Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :الصحف.. ليست يسيرة قراءتها

05 أبريل 2019
05 أبريل 2019

بقلم: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

أصبحت قراءة الجريدة اليوم؛ شيئا من التحدي؛ ذلك أن القراءة؛ في عموميتها لم تكن بذلك اليسر، حيث يطغى عليها السهل الممتنع؛ كما يقال؛ وحتى عهد قريب، كان عشاق الصحف يذهبون في قراءتها في المجالات التي تعنيهم، ولم تكن هناك قراءة شاملة للجريدة، ولذلك استقطبت الصحف أكثر ما استقطبت في الأوقات المتأخرة من عمر قراءتها، فئة الشباب على وجه الخصوص، حيث كانت الغالبية منهم يذهبون أول ما يمسكون بالجريدة الى الأبواب المتخصصة: الرياضة، الفن، المشاهير، الكلمات المتقاطعة، الأبراج، وأخبار التهاني والتبريكات لمناسبات الزواج، وزيادة المواليد، أو الخروج من المستشفيات، أما الأخبار؛ سواء كانت المحلية أو الدولية أو الاقتصادية أو السياسية، أو الثقافية فكان لا يتتبع أحداثها إلا المعنيون بها فقط، وعلى وجه الخصوص الذين تنشر لهم صور فيها، وربما الخلاصة من هذا يبقى الخبر الرسمي الصادر من الجهات العليا في الحكومة، هو الوحيد الذي يستقطب اهتمام القراء بشكل عام.

الذي أتذكره أكثر، أنه في أوائل الثمانينات من القرن العشرين، وحتى أواخر التسعينات؛ حيث كانت تنشر نتائج الناجحين في الشهادات العامة في الإعدادية والثانوية، ثم اقتصر الأمر على الثانوية العامة فقط، حيث كان جمهور القراء يأتون الى بوابة الجريدة منذ الساعات الأولى من الصباح، لكي يعرفوا نتائج أبنائهم وإخوانهم، وأصدقائهم، لذلك كانت الجريدة؛ في ذلك اليوم؛ تمثل لهم أهمية غير عادية، وأتوقع أن هناك من يحتفظ بعدد الجريدة الذي نشر فيها اسمه حتى اليوم، وهذا الاهتمامات المجزأة كانت تجر معها الاهتمام بالتحقيقات الصحفية؛ على وجه الخصوص؛ خاصة تلك التحقيقيات التي تتناول قضايا مهمة في حياة الناس، وكان جمهور القراء يتساءلون عنها باهتمام واضح، كما شكلت المراسيم السلطانية في المراحل الأولى للتنمية ذات الاهتمام.

لم تشغل الأعمدة الصحفية، والتحليلات السياسية، ذلك الاهتمام المميز من قبل جمهور القراء، فالتغذية الراجعة لم تكن بذلك الحجم الذي يمكن أن يقاس عليه اهتمام القراء، إلا ما ندر، والندرة هنا في الموضوعات التي تتصادم مع بعض المؤسسات في الحكومة، ربما التقييم هنا لهذا الاهتمام، على أنها تقوم بدور تجسير إيصال الرأي «المسكوت عنه» الى الطرف الآخر، وهذا «المسكوت عنه» شكل عقدة نفسية لدى الكثيرين، سواء من جانب المسؤولين في الحكومة، ومن جانب كتاب الأعمدة، ومن جانب جمهور القراء، الذي يمثل الطرف المراقب؛ إن تجوز التسمية؛ لما يسفر عنه الصدام بين الصحف والمؤسسات، ولو أن أغلب الموضوعات لا تصل الى المستوى الذي يحتاج فيه أن «يتشنج» أي من الطرفين، فكل القضايا، هي قضايا عامة، ومعايشة، ومسألة التقصير واردة في أي عمل بشري، مهما وصل به الحرص والحذر والجهد.

في ندوة الصحافة الأخيرة في النادي الثقافي، طرح بعض رؤساء تحرير الصحف مجموعة من الإشكاليات والتعقيدات التي تواجه الصحف الورقية؛ على وجه الخصوص؛ وهي إشكاليات جوهرية، ومتوقعة في ظل الثورة الاتصالية المتنامية، في الوقت الذي نما فيه الوعي الجمعي كثيرا، ويفترض أن يكون ذلك في صالح الصحف، ولكن كما يقال: «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن» فأمر تقنية الاتصالات الحديثة أصبح واقعا، ليس يسيرا تجاوزه خاصة أن هذه التقنية تستحوذ على اهتمامات الأجيال الجديدة، ولذا تدخل الصحف مرة أخرى تحديات بثوب العصر، كما كان السابق تحديات ارتفاع سقف الأمية في المجتمع، فالضريبة التي تدفعها الصحف للبقاء كبيرة، سواء كانت في الماضي، أو الحاضر، لتكلفة إنتاجها الكبيرة، والكبيرة جدا، وهي التكلفة التي ظلت غائبة عن ذاكرة الجمهور الذي يرى في دفع مبلغ (200) بيسة كبيرا، في بعض الأحيان، بغض النظر عن مستوى الجهد المبذول على مدى الـ (24) ساعة متواصلة حتى تصل الجريدة إلى يدي القارئ.