1166067
1166067
عمان اليوم

أهالي قرية إمطي: مشروع تخليد «اللحظة الأثرية» بالفن التشكيلي يعيد الحارات إلى الواجهة والاستثمار السياحي

22 مارس 2019
22 مارس 2019

ثمنوا الفكرة.. وتقديم التراث بأسلوب عصري -

كتب- عيسى بن عبدالله القصابي -

أشاد أهالي قرية إمطي بولاية إزكي بمحافظة الداخلية بالمشروع الفني الثقافي التشكيلي الذي يحتضن حارات قديمة بإحدى القرى بولاية إزكي ليعيد تقديمها بأسلوب عصري يواكب ما يتم طرحه على المشهد التشكيلي العالمي. وتبنت المشروع الفنانة التشكيلية مريم بنت محمد الزدجالية مديرة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية وساعدها على كافة مراحل التنفيذ التي ما زالت مستمرة مجموعة من شباب القرية المبدعين ومجموعة من شركات القطاع الخاص وبإشراف من وزارة التراث والثقافة. ويقوم مشروع إمطي على فكرة إعادة تشكيل حارتي العين والسواد بالقرية وهما حارتان تمتازان بكافة عناصرهما التاريخيّة والحضاريّة والأثريّة فضلا عن الطبيعة السكّانيّة، ويعد المشروع بفكرته الفنية نموذجا متفردا في إعادة القرى العمانية القديمة ببيوتها ومكوناتها الى الواجهة واستغلالها بما يخدم مجتمع القرية وأهلها.

سعادة يونس بن علي المنذري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إزكي قال: إن الولاية تعتبر من أقدم المدن العمانية وأسسها مالك بن فهم الأزدي قبل الإسلام عندما دخل عمان ليحررها من الفرس وهناك الكثير من الآثار في الولاية ما بين قلاع وحصون وأبراج وحارات قديمة، ومن بينها حارة العين الأثرية ببلدة إمطي حيث تم تصنيف هذه الحارة في المستوى الأول ضمن تصنيف وزارة التراث والثقافة، وتتميز عن غيرها من الحارات ببنائها الهندسي الجميل ويظهر ذلك جليا في بناء أقواس الصباحات «المداخل» وكذلك جدران المنازل التي بنيت من الحجارة والأسقف بطريقة هندسية متميزة وتتخلل الحارة الطرقات الضيقة ويمر خلالها من الجهة الشرقية فلج السواد الذي يكاد تسمع خريره أثناء المرور داخل الحارة ويعكف أبناء القرية حاليا على ترميم بعض أجزاء الحارة وتجميل مداخلها ويتم ذلك بالتعاون مع بعض الجهات الحكومية كوزارة التراث والثقافة ووزارة السياحة. كما تنفذ مدرسة أم الخير للتعليم الأساسي مشروعها من أجل الوطن تفاعلا إيجابيا وشعورا بالمسؤولية وهو مشروع يعنى بتفعيل دور الحارة واستغلالها بما يتناسب معها. كما تقوم الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية وبالتعاون مع أهالي القرية بترميم بعض أجزاء الحارة وتجميلها من أجل إقامة معرض فني متكامل والذي بلا شك سيكون له دور كبير في التعريف بالحارة وإبراز دورها مما سيسهل إقامة فعاليات متعددة طوال العام وهنا نتوجه بالشكر الجزيل لكافة الجهات الداعمة والمتعاونة للدفع بمشروع ترميم الحارة والذي كان له الأثر الطيب في نفوس الأهالي».

تجربة فريدة

وقال أحمد بن محمد بن حمود التميمي مدير دائرة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية: إن مشروع الفنانة القديرة مريم الزدجالية يعد من المشاريع الاستثنائية التي ستقدم نموذجا لتوظيف المواقع التاريخية وشد الأنظار إليها، ويجسد مدى قدرة الفنان في تسخير الفن نحو خدمة التراث، والفنانة مريم الزدجالية بخبرتها الطويلة ستقدم للجمهور تجربة فريدة في إيجاد التجانس بين مفردات مختلفة في هذا الموقع، وتجاوبا مع هذا المشروع فقد قوبل باستجابة من الجميع حيث قدمت دائرة التراث والثقافة بالمحافظة التسهيلات اللازمة لإنجاح هذه الفكرة فيما وجدت الفكرة تجاوبا واستحسانا من قبل الأهالي الذين شكلوا بدورهم فريقا للتواصل المستمر مع الفنانة وقدم القطاع الخاص الدعم اللازم لإنجاح الفكرة والذين نقدم لهم الشكر جميعا على مبادراتهم خدمة لتراث هذا البلد. وأضاف إن هذه الفكرة التي تطرحها الفنانة مريم لإحياء الموقع وتضافر هذه الجهود جميعا هي مؤشرات نحو الإحساس الفردي والجماعي بمسؤولية المشاركة مع الجهات الحكومية نحو إيلاء هذه المواقع الرعاية وغرس قيم المحافظة عليها في فئات المجتمع المختلفة وفي الأجيال الناشئة من طلبة المدارس.

كنوز لا توصف

من جانبها أكدت عائشة بنت علي السليمية مديرة مدرسة أم الفضل للتعليم الأساسي أن القرية الأثرية القديمة هي كتاب يحكي تاريخ ماضي الآباء والأجداد ‹بما تحويه من أدوات تراثية تشهد على عراقة الماضي الأصيل، ومن هنا تولدت فكرة الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية بإنشاء معرض فني ثقافي باختيارها قرية إمطي «العين والسواد» لتحظى بهذا التجسيد الرائع لتحيي من خلاله ماضي الآباء والأجداد، كنوز لا توصف تحملها هذه القرية تحكي كل قطعة بها تاريخا عظيما ما بين أدوات ووسائل الطبخ وأدوات التشييد من أبواب وشبابيك بجانب أدوات الحياة اليومية التي استخدمها آباؤنا وأجدادنا في هذه القرية للزراعة وتربية المواشي. وأضافت: المعرض سيشمل وفقا لتواصلي مع مديرة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية على العديد من الأعمال التجميلية للقرية مع الحفاظ على الهوية العمانية الأصيلة وتركيب لوحات جدارية من تصميمها الشخصي وتشكيل مجسم لبئر قديم بالقرية وإعادة الجلسة تحت إحدى الأشجار المعمرة « شجرة السوقمة»، وإعادة تأهيل البوابات والنوافذ المتأثرة وصيانة بعض المنازل الموجودة بإشراف من وزارة التراث والثقافة وبتعاون شركات القطاع الخاص وأهالي القرية وشبابها، بالإضافة إلى تنظيم معارض تعود بالفائدة على أهالي القرية لاحقا.

موروثات جميلة

وعبر فلاح التوبي أحد أهالي القرية عن الفرحة بإعادة قرية امطي الى الواجهة من خلال هذا المشروع وقال: إن عُماننا الحبيبة حباها الله بموروثات جميلة وكل من يزورها يلفت انتباهه الحارات القديمة المترامية في معظم القرى العمانية، فبعضها بيوت حجرية وبعضها طينية أسقفها خشبية من حطب الكندل وجذوع النخيل، هجرها سكانها واتجهوا نحو البيوت الحديثة، ومن هذه الحارات حارة العين بقرية إمطي بولاية إزكي، كما أن منظومة الحياة قد اكتملت بجريان فلج السواد بطريقة هندسية فريدة بين بيوت الحارة والمزارع والذي شقته الأيادي البارعة، فهذه الحارة تشكل كنزا تراثيا فعندما تتجول فيها تشاهد جمالها وسحرها وتحس بالراحة والدفء بحيث تشعر بأنك تمشي ضمن حكاية تروي حياة سكانها، وكانت الحارة عبارة عن مدينة مصغرة لها أبوابها ومساجدها ومدارسها لتحفيظ القرآن الكريم تغرس في النشء جذور العادات والتقاليد العريقة قبل أن تلقن الأطفال العلم وتربي الأجيال على مبدأ العلم والعمل والكفاح من أجل الحياة.

توظيف الفن التشكيلي

من جانبها أوضحت الفنانة مريم الزدجالية أن الأعمال جارية لإعادة الحياة لهذه القرية التاريخية حيث ستضم مجموعة من الفعاليات المختلفة ذات الطابع الفني والثقافي ومعرضا شخصياً في كل من القرية والمتحف الوطني في الفترة القادمة، ويكون هذا المشروع عبارة عن معلم ثقافي سياحي تعليمي يخدم المجتمع من خلال توظيف أدوات الفن التشكيلي المعاصرة في هذه القرية الحضارية والتي ستكون بلا شك معلما جذابا للسياحة يضاف الى المعالم الأخرى التي تنفذها بعض المؤسسات، وما زلنا بحاجة إلى المزيد من الدعم لتكملة بقية المتطلبات لإخراج القرية بشكل يليق بمكانتها التاريخية والجغرافية. وقدمت الزدجالية شكرها للشركات والمؤسسات التي قدمت مساهمتها ودعمها لهذا المشروع وأشادت بأهالي القرية فرداً فرداً على تعاونهم الكبير، وثمنت جهود سعادة يونس بن علي المنذري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إزكي على وقفته ودعمه المتواصل في إنجاز هذا المشروع الذي يحكي تاريخ هذه القرية بموروثها المادي والمعنوي مؤكدة على أن هذا العمل بمثابة ترويج للحارة وتوثيقها في مختلف وسائل الإعلام كجزء من الموروث الثقافي والحضاري لعمان، لتصبح مزاراً سياحياً للكثير من المهتمين بتتبع أثر وملامح الماضي»