العرب والعالم

بوتفليقة يرحل تحت ضغط الشارع والجيش

03 أبريل 2019
03 أبريل 2019

الجزائر - (د ب أ)- اضطر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى إعلان استقالته من منصبه رئيسا للجمهورية مساء أمس الأول قبل انقضاء ولايته رسميا في 28 أبريل.

فبوتفليقة لم يجد أمامه خيارا آخر في ظل ضغط الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير الماضي، واختار المغادرة وهو في عمر جاوز 82 عاما ، بعيد تجديد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش، دعوته لرحيل «فوري» لرئيس الجمهورية.

استقالة بوتفليقة وضعت نهاية لمسيرة امتدت لعشرين عاما جعلته الرئيس الأطول بقاء في السلطة منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962 .

وقبل تولي منصب الرئيس، تقلد بوتفليقة منصب وزير الشباب والرياضة والسياحة، في أول حكومة جزائرية بعد الاستقلال وعمره 25 عاما، قبل أن يتولى حقيبة الخارجية، بعد وصول قائد الأركان الراحل هواري بومدين إلى الحكم بعد انقلابه على الرئيس الراحل أحمد بن بلة عام 1965 .

وأصيب بوتفليقة، بعد وفاة بومدين، في ديسمبر 1978، بخيبة أمل كبيرة، لاختيار العقيد الشاذلي بن جديد الضابط الأكبر سنا رئيسا للجزائر بدلا منه.

وعين بوتفليقة، وزيرا للدولة من طرف الشاذلي بن جديد، لكنه لم يعمر طويلا في المنصب، وزادت متاعبه بعد قرار مجلس المحاسبة بمتابعته بتهمة اختلاس ما قيمته 60 مليون فرنك فرنسي من حسابات السفارات والقنصليات الجزائرية في الخارج.

وبعد فترة قضاها في الخارج استمرت لست سنوات، عاد بوتفليقة للجزائر في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، ورفض عروضا عدة بتولي حقائب وزارية مجددا، كما رفض منصب رئيس الدولة عام 1994 ، غير أنه وبعد إلحاح من قادة المؤسسة العسكرية، أعلن ترشحه عام 1998 لخلافة الرئيس المستقيل اليمين زروال، ليفوز بعهدته الرئاسية الأولى بعد أن حصل على 8 .73% من أصوات الناخبين ، بعد انسحاب منافسيه الستة.

وفي مقابلة صحفية مع إحدى المحطات التلفزيونية الفرنسية، أكد بوتفليقة أنه جاء في مهمة إحلال السلام بالبلاد، معربا عن استعداده للرحيل في حال رفض الشعب الجزائري خطته. ويحسب لبوتفليقة وأنصاره إنجاز مصالحة الجزائريين مع أنفسهم وإنهاء الحرب الأهلية التي تسببت بمقتل 200 ألف شخص وخسائر بمليارات الدولارات ، لكن ما يعاب عليه هو تفرده بكل مفاصل الحكم، وجعل الدستور في خدمة طموحاته الشخصية. كما منع الهيئات الدستورية الأخرى كالبرلمان، والحكومة، والمجلس الدستوري، من لعب الدور المنوط بها.

ولرغبته في الاستمرار في الحكم، قام بوتفليقة بتعديل الدستور عام 2008، بما يسمح بفتح مدد الولايات الرئاسية، ثم عاد عام 2016، ليعدل الدستور مجددا لجعل العهدة الرئاسية محصورة في عهدتين.

ورغم الوعود الكثيرة، فشل بوتفليقة في قيادة الجزائر إلى نظام اقتصادي متحرر من تبعية إيرادات المحروقات التي بلغت أرقاما قياسية بفعل ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، رغم الأموال الطائلة التي صرفت على الزراعة والصناعة والخدمات. وشهدت فترة حكمه عددا قياسيا من الحكومات وصل إلى 21 حكومة.

واستغلت «قوى غير دستورية» ، بحسب تعبير قائد الجيش ومعارضين ، إصابته بجلطة دماغية في أبريل 2013، للسيطرة على مقاليد الحكم والتحكم في ثروات البلاد.

ويحفظ التاريخ، أن بوتفليقة هو من أقر اللغة الأمازيغية لغة وطنية، وهو من جعل أول أيام السنة الأمازيغية عيدا وطنيا.

ولم تنجح أحداث منطقة القبائل عام 2001، ولا ارتدادات الربيع العربي عام 2011، ولا أحداث منطقة ميزاب، في إسقاط نظام بوتفليقة، لكن الحراك الشعبي الذي انطلق عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، نجح في إفشال مشروعه لتولي حكم البلاد لولاية سادسة.