفهم والتعليم والمهارات فاختيار المنصب لا يخضع لمعيار المحسوبية والواسطة والمصالح الشخصية والمعرفة فهذه الصفات لا تخدم المؤسسة في أي شيء.

وهناك اختبارات وبرامج إلكترونية متخصصة حاليا يمكنها تحليل شخصية المتقدم للوظيفة من خلال معادلات مدروسة بعناية تامة تستطيع ان تحكم على الشخص إن كان جديرا بالوظيفة أم لا وهل يمكنه قيادة المؤسسة بنجاح حيث ان بعض المديرين يشكلون عبئا على الشركة ولا يضيفون إليها أي قيمة.

في العديد من الدول النامية لا ينظر الى المبادئ العلمية المتعلقة باختيار الكفاءات وإنما هناك اعتبارات أخرى تسبق هذه الصفات والتي تتمثل في الواسطة والمحسوبية والمعرفة الشخصية والمصالح المشتركة التي تكون بين صاحب السلطة والمترشح أو المرشح للمنصب إضافة الى الثقل الاجتماعي والذي يكون في مرات عديدة له دور في الاختيار فكل هذه المعايير غير الأخلاقية هي سبب من أسباب فشل المؤسسات والوحدات فهذه الجهات تتجاهل المبادئ المتعلقة بالعلم والمعرفة والخبرة والكفاءة الإدارية وهذا للأسف الشديد ينطبق على جميع المستويات الوظيفية الإشرافية العليا والمتوسطة.

من كان اختياره على أساس المحسوبية والواسطة والأمور الشخصية فإن مصيره الفشل والتقهقر وسوف تتراجع مؤسسته إلى الخلف ولا تستطيع تحقيق إنجاز بل انه هو نفسه سوف يواجه مشكلة عندما يتخلى عنه الشخص او الجهة التي اعتمد عليها في الوصول الى المنصب او الوظيفة وجعلت منه قياديا دون ان تنطبق عليه مواصفات القائد الناجح هذا النوع من المسؤولين تجدهم يستندون على اذرع قوية وفاعلة فبمجرد ما تقع او تتخلى عنهم لا يستطيعون الاستمرار ويقعون مباشرة فريسة لأصحاب النفوذ ولا يقدرون على تدبير انفسهم او اتخاذ قراراتهم الفردية المستقلة بل ان العديد من هؤلاء لا يكنون انتماء كبيرا لمؤسساتهم وينظرون فقط لتحقيق مصالحهم الشخصية والحصول الى مكاسب خاصة.

أثبتت الحقائق والقرائن ان اغلب قضايا الفساد والسرقات والاختلاس والنصب والاحتيال يقوم بها أولئك الذين شغلوا مناصب قيادية حساسة في مؤسسات عامة وترك لهم الباب على مصراعيه فاختلط الحابل بالنابل فعندما يوضع مثل هؤلاء المسؤولين على قمة هرم المؤسسة فعلى تلك المؤسسة السلام لأن هؤلاء الأشخاص تعتمد عليهم في توجهاتها وفي قراراتها وفي إدارة فريق العمل بالمؤسسة.