العرب والعالم

تقرير :أزمــة اللجــوء لا تـزال تقـلق الأوروبيـين

17 أبريل 2019
17 أبريل 2019

باريس «عمان» شربل سلامه:-

على الرغم من تضاؤل نسبي في عدد اللاجئين الواصلين إلى الاتحاد الأوروبي، بخاصة عن طريق البحر، وعلى الرغم من أنَّ وسائل الإعلام الغربية تتجنَّب، منذ حوالي السنة، الخوض بكثافة في مكنونات هذا الموضوع، إلَّا عند حصول كارثة إنسانية على أطراف أوروبا البحرية، تستمر أزمة اللجوء بتشكيل جزء مهم من المواضيع التي تشغل الأوروبيين، بخاصة وأنَّ الأحزاب المتطرفة والشعبوية تضعها في طليعة شعاراتها الانتخابية المحلية والأوروبية على السواء. البعض في أوروبا يتحدَّث عن ضرورة جعل القارة قلعة مضادة للجوء والهجرة، والبعض الآخر يريدها ممرَّا أو مستقرَّاً مؤقتاً، والبعض يريدها انتقائية. هكذا ومنذ اندلاع الحرب في سوريا، انقسمت الحكومات الأوروبية حول الحلول التي يمكن أن تقدمها لحل هذه الأزمة المستعصية.

الاتحاد الأوروبي اليوم على أبواب انتخابات عامة هي الأهم في تاريخ برلمانها الموحَّد، والمفوضية الأوروبية تعيش فترة تصريف الأعمال وسيحصل فيه تغيير هرمي كلّي مباشرة بعد الانتخابات. هكذا وقبل شهر ونصف على التغيير الذي سيحصل على راس المؤسسات الأوروبية الرسمية الكبرى، دعا المكتب الإعلامي للمفوضية الأوروبية في باريس الصحفيين المختصّين بالشؤون الأوروبية المتواجدين أو المقيمين أو العاملين في باريس وفرنسا، إلى لقاء إعلامي مع ناتاشا بيرتو الناطقة الرسمية باسم المفوضية بما يخص قضايا الهجرة واللجوء. حدّدَ اللقاء يوم الثلاثاء الماضي . لكن مساء الإثنين في الخامس عشر من ابريل، احترقت كاتدرائية سيدة باريس وظنَّ البعض أن هذا اللقاء الإعلامي ربما يتأجَّل.

وسائل النقل العام في باريس كانت عملت كالمعتاد لكن ببطء بسبب إقفال طرق ومحطات مترو في وسط العاصمة الفرنسية. هكذا وفي ظل طقس غائم يشبه الحالة النفسية لمعظم الفرنسيين الَّذين آلمهم حريق أحد أهم معالم عاصمتهم، وصلنا إلى مقر ممثلية المفوضية الأوروبية في باريس الواقع بالقرب من مقر البرلمان الفرنسي، وما أن دخلنا قاعة الاجتماع حتى لاحظنا أن اثني عشر صحفياً فقط يتواجدون في القاعة بينما المقاعد المخصصة للصحفيين تبلغ أكثر من ضعفي هذا العدد. الَّذي لاحظناه، هو أن الاهتمام الصحفي بشؤون الاتحاد الأوروبي ليس على المستوى المطلوب. هل كان على مكتب باريس أن يؤجّل اللقاء؟ (ربما كان التأجيل أفضل، ربَّما كان من الأجدى أن يؤجَّل اللقاء، فحتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجَّل إلقاء كلمة كان من المفترض أن يوجهها إلى الفرنسيين مساء الإثنين وكانت مخصصة لعرض سلسلة من القرارات المتعلقة بالشؤون المالية والحياتية للفرنسيين).

الناطقة باسم المفوضية الأوروبية بما يخص قضايا الهجرة واللجوء، ناتاشا بيرتو، تحدَّثت في هذا اللقاء الإعلامي الهزيل الحضور، عن اللجوء والهجرة وفصَّلت كل جوانب هذه القضية سياسياً وإنسانياً، بخاصة تلك المتعلقة بما قامت به المفوضية الأوروبية من تدابير ومقررات وإجراءات بالنسبة لأزمة اللجوء. العنوان العام لهذا اللقاء الإعلامي كان: هل كان الاتحاد الأوروبي على المستوى المطلوب في معالجاته لأزمة اللجوء؟ كرَّرت ناتاشا بيرتو أنَّ المشاكل الأكثر إلحاحًا التي تتطلب جهودًا إضافية هي أولاً: مساعدة المغرب بسبب العدد المتزايد من اللاجئين الوافدين عبر الطرق البحرية في غرب البحر الأبيض المتوسط. ذلك سيتم من خلال متابعة تطبيق برنامج المساعدات البالغة قيمتها 140 مليون يورو، وهي مخصصة لعمليات إدارة الحدود.

ثانياً: تحسين ظروف رعاية اللاجئين المتواجدين في ليبيا، وهي حاليا تُعتبر مأساوية جداً لا بل كارثية. في ليبيا يوجد آلاف الّلاجئين المحتجزين في ظروف مريرة، 37000 ألف لاجئ تمت إعادتهم إلى بلادهم بعد أن أعربوا عن إرادة طوعية للعودة. كما يجب الإسراع في البت بأمر الّذين لديهم حالات صحية صعبة وقد تمت عمليات إجلاء 2500 من بينهم.

ثالثاً: حث اليونان على وضع استراتيجية وطنية فعَّالة تتضمن تنظيماً للعمليات والمهام المتعلقة باللاجئين، ومن أهمها البت بطلبات اللجوء وتأمين الرعاية المناسبة للاجئين. مع العلم أن الاتفاق الأوروبي التركي يواصل الإسهام في التقليل من عدد القادمين إلى الجزر اليونانية.

رابعاً: مكافحة الهجرة غير الشرعية بفضل المساعدات المادية الطارئة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لبلدانٍ افريقية. حالياً على سبيل المثال، يحظى حوالي الخمسة ملايين شخص بمساعدات أولية، بينما حصل ستون ألف شخص على مساعدات داعمة لاندماجهم في مجتمعاتهم بعد عودتهم إلى بلدهم الأم.

خامساً: إدارة حدودية متشددة تتولاها الوكالة الأوروبية لحرس الحدود التي أنشئت في العام 2016 وجعلها تضم عشرة آلاف عنصر بصورة دائمة.