Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :بين أن تخطط .. وأن تنفذ

19 أبريل 2019
19 أبريل 2019

بقلم: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يبدو أن ثمة مشكلة «فنية» إن تصح التسمية؛ بين التخطيط والتنفيذ، تصل هذه المشكلة إلى مستوى المفارقة الموضوعية ويتضح ذلك في آليات التنفيذ، وفي النتائج المتحصلة من ذلك على الواقع، والذي أقرأه أكثر في هذا الجانب بالذات، أنه لا يوجد توافق منطقي بينهما يعبر أحدهما عن الآخر ويتوافق معه، وهذه الصورة ترافقنا في كل مناخات حياتنا اليومية، فليس معني بها المؤسسات فقط، فحتى نشاطنا اليومي يقع في دائرة الإخفاق في هذا الجانب.

وعندما نطرح التساؤل التالي: هل توجد إشكالية ما ملموسة، أو محسوسة بين التخطيط والتنفيذ؟ لنستقصي إجابته من زوايا مختلفة، فإن ذلك يذهب بنا الى البحث عن الأسباب التي تحول دون تمام هذا التوافق الذي نتحدث عنه في هذه المناقشة، ولنأخذ مثالا بسيطا لاستيضاح الصورة، فلو رغب أحدنا في الذهاب إلى السوق لشراء غرض ما، أ سيعود إلى منزله مشتريا لذلك الغرض الذي خطط له فقط، أم سيشتري أغراضا أخرى، لم يخطط لشرائها أصلا؟ ما يحدث أكثر، أننا- في هذا المثال- في الغالب لن نقتصر على شراء الغرض الذي خططنا لشرائه فقط، فقد نزيد عليه أغراضا أخرى، خاصة إذا كان الغرض المخطط لشرائه هو للاستهلاك اليومي، وقد نتعدى في شرائنا للأغراض الأخرى المضافة أغراضا وسلعا ليست لها علاقة بالغرض أو السلعة المخطط لشرائها منذ البداية.

قد يرى بعضهم أن هذا أمرا عاديا، ولا يثير الانتباه، ولا يبعث على طرح الأسئلة، ولكنه في الحقيقة أمر مهم، لأنه يعكس عدة جوانب سوف تنبني عليه في ذات اللحظة، بالإضافة إلى أنه يعكس واقعا مترهلا في حقيقة التفكير المنطقي والعلمي في التعامل مع مختلف جوانب حياتنا اليومية ومن ذلك: أولا: في مثل هذه المواقف، لا يوجد تخطيط محكم للتعامل مع مختلف مشاريعنا اليومية، وهل شراء غرض ما – استهلاكي؛ أو دائم – يعتبر مشروعا؟ أقول نعم، لأنه سوف نأخذ قيمته من الجزء المدخر أو المخصص لشراء الأغراض اليومية من المال، بينما عند وضع ميزانية المنزل للسلع الاستهلاكية لم يكن ما أضفناه عند شرائنا هذا ضمن الموازنة الموضوعة.

ثانيا: يغربنا هذا التصرف عن القدرة على التحكم في ميزان المصروفات والمدخرات اليومية، أو الأسبوعية، أو الشهرية، وبالتالي لا يستبعد أن نقع في ضائقة مالية مع اقتراب نهاية الشهر، وقد يلجئنا ذلك إلى الاقتراض، أو الاستدانة، وهذا أمر ثقيل على الكثيرين منا، وهو يعكس عجزنا الواضح عن التفكير المنطقي والسليم في إدارة أموال الأسرة.

ثالثا: عندما نقع في مثل هذه الـ «شباك» نقع فريسة للإغراءات الإعلانية أو ما يسمى بـ «التنزيلات» مع أن أغلب التنزيلات «وهمية» وغير حقيقية، وهي كذب وافتراء على المستهلك، وضحك على الذقون.

رابعا: الإدمان على تجاوز التخطيط في سلوكيات التنفيذ، يلبسنا حالة من اللاوعي، لكثير من مجريات حياتنا اليومية، حيث يظل التعامل معها هكذا وفق الفطرة، أو بالمصادفة، وبالتالي تظل كل مشاريعنا مبتورة، وغير مكتملة، ونعود من جديد في كل مرة إلى مربعنا الأول لنبدأ، وهذا يعرقل تقدمنا، ولا يعطينا التفكير نفسه للبحث عن مشاريع أخرى جديدة.

أتصور أن عمليات التنفيذ من أعقد العمليات في التعامل مع الأشياء من حولنا، وليست بهذا التبسيط الذي نسير عليه الآن، ولذلك لو راجعنا الكثير مما تم تنفيذه لتبين لنا أن هناك كما كبيرا من الأخطاء لو تداركناها لكسبنا- في المقابل- الكثير من الجهد، والمال، ولتم استغلال ما تم هدره في مشاريع أخرى هي بمثابة رصيد نوعي نفتخر به، وهذا كله يعكس ألا توافق ما بين التخطيط والتنفيذ.