المنوعات

علماء الفطريات يبحثون عن «الفطر المفقود» في ميانمار

12 أبريل 2019
12 أبريل 2019

يانجون، «د ب أ»: لا يزال معظم الفطر (عش الغراب) الموجود في العالم، مفقودا. وبحسب المتخصصين في علم الفطريات، حدد العلماء أقل من 10 بالمائة، فحسب، من أنواع الفطر الموجودة في شتى أنحاء العالم، وهو ما يحرم البشرية من موارد قد تكون حيوية، في مجالات الطب وإدارة الغابات، وبالطبع في فنون الطهي.

ولكن، أين تختبئ كل هذه الكمية من الفطر؟

يوجد الكثير من هذا الفطر في ميانمار، بحسب ما يقوله أعضاء جماعة «مايمايكو»، التي تضم نحو 50 من عشاق الفطر، والذين يحاولون فهرسة الفطريات الأصلية في ميانمار، ودراسة فوائدها وأضرارها بالنسبة للبشر.

ويقول آدم نيكولاس، وهو أحد مؤسسي «مايمايكو»: إن «ميانمار متنوعة بالفعل في مناخها المحلي... حيث توجد بها أراض رطبة، ومناطق جافة، وأراض أخرى على ارتفاع عال، وجبال وتلال، ولذلك، يتوفر الكثير من فرص (نمو) أنواع مختلفة من الفطر».

ومنذ تأسيس الجماعة العام الماضي، قاد نيكولاس والشريكة المؤسِسة إيفلين يو يو سوي، رحلات منتظمة في متنزهات وغابات ميانمار، لتصوير الفطريات التي من الممكن العثور على معظمها على جذور الأشجار أو على الجذوع العفنة.

ثم تم بعد ذلك تحميل الصور على حساب «مايمايكو» على موقع «انستجرام»، حيث يساعد خبراء الفطريات من أنحاء العالم في تحديد أنواع الفطر وتخمين خصائصها من خلال تعليقاتهم.

وتقول إيفلين: «نقوم بتأسيس هيكل معلومات غير معروفة حاليا، وأيضا بتثقيف الناس بشأن الفطر في نفس الوقت.» وكان أعضاء جماعة «مايمايكو» قاموا العام الماضي، على سبيل المثال، بتوثيق فطر لينجزي (المعروف أيضا باسم جانوديرما لوكيدوم)، الذي ينمو في حديقة بوسط يانجون، المدينة الرئيسية في ميانمار. ويشار إلى أن هذا النوع ظل عنصرا أساسيا في الطب الصيني، لمدة 2000 عام على الأقل، وفي السنوات الأخيرة، مكملا غذائيا شائعا بين مرضى السرطان. ومع ذلك، لا يعلم عنه أو يدرك قيمته الطبية إلا قلة من الناس في ميانمار.

إن تثقيف المواطنين في ميانمار بشأن استخدامات الفطريات المحلية، يقع بشكل مباشر على عاتق الهواة من خبراء الفطريات.

ومنذ خروج ميانمار من العزلة التي فرضها عليها النظام العسكري الحاكم قبل أقل من عقد من الزمان، شهدت ميانمار طفرة في الاكتشافات في مجال علم الحفريات أو «البليونتولوجيا» (علم الأحياء القديمة)، وبيولوجيا الحفظ. ولم تدرك مثل هذه الطفرة علم الفطريات. ولا يرجع هذا في المقام الأول إلى قلة الاهتمام، ولكنه يعود بشكل أساسي إلى حقيقة أن علم الفطريات في أنحاء العالم يعاني منذ عقود من نقص في التمويل.

ورغم وجود حوالي مليار شخص في أنحاء العالم يعانون من أمراض فطرية، هناك قليل من المؤسسات العلمية التي تستثمر بشكل كبير في مجال أبحاث الفطريات. وخلال الفترة من عام 2007 وحتى عام 2012، أنفق مجلس البحوث الطبية في بريطانيا والمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، أقل من 5ر2 بالمئة من ميزانيات الأبحاث الخاصة بالأمراض المعدية لديهما، على الفطريات.

وتتزايد آثار هذا الإهمال في البلدان المتخلفة تنمويا مثل ميانمار.

وتقول إيفلين: «لا توجد دراسات تصنيفية كبرى حول الفطر (عش الغراب) في ميانمار منذ خمسينات القرن الماضي... ويخشى أغلب المواطنين في ميانمار من الفطر، باستثناء خمسة أو ستة أنواع».

وفي ظل وفرة الفطر وقلة المعرفة، يتعرض المواطنون في ميانمار عادة إلى التسمم من أنواع الفطر التي يخطئون في تحديدها. وقال الباحثون عن الفطر في إحدى البلدات لأعضاء «مايمياكو» العام الماضي، إن هناك 10 أشخاص لقوا حتفهم بسبب تعاملهم مع فطر سام، خلال الأشهر السبعة الماضية. ويقول نيكولاس: «قالوا إن هذا العدد يعد صغيرا نسبيا». ويأمل أعضاء «مايمايكو» في الحيلولة دون حدوث حالات تسمم أخرى جراء الفطر، وذلك عبر عملية تعرف باسم «إثنومايكولوجي». وتوضح إيفلين:»هناك مجتمعات في أنحاء ميانمار تبحث عن الفطر على مدار أجيال. لدى هذه المجتمعات معلومات بشأن ما هو صالح منه كطعام، وما هو مناسب كعلاج طبي، وما هو سام، وما هو سام في حالة واحدة فقط ومناسب طبيا في حالة أخرى.» وإلى جانب الفوائد الغذائية والصحية، تقدم جماعة «مايمايكو» لسكان المدن طريقة ممتعة صديقة للأطفال للتواصل مع الطبيعة.

وتقول إيفلين: «هناك شيء مجز حقا بشأن البحث عن الغذاء: يخرج المرء للبحث عن الكنز، ويعثر على شيء يمكن تناوله أو حمله إلى البيت أو دراسته... ينال المرء جائزة محسوسة لما تقوم به من نشاط. هذا ما يحبه الناس».