إشراقات

النظافة :عقبات وعوائق

28 مارس 2019
28 مارس 2019

من أجل أن يصبح المجتمع واعيا بأمر النظافة وأهميتها لابد من تجاوز كل العقبات وتخطي جميع العوائق التي تقف سدا منيعا أمام الوصول إلى هذا الهدف وهذه العوائق في مجملها تريد منا أن نعقد العزم ونشد الهمة حتى نستطيع أن نقف أمام كل التيارات التي من الممكن أن تقابلنا في شتى المراحل حتى الوصول إلى خط النهاية ومهما رأينا الطريق طويلا وشاقا ومقفرا أو أن المهمة الملقاة على عاتقنا شبه مستحيلة إلا أننا لابد أن نبدأ بعد أن ندرس جيدا هذه العقبات وطرق تخطيها ومن هذه العقبات؛ أن النظافة أمر ثانوي بمعنى ليس مهم وبالتالي يبدأ التراخي وظهور الثغرات في الجوانب الشخصية والعامة وهذه قناعة خاطئة جدا لأنها تقوم على مبدأ غير مهم وبالتالي يكون التعامل مع الواقع فاترا لا يرقى إلى حجم المشكلة ولا يتحرك قيد أنملة نحو العمل الميداني أو تحقيق الحد الأدنى من النتائج في هذا المجال وهذا البند يعالج من خلال محاولة غرس مفاهيم عن حقيقة النظافة ودورها في الوقاية والعلاج من خلال مؤسسات المجتمع كالبيت والمدرسة والمسجد والأندية والمؤسسات الصحية.

تصور أن النظافة هي من اختصاص جهة بعينها لذلك تجد المجتمع يلقي باللوم دائما على هذه المؤسسة أو تلك دون أن يحرك ساكنا، هذا في جانب. النظافة العامة أو خارج المنزل فالشوارع والممرات والأودية أصبحت مكانا معتادا يرمى فيه الفضلات وعلب المشروبات وأكياس الزبالة وأكياس الطعام وهذا لابد أن يكون الجميع يدا واحدة في التناصح والتواصي والتعاون للتخلص من هذه العادة السيئة التي تحول الطبيعة الجميلة إلى مكب نفايات وحتى المتنزهات العامة والحدائق لم تسلم من هذه الآفة بل أنك تجد الأكياس وعلب المشروبات والمخلفات الأخرى مبعثرة يمينا وشمالا بالرغم من أنك تجد أحيانا سلال القمامة ولكنها الثقافة هي وحدها التي تحكم ماذا سنصنع عندما نكون في هذه الأماكن.

من العوائق ما يحصل في المنازل من اتكالية عند الناشئة بسبب الاعتماد على عاملة المنزل أو الإتكاء على الوالدين فينشأ الطفل غير مبال كيف وأين ولماذا ؟ كيف يتصرف بالقمامة وأين يضعها ولماذا يضعها ؟ وهذا أكبر عائق فجيل بأكمله نشأ على هذه الصفة والسجية التي تخلف لنا أكواما من المخلفات في كل مكان وتخرج لنا جيلا لا يهتم بالنظافة في جميع مراحل عمره.

ومن العوائق احتقار البعض من المشاركة ولو بدور ثانوي في التخلص من النفايات فالبعض وللأسف تجده يرمي النفايات في المكب على استحياء تحت جنح الظلام أو يكلف أحد غيره. هذه النظرة خطيرة لأن من يفعل ذلك يكون غير مستعد نفسيا في أداء دوره في هذا الجانب مما يؤدي إلى ظهور الخلل والقصور وهذه فئة واسعة من المجتمع وكان من الأجدر به أن يؤدي هذا الدور بكل الفخر والاعتزاز والتفاني لأنه يساهم في أداء دور حيوي وفعال وعلى درجة كبيرة من الأهمية.

من العوائق أن مؤسسات المجتمع المدني المعنية بغرس مفهوم النظافة وأهميتها في فئات هذا المجتمع لعمل كل واحدة على حدة هذا إذا عملت وهي إذا حصلت جهود مبعثرة ورمزية في مجملها ومن أجل التقاط الصور أو الفوز بالمسابقات مع أنه كان المفروض لديهم خطة ومنهج يسيرون عليه لتحقيق الهدف وهو غرس مفهوم النظافة بحيث يصبح سجية يعتاد عليها الجميع.

من العوائق لا يوجد مبادرات مجتمعية نقود إلى إبراز النظافة كعامل مهم وحيوي ولها الدور الكبير في بناء جيل صحي مثقف، فليس هناك تبرعات لإقامة مهرجانات ومعسكرات وورش وأيام عمل للتوعية والعمل الميداني وإشراك أكبر شريحة في الوقوف على أبجديات النظافة كما أنه لا يوجد مبادرات لتوفير سلال القمامة في الأماكن التي لا تصل إليها يد الهيئة المختصة بالنظافة العامة.

من العوائق الجانب النسائي جانب مجتمعي مهم جدا في إيصال ثقافة النظافة وإشراكه في حضور الندوات والمحاضرات والورش الخاصة بالنظافة العامة والخاصة لكن هذا الجانب مغيب عن الساحة ربما لعدم وجود مبادرات من هذا النوع للجميع رجالا ونساء وخطورة هذا العائق تتمثل في أن النساء أمهات ومربيات وربات بيوت بأيديهن تنشئة وتثقيف وتنوير الجيل الناشئ فالذي يعتاد على الالتزام بأدق تفاصيل النظافة في البيت حتما سيخرج إلى المجتمع الأكبر وهو قادر على التعامل مع الواقع بكل احترافية ومهنية ودون تسجيل أي أخطاء.

من العوائق نقص الجانب الإرشادي من جانب أولياء الأمور والأمهات في البيوت ليعتاد الأولاد على حب النظافة والنظام لتوجيهه نحو المحافظة على نظافة أسنانه وبدنه وملابسه وهندامه وغرفته التي ينام فيها وترتيب خزانة ملابسه وغير ذلك من أسس الأناقة والجمال فينشأ المسكين في حياة فوضوية.

من العوائق تشكل العمالة الوافدة نسبة كبيرة من تعداد السكان وهذه العمالة جاءت في معظمها بثقافة لا تحترم ولا تلقي بالا لمسألة النظافة لذلك تجدها ترمي المخلفات في كل مكان وتشتد الأزمة عندما تعلم أنهم لا يقيمون بكل المرافق التي يرتادونها بدءا من المنازل التي يسكنونها وهذه في الحقيقة معضلة فمليوني عامل وافد يعيشون في ربوع هذا الوطن بما لديهم من ثقافات بدائية وذلك انعكاسا للمجتمعات التي نشأوا فيها.

أن هناك من يتصور أن نمط الحياة يحكم بمستوى النظافة فيعتقدون مثلا أن الأحياء الفقيرة والمتوسطة والأجيال غير المتعلمة تعليما رفيعا لا تستطيع أن تكون في النظافة بمستوى الفئات المتعلمة تعليما عاليا أو التي تعيش في أحياء راقية وهذا الاعتقاد ينسحب على الذين يعيشون حياة بدوية أو ريفية وسببه عدم الإلمام بثقافة النظافة أو الثقافة الصحية بشكل واسع.

انتشار تربية الماشية في البيوت ذات المساحات الصغيرة وبالذات في المجتمعات الريفية وهذا يخلق تلوثا بيئيا كبيرا فهو يساهم في تكاثر البعوض والذباب والروائح الكريهة والأمراض وأيضا يوجد مخلفات تساهم كثيرا في تراكم القاذورات التي تعد مرتعا خصبا للجراثيم الخطيرة وهذا العائق يسببه قناعات خاطئة قائمة على التفكير في الاكتفاء الذاتي أو حب تربية الماشية خارج المساحات الزراعية مع أنها من أكثر مسببات الأمراض وتهيئة بيئة خصبة لتكاثر الحشرات.

من العوائق عدم اللجوء إلى مكافحة الحشرات الضارة والجراثيم بما يقضي عليها من مبيدات ومطهرات بل أنك تجد أن الكل يرى في هذه المشكلة استحالة علاجها وبالتالي يتخلى الجميع فتجد جيوشا زاحفة وطائرة تمتص الدماء وتنقل الأمراض والتي تؤثر على صحة الجميع.

ومنها ما يحصل في التجمعات العامة والجلسات الشبابية في الأماكن العامة كالوديان والمتنزهات والأماكن السياحية، حيث تترك المخلفات مبعثرة هنا وهناك. وتصور أن أعدادا كثيرة ترتاد هذه الأماكن مما يسبب في تراكم القمامة والمخلفات. وهذه ظاهرة غير صحية ومزعجة في نفس الوقت، فالذي يأتي من بعد ويجد هذا الوضع لا يستطيع أن يستغل المكان بسبب وجود هذه المخلفات، التي تصبح فيما بعد ضارة للجميع.

ومنها وجود مخلفات خطيرة لا تتحلل مثل العبوات البلاستيكية، التي تكون عبئا على النظام البيئي خصوصاً، إذا وجدت بيئة لا يهتم أبناؤها بوضعها في مكانها الصحيح، كما أن مخلفات العبوات الزجاجية المكسورة تشكل خطراً على الجميع. وهذا العائق سببه عدم الوعي بأخطار هذه المخلفات التي تجدها مبعثرة في الساحات وعند المحلات التجارية وعلى جوانب الطريق.

هذه بعض العوائق المهمة، وهناك عوائق أخرى لا يسع المجال لسردها هنا، ومنها وجود تجمعات كبيرة للعمال الوافدين وتدخينهم السجائر في الساحات العامة وأماكن التسوق مما يساهم في تلوث الهواء بالسجائر السامة، وأيضاً تدخين البعض في أماكن التجمعات كالنوادي والمطاعم. وهناك عوائق عديدة تتفاوت في أضرارها ومساهمتها في التلوث عموماً. عسى أن نكون قد وقفنا على أهم المعوقات التي هي أساساً مما يلحق الضرر بالصحة العامة، وتساهم في إيجاد جو سيئ من المخلفات الضارة.