oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

آفاق منشودة للقمة العربية في تونس

30 مارس 2019
30 مارس 2019

تنعقد اليوم في تونس القمة العربية العادية في دورتها الثلاثين، وسط مشهد عربي محاط بالمشاكل والقضايا في كافة الاتجاهات تقريبا، من ملفات عديدة ومتشابكة يصعب فرزها، جراء تراكمات من عقود، وفي السنين الأخيرة بشكل خاص كان ثمة الكثير من التعقيد والتفاقم الناتج عن فوضى الواقع وغياب الاستراتيجيات والخطط المستقبلية والنظرة الموحدة بما يعزز المسافة نحو الحلول الأفضل.

وإذا كان الملف الفلسطيني هو الأبرز من بين حوالي 21 بندا أو ملفا في القمة العربية هذه الدورة، يضاف إليه موضوع الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، إلا أن جملة المشهد تتسع لمشاكل في واقعها الكلي هي نسيج واحد متصل يتعلق بالسياسات العامة والاستقرار في المنطقة عموما، ذلك الحلم الذي كأنه بات ينأى مع الزمن، فالعقد الأخير وإلى الآن شهد متغيرات كبيرة في المنطقة العربية على الصعيد الجيوسياسي ما وسع الهوة بين الآمال والواقع، وبدت الكثير من فرص الأمس كأنها أبعد عن الراهن.

لكن إذا أخذنا الأمور من زاوية أخرى فإن العرب في قمتهم هذه مطالبون بالاتجاه إلى تعزيز فرص التلاقي والحوار والإخاء والعزائم والهمم، بما يحمل الجميع إلى مصبات آمنة ويحقق في بلدان العرب الاستقرار والأمان ويساعد على المضي في النماء والازدهار، فالمواطن العربي يبحث عن الأمن وحياة حرة وكريمة يشعر فيها بالطمأنينة وأنه قادر على العطاء والإنتاج، وللأسف فإن ذلك يبدو صعبا في بعض البلدان في ظل ما هو قائم على أرض الواقع.

هناك ملفات عديدة من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا إلى قضايا الإرهاب وتبعات داعش أو التفكير في مرحلة ما بعد داعش، وبجوار ذلك فإن هناك قضايا هيكلية ومركزية كثيرة تتطلب النظر، فقد بدأت العديد من المشروعات العربية منذ عقود أو سنين ولم تستمر إلى الأمام بأي خطوة فاعلة، لاسيما في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والأسواق المنفتحة.

أيضا هناك الحاجة إلى تعزيز مفاهيم التعليم الجديد الذي هو لبنة الأساس نحو صناعة الحياة الأفضل كذلك الاهتمام بصحة المواطنين ورعايتهم وتقديم العون للشباب والأجيال الجديدة وفتح الاستثمارات وفرص العمل وغيرها من البنود في هذا الإطار التي لا حصر لها، التي تبدو كأنها أحلام أكثر من اقترانها بالواقع، لكن النظرة الواقعية تتطلب أن يتم الدمج بين التصورات بحيث يمكن رؤية الطريق بوضوح بعيدا عن التجزئة بين صورة وأخرى.

وفي كل الأحوال والظروف فإن الحلول النهائية لإيجاد الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والمنطقة العربية لا يمكن أن تعزل عن التصورات المستقبلية التي تغادر قوالب الأمس والماضي إلى تشكيل صور أكثر حداثة مرتبطة بصميم الراهن والقدرة على التكيف مع المستجدات والمعطيات الراهنة، وهذا يصب في صميم معرفة الذات بما يحمل الخطى نحو الآفاق الأرحب بقدرة على توليد وابتداع الحلول الممكنة والعملية.

ويبقى أن تطوير أنظمة الجامعة العربية من الأهداف الاستراتيجية بحيث توجد فاعلية في النظر والقراءة للأمور وبالتالي المساهمة في صياغة الواقع الجديد المأمول.