أفكار وآراء

لماذا لا يوجد تعريف دولي موحد للإرهاب؟

16 أبريل 2019
16 أبريل 2019

عاطف الغمرى -

الدعوة التي جاءت في إعلان القمة العربية في تونس، للمجتمع الدولي بإصدار تعريف موحد للإرهاب، كان لابد وأن يجعل القوى الكبرى في العالم والتي تتقوى الآن بنيرانه تدرك أن هذا أمر ينبغي أن تبادر به من تلقاء ذاتها، لا أن تظل تتعامل مع الإرهاب ومنظماته، من زوايا نظم مختلفة، أو ربما في تقاعس من بعض هذه القوى.

إن تعريف الإرهاب ظل مراوغا على المستوى الدولي، وحتى إذا كانت قوى كبرى قد صاغت له تعريفا، إلا أنها راوغت في سلوكها تجاهه، مما أضعف من قدرة المجتمع الدولي على مكافحته وردعه.

وقد اتفقت مئات الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة، في تحليل ومناقشة ظاهرة الإرهاب على نقطتين هما - غياب التعريف الدولي الموحد للإرهاب.

والثانية التأكد على أن المنظمات الإرهابية، على اختلاف مسمياتها، ترتبط مع بعضها البعض، في إطار شبكه طولية واحدة، وإن أنكرت ذلك، أو على الأقل تجمعها مرجعية إيديولوجية واحدة.

ويرى هؤلاء إن المنظمات الإرهابية لا تختلف مع بعضها، حول الهدف الأساسي لها، وهو التمكين لها من الحكم، وهى تسلك في سبيل وصولها إلى هدفها، سبل إثارة الذعر بين جموع الناس، ليظلوا في رعب وخوف من هذه المنظمات بحيث يستسلمون لها، أو يهجرون بلادهم هربا منها، وإنقاذا لحياتهم. وهم لا يكتفون بإزهاق الأرواح وقتل النفس، بل إنهم يقتلون الشعور بالأمان لدى البشر.

وقد تنوعت التعريفات منها مثلا - التعريف الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 2004، ولم يكن قاطعا، والذي عرف الإرهاب بأنه ممارسات إجرامية ضد مدنيين. وترتكب بهدف إحداث وفيات أو إصابات جسمانية، أو أخذ رهائن، وترويع الأهالي، بهدف إثارة الرعب، وكذلك ارتكاب أعمال، الهدف منها إرغام الحكومة على القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل، يمثل اعتداء، تحرمه الاتفاقات الدولية، لكونه عملا إرهابيا.

وحسب وجهة النظر الأمريكية الرسمية، فإن تعريف الإرهاب، هو الاستخدام المتعمد للعنف، أو التهديد بالعنف، لتحقيق أهداف ذات طبيعة سياسية، أو دينية، أو إيديولوجية من خلال التخويف، أو الإكراه، أو إثارة الفزع.

بينما كان التعريف الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي عام 2002، ينص على أن الإرهاب، يتضمن إحداث تدمير واسع للحكومة ومؤسساتها، وللمنشآت العامة، والممتلكات الخاصة، مما يسفر عن خسائر اقتصادية، أو حتى التهديد بارتكاب مثل هذه الأعمال.

وحين تطرقت دراسات أكاديمية لموضوع الإرهاب فإنها أعطته سمة قد تكون مختلفة، منها الدراسة المطولة للبروفيسور أندى بيونس الذي وصف الإرهاب بأنه جريمة ضد الإنسانية بأجمعها، وهو يعرض للخطر أرواح أناس أبرياء، ويوجد مناخا من الخوف، ويشغل الانقسامات على أسس عرقية ودينية، ثم أن الإرهاب يمثل أحد أخطر الانتهاكات للسلام، والقانون الدولي، وقيم الكرامة الإنسانية.

وظلت هذه التعريفات على حالها رغم ما حدث من تطور في نوعية المنظمات الإرهابية المستحدثة، وطريقة نشاطها، التي بلغت مدى خطيرا من التدمير، والتباهي بالقتل وسفك الدماء، والعداء للإنسانية عامة، واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، خاصة الإنترنت، في التأثير على مواطنين من هذه الدول، وتحويلهم إلى أعداء لبلادهم، وتسهيل عبور الإرهاب لحدود الدول.

ومع ذلك لم تتطور هذه التعريفات، أو تلتقي حول تعريف موحد، يجابه به المجتمع الدولي هذا الخطر الذي يهدد الجميع بشكل جماعي، بالإضافة إلى ما ظهر من تداخل بين الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة، نتيجة احتياج كل منها للأخرى من أجل المال، من خلال نهب الثروات، والقطع الأثرية التاريخية، وبيعها في الأسواق الدولية السوداء.

وثبت أن تردد وتقاعس قوى كبرى في مواجهة منظمات الإرهاب الدولي، كان عنصرا مساعدا على تطور الإرهاب وانتشاره، خصوصا أن بعض هذه القوى قد استثنت منظمات إرهابية من قوائمها الرسمية، التي تحدد ما هي المنظمات التي تعتبرها إرهابية.

والمتفق عليه بين الخبراء المختصين بمكافحة الإرهاب في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة، أن وجود تعريف موحد للإرهاب، يشحذ القدرة على التصدي لهذه المشكلة، واستهداف الإرهاب عامة، كظاهرة وممارسات، أيا كانت المنظمات التي تتبنى أفكاره، والخروج من مأزق اتباع مختلف الدول، معايير مختلفة تناسب توجهاتها السياسية، وحسابات كل منها لما تستفيده من بعض المنظمات الإرهابية التي تستخدمها، لتخدم مصالح لها في دول أخرى.

وضمن هذه الحسابات ما تقوم به منظمات إرهابية من دور في الحرب بالوكالة لصالح مخابرات أجنبية، وبدعم منها.