صحافة

الحياة الجديدة: عمر الكرامة

21 مارس 2019
21 مارس 2019

في زاوية مقالات كتب موفق مطر مقالا بعنوان: عمر الكرامة، جاء فيه:

صواب لو قرأناها عُمَر الكرامة، وصواب أيضا لو قرأناها عُمرُ الكرامة. أخذتنا روح الشاب الشهيد عمر أبو ليلى وصورة بطولته إلى رحاب المقصدين من المعنيين، حيث رأينا في الشاب الوسيم المبتسم (عمر) نموذجا نوعيا كأحدث صورة للإبداع النضالي البطولي الفلسطيني جسدت معنى تفوق الإرادة والإيمان بالحق على السلاح المحمول على جنازير ونفاثات الباطل.

بعد حوالي نصف قرن على معركة الكرامة الخالدة التي خاضها الفدائيون قبل واحد وخمسين عاما بالتمام والكمال من اليوم أي في الحادي والعشرين من مارس من عام 1968 جاء (عمر) ليبرهن لنا أن منهج الصمود والثبات وافتداء الفكرة والأرض والشعب والقضية، والقرار الوطني في الزمان والمكان الصحيحين إشعاع لا يخبو ولا ينطفئ ما دام هناك فلسطينيون قادرون على تجسيد المعنى الحقيقي للفداء.

وقائع معركة الكرامة الجديدة التي قرر الشاب عمر خوضها، تشبه وقائع معركة الكرامة التي قرر أجداده الفدائيون قبل واحد وخمسين عاما دخولها وفي يقينهم أنها ستكون منعطفا تاريخيا إن استطاعوا الصمود وقتال جيش دولة الاحتلال إسرائيل الذي وصف بالجيش الذي لا يقهر خاصة بعد انكسار جيوش دول عربية كبرى أمامه في حرب الخامس من يونيو في عام 1967 أي قبل تسعة أشهر فقط!.

سكين عمر، هي شبيه السلاح الذي جمعه الفدائيون من مخازن الجيوش الرسمية المنكسرة، وبعض سلاح قديم أزيل عنه الصدأ، لكن إرادة عمر وروح البطولة والفداء التي جسدها عند بوابة مستعمرة أرئيل المنشأة على أرض سلفيت في وطنه فلسطين هي وليد روح البطولة والفداء التي جسدها الفدائيون الفلسطينيون في قرية الكرامة الأردنية، لا فرق فهذه أرض عربية وتلك أرض عربية تستحقان التضحية.. لكن الفدائيين لم يكونوا وحدهم فالنشامى من الجيش العربي الأردني انضموا إليهم، فكانت معركة استعادة العرب لكرامتهم بعد نكسة حلت بجيوشهم كادت تصيب الأمة بانهيار.. فكانت معركة الكرامة، حيث قررت الصمود والقتال بعد انسحاب أدعياء التنظير الثورجي من الميدان وتحويل الانكسار بالبطولة النوعية وبالوفاء لقسم الإخلاص لفلسطيني إلى ملامح انتصار.

لكن ما وجه الشبه بين واقع الانكسار الرسمي العربي قبل معركة الكرامة وواقع انكسار فُرِضَ على الشعب الفلسطيني، ولماذا يحق لنا القول إن (عمر) قد صنع كرامة لنا وشد لنا شمسا لتسطع بالأمل وتخترق أقتم أيامنا السوداء. جاء عمر بكرامته وهامته وشبابه وإيمانه وإرادته وصدق انتمائه بمقاومة وبملحمة فداء غيرت المعادلة والنظرة لمعنى شرعية الكفاح والمقاومة في قاموس الفلسطينيين!!. جاء عمر وانقض على جنود الاحتلال وانتزع سلاح أحدهم وقاومهم وقاوم المستوطنين به. جاء الشاب الوطني (عمر أبو ليلى) ليثأر لكرامة أقرانه في الوطن الذين يعدمهم جنود الاحتلال عند الحواجز لمجرد الشبهة..صنع عمر كرامة للشباب الفلسطيني من معدن الوطنية غير القابل للصهر أو الذوبان أو التفتت أو حتى التشظي، معدن لن يقوى عليه أقوى جيش في العالم، فكيف ونحن نتحدث عن أدوات مؤامرة هدفها دفع شباب فلسطين للركض وراء رغيف الخبز، بدل دفع جنود جيش الاحتلال للركض هاربين خائفين!. ما بين الكرامة في مارس من العام 1968 التي صنعها الفدائي الفلسطيني المنظم، وبين كرامة الشاب الشهيد عمر ابو ليلى (عُمرُ) فيه من آيات الكفاح والنضال وأسماء الشهداء والأسرى والجرحى والصامدين على أرض الوطن واللاجئين في المخيمات في الوطن ودول الجوار والمهجر ما يكفينا لأن نبلط قيعان بحار بالأوسمة.

صمد الفدائي وقاتل في الكرامة فصنع لشعبه كرامة خالدة، وصمد الفدائي الشاب وقاتل المحتلين بسلاحهم حتى استكمل خط المعنى الفلسطيني للكرامة بأسلوب شباب فلسطين اليوم وأجيالها القادمة.