أفكار وآراء

لماذا التكنولوجيا المالية «فنتك» ؟

20 مارس 2019
20 مارس 2019

د. عبدالقادر ورسمه غالب -

[email protected] -

التكنولوجيا المالية (فنتك) أصبحت الآن في حكم الأمر الواقع الذي لا مناص عنه، بل أصبحت ضرورة يجب التعامل بها والتعايش معها في كل لحظة في ظل عصر التقنية المتطورة. وكل هذا أتى فعليا بفعل تقنيات «الثورة الصناعية الرابعة» التي ستغير معالم العالم تماما وسنتغير معها وبسببها، شئنا أم أبينا. إن الفلسفة التقنية للثورة الصناعية الرابعة تقوم على افتراض إحلال الآلة مكان البشر.. نعم، البشر الآلي، وبالطبع هذا تطور خطير في مستقبلنا المنظور. نقول هذا لأن ملايين البشر، ومنهم الأكفاء والمتعلمين وأصحاب الخبرات، سيفقدون وظائفهم لأن «السيد آلة» حل أو سيحل محلهم. والخطر الحقيقي يكمن في «أين يذهب هؤلاء ؟ وكيف ستواجه الحكومات هذه الملايين الجرارة من البشر المتعطل عديم العمل؟». والتعطل والعطالة أمر خطير الانعكاسات. وكيف سيتم إصلاح الخلل الاجتماعي الذي سيحدث في المجتمعات. ولكن بالرغم من هذه السلبيات الآنية نقول: إن الحاجة للتطور ضرورة لحياتنا وللأجيال القادمة، ومع الزمن القريب ومن رحم التقنية ستظهر تلقائيا البدائل المناسبة. وآمل ألا يطول الوقت.

أتت الثورة الصناعية الرابعة بعدة منتجات وتطبيقات تقنية جديدة، مستفيدة مما سبق تطبيقه في مجالات الحاسوب والإنترنت والبرامج التقنية الحديثة. وكتطور طبيعي للتقنية المتجددة، ظهرت لنا تقنية البلوكشين «سلاسل الكتل – كتل السلاسل» التي تستخدم الآن في تطوير وتأمين الأعمال المصرفية والمالية وحتى النقدية عبر «الكريبتوكرنسس» و«البتكوين» وغيرها من العملات الإلكترونية الأثيرية. وكل هذه العمليات وما في شاكلتها من تقنية حديثة التي تستخدم فيها البنوك والمؤسسات المالية والتأمين، تقنية البلوكشين، تعتبر من أساسيات التكنولوجيا المالية أي الـ«فنتك».

وعبر برمجة ماكينات الصراف الآلي استغنى الزبون عن التعامل مع موظف «الكاونتر»، أو ربما فرض عليه هذا الوضع بسبب التعامل الإلكتروني. وعبر الكود والباسورد والتوقيع الإجرائي ظل الزبون يتعامل مع الموظف الآلي الإلكتروني المتمثل في ماكينة الصراف الآلي وعبرها يحصل على ما يريد في لمح البصر وبعيدًا عن أي استجوابات أو مماطلات من الموظف البشري. وكذلك يحدث هذا عند التعامل مع بطاقات الدفع الآلي في نقاط الدفع والبيع وببطاقة الائتمان عند السفر وعند الشراء عن البعد، وهكذا يعمل الحاسوب ليل نهار لتلبية وتغطية طلبات الزبائن والجميع نيام. ومن كل هذا المعاملات الإلكترونية السهلة، نتج المزيد من الراحة، والمزيد من المرونة، والمزيد من السرعة، وإضافة لكل هذا نجد المزيد من السرية المطبقة؛ لأن الآلة صماء بكماء عمياء.

يتساءل البعض، لماذا ينبغي أن يكون قطاع التكنولوجيا المالية (فنتك) ذا أهمية كبيرة في الوقت الراهن؟ نقول: إن أخصائي الأعمال في قطاع الخدمات المالية يرون أنه من الممكن اعتماد التكنولوجيا المالية الـ(فنتك) كمحرك رئيسي لكفاءة الأعمال. وكذلك، لا تقتصر التكنولوجيا الرقمية على خفض تكلفة تقديم الخدمات الرئيسية فحسب، بل من الممكن أيضًا زيادة فعاليتها وشفافيتها عن طريق إنشاء سجل رقمي مستمر لجميع المعاملات. ويمكن تطبيق تقنية «بلوكتشين» للمساعدة في هذا المضمار، لأنها عبارة عن دفتر حسابات الرقمي، ويمكنه القيام بذلك بكفاءة أكثر وأمان ولا يضاهيه في هذا أي تكنولوجيا سابقة لأنها وعلى الفور تنتج سجلا رقميا ثابتا لكل معاملة، وبمجرد إنشاء السجل، لا يستطيع أحد تعديله أو حذفه. وهنا تكمن الأهمية لمصلحة الجميع في عصر العولمة التنافسي.

المميزات والخصائص المذكورة أعلاه، تبين بوضوح، أن التكنولوجيا المالية الـ(فنتك) تتمتع بالقدرة التقنية الصالحة لتوفير طرق بديلة لكل الشركات خاصة المالية ولمساعدتها لتتمكن من تحقيق أهدافها المنشودة من خلال تطبيق البرامج المدعومة بالتقنيات الحديثة التي تأتي بكل جديد مع كل يوم جديد. وننصح، كل جهات الأعمال القائمة والرواد بضرورة الاستفادة من هذا المنفذ الفذ وتهيئة أنفسهم للدخول في غماره؛ لأنه أصبح الواقع المفروض والأمل المزعوم. كل هذا يحتاج للتدريب ثم التدريب والتدريب لفهم التقنيات الحديثة ومقابلتها بالقوة المطلوبة حتى تتم الاستفادة العملية لإيجاد المجتمع التقني. وننصح الجهات الرسمية، بضرورة التحرك الجاد لوضع التشريعات الملائمة واللوائح التنظيمية الحديثة لتقنين وتأمين ما يدور حولنا عبر المجالات التقنية الحديثة، وحتى نعمل في أمان مع كل العالم من حولنا تحت حماية ومظلة القانون ولمصلحة المجتمع وأصحاب المصلحة الحقيقية.