1178797
1178797
عمان اليوم

«حقوق الانسان» تسلط الضوء على جريمة الاتجار بالبشر والجهود الدولية لمكافحتها

01 أبريل 2019
01 أبريل 2019

بمشاركة متحدثين من السفارة الأمريكية وعدد من الجهات الحكومية -

كــــــــتب: عامر بن عبدالله الانصاري -

عقدت اللجنة العمانية لحقوق الانسان أمس ندوة مكافحة الاتجار بالبشر «المفهوم والممارسة» التي تُنظمها اللجنة بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتستمر حتى اليوم الثلاثاء.

ويُشارك في الندوة محاضرون من عدة جهات منهم خبراء من السفارة الأمريكية في مسقط، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ووزارة التنمية الاجتماعية، والادعاء العام، وشرطة عُمان السلطانية، وذلك في إطار الاهتمام الذي تُوليه مختلف الجهات المعنية في السلطنة بمختلف موضوعات حقوق الإنسان ومن ضمنها قضايا الاتجار بالبشر.

وقال المكرم الشيخ عبدالله بن شوين الحوسني رئيس اللجنة العمانية لحقوق الانسان: «لقد سعت السلطنة منذ بداية عصر النهضة المباركة نحو سن القوانين والتشريعات والأنظمة التي تحفظ حقوق الانسان وتصون كرامته، حيث يأتي النظام الأساسي للدولة على رأس تلك التشريعات التي كفلت العدل والمساواة لجميع فئات المجتمع، وحققت الأمن والحماية للمواطن والمقيم من أية تجاوزات تمس كرامتهم وحقوقهم المشروعة».

وأضاف: «تأكيدا لاهتمام السلطنة بحقوق الانسان، جاء المرسوم السلطاني رقم 2008/‏126 بإصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ليؤكد توجهات السلطنة نحو تحقيق تلك الأهداف ومواكبتها لدول العالم في إصدار القوانين والتشريعات وتنفيذ الآليات اللازمة للحد من هذه الجريمة ومعالجة مختلف أسبابها».

واسترسل الحوسني: «إن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر مسؤولية مشتركة تقوم على التعاون والتنسيق بين عدة جهات داخلية وخارجية، حيث سعت السلطنة خلال السنوات الماضية للتنسيق مع الهيئات والمنظمات الدولية المختصة لوضع الضوابط والإجراءات التي تحد من هذه الظاهرة، وتعمل على وضع برامج تأهيل للضحايا لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع، إضافة إلى القيام بالحملات التوعوية وإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بهذا الجانب”.

جهود مشتركة

فيما أكد «دونالد بوشنر» عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن الجهات المختلفة بالسلطنة تقوم بجهود كبيرة في مكافحة الاتجار بالبشر، وكل في حسب عمله، ذاكرا بذلك اللجنة العمانية لحقوق الانسان، والادعاء العام، وشرطة عمان السلطانية، حتى الجهات الإعلامية، مشيرا إلى أن احدى الصحف العمانية تناولت موضوعا حول ضبط عصابة للاتجار بالبشر بالسلطنة وهذا بدوره يعد عملا إيجابيا في مسيرة مكافحة الاتجار بالبشر.

كما خص بالذكر وزارة التنمية الاجتماعية، والتي لها دور كبير في تأهيل ضحايا الاتجار بالبشر، وذلك كخطوة متقدمة من خطوات ضبط الجريمة، بهدف حفظ كرامة الانسان والضحية حتى ولو كانت تتحمل جزءا من المساءلة القانونية.

ومما قاله:« نعمل في السلطنة من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لتدارس أهم وسائل مكافحة الجريمة، ونعقد الاجتماعات المكثفة، وبذلك خرجنا بخطة عمل لأربع سنوات قادمة».

كما أشار إلى أن جريمة الاتجار بالبشر جريمة عابرة للقارات، وليست السلطنة بمعزل عن هذه الجريمة إنما بشكل أقل كثيرا من عدد من الدول مثل الولايات المتحدة الامريكية.

صور الاتجار بالبشر

وقدم ناصر بن عبدالله الريامي مساعد المدعي العام ورقة عمل، ذكر فيها أن البشرية منذ فترة طويلة سعت إلى القضاء على صورة من صور الاتجار بالبشر وهي جريمة تجارة العبيد، وذلك منذ ما يزيد من 100 عام، قائلا: «لا نجزم أن المجتمع الدولي قضى على ظاهرة العبيد، ولكن أصبحت بصورة مختلفة بمسمى (الاتجار بالبشر)».

وتابع: «لب المشكلة أن يدعي المسؤولون عدم وجود الاتجار بالبشر في السلطنة، وذلك نوع من التنصل، فهنا يجب أن نوضح مفهوم الاتجار بالبشر ومن ثم نقف عليها في السلطنة ونرى إن كانت موجودة أم لا، وهي جرائم كثيرة وصورها متعددة، لذلك يجب ان يطبع قانون جريمة الاتجار بالبشر، والبروتوكول الدولي لمنع الاتجار بالبشر».

واستعرض بعض حالات الاتجار بالبشر، وكانت ابرزها جرائم الاستغلال الجنسي، منها خداع الضحية بالعمل مثلا في سلطنة عمان في محل للتجميل أو غيرها من المجالات، ولكن بعد ذلك تكتشف نفسها في يد عصابة تجرها تحت التهديد للعمل في البغاء، كما أشار إلى أن رضى الضحية لا يعتد به، وإن كانت في مرحلة من مراحل العمل في البغاء، وضرب مثالا بفتاة تخرج مع عشيقها بإرادتها، وبعد ذلك حينما تعزف عن عملها تكتشف أن عشيقها يبتزها بالصور ويهددها بالفضح إن لم ترضخ له، ويعد ذلك صورة من صور الاتجار بالبشر إذا ما تم استغلال الضحية بهذه الطريقة، وبالتالي تكون الفتاة ضحية حتى لو كانت قد مارست الخطأ برضاها في بداية الامر.

وأشار قائلا: «في وزارة العمل بالمملكة العربية السعودية هناك قسم خاص في جرائم الاتجار بالبشر، تحال إليها أية مخالفات تتعلق أو يتم تصنيفها من جرائم الاتجار بالبشر، من ضمنها استغلال القصر والأطفال في العمل، إلزام العمال بعمل ساعات أطول مما هو محدد، عدم دفع الرواتب، وغيرها من المظاهر وأشكال الاتجار بالبشر، وفي السلطنة في وزارة القوى العاملة، لا يتعامل مع بعض اشكال الاتجار بالبشر بأنها جرائم، ولكن يتم التعامل مع تلك الحالات بأنها مخالفات، هنا يجب ومن الضروري تشكيل وحدات خاصة في جرائم الاتجار بالبشر”.

وأضاف: «بعض الدول تجرم مشتري خدمة الدعارة منها النبيال، والولايات المتحدة تجرم كل من استفاد من خدمة يقدمها ضحية الاتجار بالبشر، حتى المصانع التي تُشغل احداثا في مصنعها، لذلك طالبنا بإضافة تجريم المستفيد من الخدمة في قانون الاتجار بالبشر».

دار الوفاق

كما تضمن اليوم الأول للندوة ورقة قدمتها مروة البلوشية من وزارة التنمية الاجتماعية، وسلطت الضوء فيها على جهود دار الوفاق ودورها في خدمة ضحايا الاتجار بالبشر.

وأكدت البلوشية أن دار الوفاق تم انشاؤها ضمن دائرة الحماية الاسرية، والتي تختص بوضع خطط للحماية الأسرية، وتعزيز الجهود والآليات اللازمة، والمساهمة في وضع الأسس والمقومات التي تضمن توفير الاستقرار والتماسك الأسري، وتلقي البلاغات عن حالات الاساءة ودراستها ووضع الخطط العلاجية اللازمة، وإعداد قاعدة البيانات الإحصائية ومؤشرات الحماية الأسرية، وأخيرا المساهمة في التوعية المجتمعية بأضرار الإساءة والعنف وتشجيع الأسر على الابلاغ.

وان دائرة الحماية الاسرية تتعامل مع حالات كثيرة، تُقسم إلى أربعة اقسام، أولا الأطفال المعرضون للعنف، والنساء العضل، وضحايا الاتجار بالبشر، وحالات أخرى.

وذكرت الورقة احصائيات في عدد الحالات التي استقبلتها دار الوفاق من ضحايا الاتجار بالبشر، فخلال الأعوام من 2012 إلى 2018 استقبلت الدار 70 حالة، أكثرها في عام 2017 بعدد 20 حالة، وأقلها في عام 2015 بحالة واحدة فقط، بينما في عام 2018 تم استقبال 14 حالة، وأشارت الورقة إلى أنه من ناحية الجنسيات، فإن الجنسيات البنجلاديشية هي من اكثر جنسيات الضحايا، بواقع 39 حالة من بين الحالات الـ 70 المسجلة خلال الأعوام من 2012 إلى 2018.

الخارجية الامريكية

واختتمت فعاليات اليوم الأول من الندوة بحديث «كبير برواني» ممثل السفارة الأمريكية بمسقط، وتحدث عن إعداد تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول الاتجار بالبشر الخاص بالسلطنة، وآلية إعداده، مؤكدا بأن السفارة من أجل إعداد التقرير تأخد بكل المصادر في الاعتبار منها الحكومية، أو غير الحكومية، وبعض الأشياء تأتي من خلال المناقشات مع العمانيين والوافدين وحتى بعض السفارات التي بدورها تعطينا بعض الأرقام والمعلومات، إضافة إلى ذلك من بعض المصادر الخارجية منها بعض الحالات التي لا تتحدث إلا بعد العودة إلى بلدها، وهذه أمور مهمة يجب أن نأخذها في عين الاعتبار في صياغة التقرير، وأكد أن هناك حذرا شديدا في الأخذ بتلك الآراء والحرص على التأكد منها.

ومما أشار إليه أنه يعرف أن حكومة السلطنة لديها بعض الانتقاد من تقرير الخارجية الامريكية، قائلا: «نحن نتفهم ذلك».

ومما أشار إليه «كبير» أنه مما يتم اعتباره وأخذه في التقرير النقاشات المنبثقة من الكثير من الأسئلة التي ترد إلى السفارة، قائلا بأن النقاشات تعد من الأساسيات التي تثري التقرير.

ومما قاله: «اعتقد أن سلطنة عمان فعلت أشياء كثيرة إيجابية في سعيها للقضاء ومحاربة الاتجار بالبشر، سنة بعد سنة، وهذا ما جعل السلطنة تنتقل من مرحلة المراجعة، إلى الفئة الثانية، والتالي التحسن في مؤشرات السلطنة واضح وجلي، فالانتقال من 0 إلى 1 ثم إلى 9، يعتبر تطورا كبيرا في المسائل القانونية وغيرها من مجالات التوعية والتعاونات الدولية والاتفاقيات والإجراءات والتباحث وغيرها التي تؤخذ في صياغة التقرير».