1181074
1181074
الاقتصادية

تركيا تفتتح مطار إسطنبول العملاق الجديد

04 أبريل 2019
04 أبريل 2019

بلغت كلفته ثمانية مليارات دولار -

إسطنبول (رويترز) - بعد ثلاث بدايات كاذبة واحتجاج عمالي على قسوة ظروف العمل، تفتتح تركيا بالكامل هذا الأسبوع مطارا جديدا في إسطنبول سيتيح لشركة الطيران الرئيسية سريعة النمو فيها قاعدة لتحدي منافسيها الخليجيين في الهيمنة على المنطقة.

تعتزم السلطات تحويل الرحلات من مطار أتاتورك في المدينة على ساحل بحر مرمرة إلى المطار الجديد الواقع على مسافة 30 كيلومترا في اتجاه الشمال على البحر الأسود وذلك من خلال عملية نقل هائلة تستغرق 45 ساعة وتبدأ اليوم الجمعة.

والمطار الذي بلغت كلفته ثمانية مليارات دولار واحد من عدة مشروعات عملاقة في البنية التحتية أيدها الرئيس رجب طيب أردوغان. وسيمكن للمطار أن يستقبل في البداية 90 مليون مسافر سنويا وهو عدد تأمل تركيا أن تتجاوز مثليه بحلول عام 2027.

وهذا سيجعله أكبر مطار في العالم قياسا بالعمليات الحالية في المطارات القائمة على مستوى العالم.

وقال وزير النقل التركي جاهد طورهان للصحفيين في صالة السفر التي يتلألأ كل شيء فيها «مطار إسطنبول سيرتقي إلى المرتبة الثانية من حيث أعداد المسافرين الذين يخدمهم في غضون حوالي خمس سنوات».

وأضاف «عندما تكتمل كل المراحل سيكون مطار إسطنبول في مقعد القيادة».

ومن المفترض أن يعمل المطار بالكامل يوم الأحد بعد أن تنقل السلطات عشرة آلاف قطعة من المعدات، من عربات قطر الطائرات العملاقة إلى أجهزة الفحص الأمني الحساسة، عبر المدينة في عملية معقدة تستغرق يومين سيُغلق بعدها مطار أتاتورك أمام رحلات الركاب.

وستدعم هذه الخطوة طموح تركيا في أن تجعل من إسطنبول مركزا عالميا لحركة الطيران وستتيح للخطوط الجوية التركية فرصة النمو بما يتجاوز قيود المساحة المحدودة في مطار أتاتورك.

فبعد 15 عاما من النمو السريع، أصبحت طائرات الشركة تصل إلى عدد أكبر من الدول من أي شركة منافسة لها بفضل قاعدتها في إسطنبول القريبة من وجهات السفر في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وهذا الموقع يعني أن مدنا كثيرة تقع داخل دائرة تتراوح فيها ساعات الطيران إليها بين أربع وخمس ساعات بالطائرات ذات الممر الواحد في الوسط والتي تتميز بكفاءة استهلاك الوقود. وساعد الانخفاض النسبي في التكاليف الشركة في تحقيق أرباح قدرها 4.05 مليار ليرة (716 مليون دولار) في العام الماضي.

ومع تزايد المساحات المتاحة، تعتزم الشركة زيادة إجمالي حجم أسطولها من 338 طائرة إلى 476 طائرة خلال السنوات الأربع المقبلة، ويقول محللون إنها ستتحدى الشركات الثلاث الكبرى المنافسة لها على المستوى الإقليمي وهي طيران الإمارات والخطوط القطرية والاتحاد للطيران.

وقال خبير الطيران جون ستريكلاند «هذا يضعها على قدم المساواة في ساحة المنافسة مع شركات الطيران الخليجية».

غير أن المستقبل يحمل في طياته مخاطر محتملة. فالمطار يفتح أبوابه في وقت بدأت تتوقف فيه عجلة النمو الاقتصادي القوي الذي شهدته تركيا على مدار سنوات وأي ضعف في السوق المحلية قد يصبح عبئا على نشاط شركة الخطوط الجوية التركية.

تهديد هائل

يأتي فتح مطار إسطنبول قبل عقد من توسعة مطار آل مكتوم الدولي في دبي ليسع استقبال 130 مليون راكب سنويا بعد تأجيل التوسعة إلى العام 2030.

وستنتقل طيران الإمارات، ومقرها دبي، في المستقبل إلى هذا المطار، الذي يستهدف في النهاية القدرة على استقبال 260 مليون راكب سنويا. وفي الوقت الحالي، تعتزم دبي التركيز على المركز الحالي لطيران الإمارات في مطار دبي الدولي الذي استقبل ما يقرب من 90 مليون مسافر في 2018.

وتواجه شركات الطيران الخليجية أوقاتا صعبة بالفعل. وقالت الخطوط الجوية القطرية الشهر الماضي إنها ستعلن عن تكبد خسائر للسنة الثانية على التوالي هذا العام بعد أن خسرت حق تسيير رحلاتها إلى 18 وجهة في الشرق الأوسط بسبب خلاف مع دول مجاورة في الخليج. وحذرت طيران الإمارات في نوفمبر من أوقات صعبة بعد أن انخفضت أرباح النصف الأول إلى أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، وتخلت أبوظبي عن هدف التحول إلى مركز رئيسي للسفر جوا يشبه دبي.

وقال مدير تنفيذي كبير في واحد من مطارات الشرق الأوسط إن قطاع الطيران في تركيا أصبح يمثل «تهديدا هائلا» لشركات الطيران الخليجية وكذلك لمنافسيه في آسيا وأوروبا.

وقال محلل إن من هؤلاء المنافسين مطار فرانكفورت وهو مركز شركة لوفتهانزا التي تعد من أكبر شركات الطيران الأوروبية واستقبل 69.5 مليون راكب في العام الماضي. ويبعد المطار نحو ثلاث ساعات تقريبا بالطيران عن إسطنبول وهو أقرب قليلا من منطقة الخليج. والخطوط التركية ليست المنافس الناشئ الوحيد. وفي العام الماضي، اقتنصت أثيوبيا من دبي مكانتها كمحطة لرحلات الركاب الطويلة إلى أفريقيا، الأمر الذي سلط الضوء على نجاح شركة الطيران التابعة للدولة في الفوز مرة أخرى بنصيب من السوق على المسارات من أفريقيا وإليها، كانت في السابق تهيمن عليها الخطوط الجوية التركية وطيران الإمارات.

وقد استهدفت الخطوط التركية دول آسيا التي تشهد نموا اقتصاديا سريعا ووقعت اتفاقا للمشاركة في الرمز مع شركة إنديجو الهندية، أكبر شركة لرحلات الطيران الداخلية، في ديسمبر وأقامت مشروعا مشتركا مع شركة زد.تي.أو الصينية لتوسيع نطاق عمليات نقل البضائع.

وقال إرديم كايلي كبير المحللين لدى تي.إي.بي انفستمنت/‏بي.إن.بي باريبا إن «الجانب الإيجابي في المطار الجديد...هو إمكانية الاستفادة من الأسواق الصينية والهندية وغيرها من الأسواق الآسيوية الناشئة».

مخاطر سياسية

نُكب المشروع بتأجيلات واحتجاج عمالي في العام الماضي على ظروف العمل بعد أن قالت الحكومة إن 27 عاملا توفوا منذ بدء الإنشاءات في العام 2015.

تعطل التشغيل الكامل للمطار من قبل ثلاث مرات. وافتتحه الرئيس أردوغان رسميا في أكتوبر واستقبل المطار أقل من 20 رحلة يوميا بعد تأجيل الافتتاح الكامل إلى يناير أولا ثم إلى مارس ثم إلى أبريل.

ويأتي الافتتاح في وقت يشهد توترات متكررة في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وأوروبا. ويمثل ذلك خطرا آخر محتملا على الخطوط التركية إذ أوضح الخلاف بين قطر ودول عربية أخرى أن السياسة يمكن أن تضر بأي شركة طيران تابعة لبلد ما.

وقال ستريكلاند «ثمة غموض يكتنف علاقات تركيا مع مناطق أخرى في العالم ليس أقلها الولايات المتحدة. وهذا يخلق حالة من عدم اليقين».

ويمثل المطار أحد الإنجازات الكبرى في طفرة الإنشاءات التي شهدتها البلاد في عهد أردوغان على مدار 16 عاما، أشرف خلالها على إنشاء جسور وموانئ وخطوط سكك حديدية غيرت وجه البلاد.

وقد تعرض بعض من أكبر المشروعات للانتقاد باعتبارها إهدارا للمال ومنها خطة إنشاء قناة موازية لمضيق البسفور طولها 40 كيلومترا.

ويتشكك بعض المحللين فيما إذا كان من الممكن تحقيق الهدف النهائي للمطار المتمثل في استقبال 200 مليون راكب سنويا وذلك في ضوء وجود مطار دولي ثان هو مطار صبيحة كوكجن في الشطر الآسيوي من إسطنبول.

وقال محلل متخصص في مجال الطيران بشركة عالمية للوساطة المالية طالبا عدم نشر اسمه «يبدو غير واقعي أن نتوقع الوصول إلى أعداد الركاب هذه بسبب قيود المجال الجوي. فالمدينة بها مطار آخر وثمة علامة استفهام على ما إذا كان من الممكن أن تتجاوز أعداد الركاب الإجمالية في المطارين 150 مليونا».