1197892
1197892
المنوعات

«سفينة صحار» تمخر معرض «السفر عبر طريق الحرير»

21 أبريل 2019
21 أبريل 2019

«الشارقة القرائي» يستعرض إبداعات الأطفال الأدبية العالمية -

الشارقة - ماجد الندابي -

وأنت تقف أمام مجسمات الجمال «سفن الصحراء» المحملة بالبضائع والأمتعة وهي تمخر عباب الرمال، وتقطع السهول والأودية بغية الوصول إلى وجهتها التجارية، تستذكر الرحلات التاريخية التي قام بها الأجداد في رحلاتها التجارية في سفرهم عبر طريق الحرير وهذا ما أتاحه معرض الشارقة القرائي للطفل في دورته الحادية عشرة، حيث قام بتجسيد هذه الرحلات في معرض يضم العديد من الأدوات والمجسمات والشاشات التفاعلية، والبضائع التي كان ينقلها التجار عبر رحلاتهم التي تقطع هذا الطريق الشهير الذي تشير بعض المصادر إلى وجوده منذ القرن الثاني قبل الميلاد.

وبعد تجوال في أركان هذا المعرض، وبعد أن تنتقل من زاوية لزاوية وصولا إلى بغداد عاصمة الحضارة الإسلامية مطلعا على أبرز علمائها وما قدموه للحضارة الإنسانية من علوم في الطب والفلك وغيرها من المعارف الإنسانية، فإنك ستقف طويلا لتتلمس السفينة القابعة في هذا الركن.

تلك هي سفينة صحار التي صنعت على طراز الشكل التقليدي لسفن «الداو» وهذا المجسم الموجود في هذا المعرض هو نسخة طبق الأصل لسفينة صحار التي أهدتها حكومة السلطنة إلى المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في واشنطن. وكانت هذه السفينة تستخدم في الرحلات البحرية والتجارية، وهي سفينة شراعية خفيفة الوزن، بشراع مثلث الشكل مدعوم بشريط قطري متصل بالصاري، ويتميز هذا الابتكار الشرق أوسطي بقدرة على الإبحار عبر الريح. وكانت تستغرق في رحلتها من بغداد إلى الصين 6 أشهر إلى سنة، وتقطع حوالي 9 آلاف و600 كيلومتر، وهي أسرع بكثير من السفر برا والذي قد يستغرق عاما كاملا، على الرغم من مخاطر التعرض لهجمات القراصنة، والعواصف المدمرة، إلا أن التجارة البحرية تفوقت في الأخير على تجارة القوافل.

وقد استخدم البحارة العمانيون والعرب آلة الكمال لتتبع المسير في السفر شمالا أو جنوبا، وهي أداة بسيطة تتكون من حبل معقود، يمتد عبر ثقب في قطعة خشبية مستطيلة، كل عقدة تقابل خط عرض ميناء معروف، ويقوم البحار بإمساك الخيط بأسنانه عن طريق العقدة الأخيرة، ومحاذاة الجزء السفلي من البطاقة مع الأفق، ثم يقوم بزحلقة البطاقة على طول الخيط حتى يحاذي الجزء العلوي النجم القطبي، ويمكن قياس خط العرض الواقعة عليه السفينة عن طريق أقرب عقدة.

ويزخر المعرض بمجموعة من الأجنحة التي تشرح لك بشكل مفصل الحياة التي كان يقضيها المسافرون عبر هذا الطريق وما يرونه من منتجات تزخر بها الصين والبلدان الواقعة على طول خط طريق الحرير، بالإضافة إلى شاشة عملاقة تفاعلية ترسم لك مسار الرحلات في خارطة العالم، وما أهم بضاعة يتم تصديرها إلى أي مدينة.

كما يطلعك المعرض على الطرق التقليدية لصناعة الورق عند الصينيين، وما هي مراحل هذه الصناعة، والأدوات المستخدمة فيها، وكذلك صناعة الحرير بالإضافة إلى صناعة أصباغ الملابس وما هي أهم المدن الصينية التي تنتج ذلك. في زاوية من المعرض ترى جلودا حقيقية للثعالب والأرانب والفهود والنمور وغيرها من الحيوانات التي كانت تعتبر مصدر رزق للتجار الصينيين في العصور القديمة، بالإضافة إلى الزيوت العطرية والأعشاب التي كانت تستخدم في الطب التقليدي الصيني، وكذلك بعض المنتجات الفضية وتشكيلة من الأحجار الكريمة.

يخبرك المعرض أن التجار الصينيين كانوا يحفظون العنب والبطيخ والتين المجفف والفواكه الأخرى في حاويات مصنوعة من الرصاص بعد ملئها بالثلج والجليد المجلوب من الجبال قبل إرسالها على طول طريق الحرير، كما يخبرك أنه عندما وصل الزجاج الذي كان يصنع في بغداد إلى الصين لأول مرة كان الصينيون يعتبرونه أندر الجواهر لصفائه ولمعانه.

المعرض ركز على أربع مدن مزدهرة في ذروة الحركة والتنقل على طريق الحرير وذلك قبل ما يزيد عن ألف عام، وهي مدينة شيان عاصمة الصين القديمة وأكبر مدينة في العالم في عهد سلالة تانج الحاكمة، ومركز تجاري عالمي يجمع شتى الثقافات، ومدينة تورفان الواحة الخصبة التي أدى نظام الري تحت الأرض المتقدم إلى تحويلها وغيرها من المدن وسط آسيا إلى مراكز زراعية مهمة، ومدينة سمرقند المدينة التجارية الكبرى وهي التي تقع اليوم في أوزبكستان، وكانت مركز الحضارة الصغدية التي أدى تجارها دور الوسطاء التجاريين بين الهند والصين وبلاد فارس، ومدينة بغداد مركز العالم الإسلامي والمركز الفكري الذي ازدهرت فيه علوم الهندسة والأدب والطب والرياضيات والفلك والكيمياء وعلم الحيوان والجغرافيا. في ركن صُمِّمَ على شكل سفينة للتعبير عن الإبحار في عوالم إبداع الأطفال الصغار، أقيمت ندوة (شعراء وكتّاب الغد) في مقهى المبدع الصغير، وشارك فيها كل من محمد أمين، ونيل ثوماس فارغيس، وأدار الندوة عمر العبيدلي.

واستعرضت الندوة المواهب المبدعة لاثنين من مشاهير الكتاب الصغار، والظروف التي أسهمت في إثراء تجاربهما اللغوية والكتابية، وما حققاه من إنجازات مختلفة، والوصايا التي يمكن توجيهها من خلالهم للأدباء من الأطفال كي يستطيعوا تسلق سلالم النجاح، وتحقيق طموحاتهم الأدبية المستقبلية.