العرب والعالم

خلافات السلطة الفلسطينية مع واشنطن وإسرائيل سببت لها أزمة مالية خانقة

22 مارس 2019
22 مارس 2019

رام الله (الأراضي الفلسطينية) - (أ ف ب) - يرى خبراء اقتصاديون وسياسيون فلسطينيون أن الخلافات بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية التي تفجرت في بداية عام 2018، إضافة إلى خلافات السلطة القائمة مع إسرائيل أدخلت وضعها المالي في «أزمة خانقة».

وكانت الإدارة الأمريكية أوقفت مساعدتها التي كانت تقدمها للسلطة الفلسطينية إثر خلافات نشأت عقب إعلان إدارة دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية بداية العام 2018.

وأعلنت الإدارة وقف مساعدات بأكثر من 500 مليون دولار كانت تقدمها للسلطة الفلسطينية من خلال برنامج مساعدات.

ونشبت مؤخرا خلافات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إثر قيام إسرائيل بخصم حوالي 138 مليون دولار من الأموال الضريبية التي تجبيها شهريا لصالح السلطة الفلسطينية، عن سنة كاملة معلنة أن ذلك يأتي كون الأموال تدفع لصالح عائلات منفذي هجمات معتقلين في السجون الإسرائيلية.

كما أعلنت السلطة الفلسطينية مؤخرا حالة الطوارئ في تعاملاتها المالية، وذلك بعدما خصمت إسرائيل نسبة من الأموال التي تقوم بجبايتها لصالح السلطة، والتي تشكل ما بين 50% - 60% من ميزانية السلطة الفلسطينية الشهرية.

وتجبي إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية ما بين 150 إلى 200 مليون دولار كضريبة على المشتريات المتبادلة ما بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وتبلغ إيرادات السلطة الشهرية نحو 280 مليون دولار فيما تبلغ نفقاتها حوالي 350 مليون دولار، حسب تقديرات اقتصاديين محليين. وقامت إسرائيل بهذه الخصومات بعدما أقرت قانونا بهذه الأموال التي تعتبر أنها تذهب لصالح المعتقلين الفلسطينيين لديها أو لأسر الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل خلال الصدامات بين الجانبين.

مخاطر «انفجار»

يرى محللون سياسيون أنه في حال استمرت الأزمة الاقتصادية على حالها، فيما يتوقع خبراء اقتصاديون اشتدادها، فإنها يمكن أن تؤدي إلى «انفجار» في الشارع الفلسطيني.

ويقول المحلل السياسي جهاد حرب لوكالة فرانس برس «إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية صعبة هكذا مع عدم قدرة السلطة الفلسطينية على دفع الرواتب وتقديم الخدمات إضافة الى استمرار الاستيطان وتهويد القدس، كل هذا سيؤدي إلى انفجار».

وجاءت الخطوة الإسرائيلية بخصم نسبة من الضرائب فور إعلان الولايات المتحدة وقف مساعداتها التي كان تقدمها للسلطة الفلسطينية، إثر تأزم العلاقة بينهما عقب إعلان دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.

ورفضت السلطة الفلسطينية استلام أموال الضريبة التي قدمتها إسرائيل للسلطة الفلسطينية بعد الخصم، وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أن السلطة الفلسطينية لن تتسلم الأموال «إن كانت ناقصة فلسا واحد».

وكان عباس اتهم في وقت سابق هذا الشهر الحكومة الإسرائيلية بأنها تقف وراء «أزمة اقتصادية خانقة تمر بها السلطة الفلسطينية»، عقب قيامها باقتطاع قسم من أموال الضريبة.

وتبلغ قيمة فاتورة الرواتب الشهرية التي تدفعها السلطة الفلسطينية لموظفيها حوالي 130 مليون دولار، أي قيمة المبلغ الذي خصمته إسرائيل من ضريبة المقاصة.

وقال الخبير والمحاضر الاقتصادي نصر عبد الكريم لوكالة فرانس برس «هذه الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة الفلسطينية ليست بالجديدة، تتكرر وتختفي حسب تطور العلاقة ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أو الدول الداعمة».

وقال عبد الكريم «شهدنا أزمات سابقة وربما أشد تعقيدا، وهذه الأزمات ترتبط مع الأفق السياسي والأمني الذي يشهد حالة انسداد».

وبحسب عبد الكريم فإن هذه الأزمة كانت متوقعة، وسبب ذلك «أن الحكومات السابقة لم تنجح في الابتعاد عن التبعية والهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني، ومن المدهش أن تكون نسبة الضريبة التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية تشكل 70% من الإيرادات».

تأثير الانتخابات الإسرائيلية

يربط اقتصاديون الوضع الاقتصادي الفلسطيني العام بما ستؤول إليه نتائج الانتخابات المرتقبة في إسرائيل، غير أن هذه كله سيأخذ وقتا قد يطول إلى أكثر من ثلاثة أشهر، منها بقاء شهر على الانتخابات الإسرائيلية ومدة سبعين يوما لتشكيل حكومة في إسرائيل.

غير أن آخرين ومنهم نصر عبد الكريم يعتقدون بأن الأزمة قد تتفاقم بعد الانتخابات الإسرائيلية «في حال نجاح حكومة إسرائيلية أكثر يمينية وتطرفا، وتتواءم مع جهود الرئيس الأمريكي في فرض حل سياسي إقليمي للقضية الفلسطينية».

من جهته قال الصحفي الاقتصادي جعفر صدقة لوكالة فرانس برس إن «الأزمة الاقتصادية موجودة منذ بداية السلطة الفلسطينية في عام 1995، وهي تتضاعف من سنة لأخرى، ولا تؤثر على العجز المالي لأن العجز أصلا موجود، ولكن المشكلة تتمثل في عدم توفر السيولة النقدية نتيجة للإجراءات الإسرائيلية».

وأضاف صدقة «مثل هذه الأزمة وقعت ثماني مرات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، لكن هذه المرة تختلف بأنها جاءت نتيجة تراكمية لأغراض سياسية بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية من بداية 2018، والمشكلة أن عملية الخصم تحولت إلى قانون».

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قياديا من حركة فتح لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة تكون قادرة على مواجهة الأزمات القائمة.

لكن محللين يعتبرون أن أي حكومة فلسطينية قادمة لن تكون قادرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين طالما لا يوجد حل سياسي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي القائم.