مرايا

قصة «جوجل» عملاق البحث على الإنترنت

20 مارس 2019
20 مارس 2019

نتاج تعاون بين فضول مستكشف وعبقري رياضيات -

تحتفل شركة جوجل هذه الأيام بعامها الـ20 بسيرة حافلة من الإنجازات والإخفاقات والصفقات. هي رحلة طويلة ولكنها تبدو وكأنها بدأت بالأمس في زمن التكنولوجيا المتسارع والحافل بالابتكارات على يد شابين جامعيين. ولكن كيف بدأت جوجل من مجرد رغبة بالتصنيف إلى شركة تسيطر على عالم المعلومات؟

وبحسب ما جاء بتقرير ”عربي بوست” فإنه في صيف عام 1995، كان هناك طالبٌ في السنة الثانية بكلية الدراسات العليا، يدعى سيرجي برين، يصطحب الطلاب المحتمل التحاقهم بجامعة ستانفورد في جولة. وكان لاري بيج، أحد خريجي قسم الهندسة بجامعة ميشيجان، واحداً من أولئك الذين يتعرفون على حرم الجامعة في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، وهكذا تقابل الشابان اللذان ابتكرا هذا المحتوى العملاق في عالم الإنترنت.

قبل جوجل كانت تقنية الإنترنت الموجودة آنذاك تعني أنه يمكنك معرفة الوجهة التي يحيلك إليها أحد المواقع الإلكترونية من خلال قراءة عنوان رابط الوجهة فقط، لكن الطريقة الوحيدة لمعرفة أي المواقع الإلكترونية يحيل إلى رابط معين كانت أن ترى الرابط محالاً إليه بالفعل من موقع آخر.

بعبارة أخرى، لكي تحصل على قائمة وافية بكل صفحة إلكترونية مرتبطة بموقع stanford.edu مثلاً، كان عليك أن تتفقد كل موقع إلكتروني آخر على الإنترنت.

وكان مشروع «Backrub» وهو الاسم الأصلي لجوجل، الذي أسسه بيج، يهدف إلى حصر تلك الروابط النصية، وهي مهمة معقدة لم تتطلب فقط موارد حاسوبية ضخمة؛ بل حسابات رياضية معقدة، وكان هذا دور برين، عبقري الرياضيات.

وفي عام 1996، بدأ بيج وبرين يجربان في الصفحة الرئيسية لموقع جامعة ستانفورد، وسرعان ما صمما خوارزمية PageRank، وهي نظام تصنيف تبيَّن لاحقاً أنه الفكرة التي ستجعلهما يحققان طفرةً في المجال.

صُممت الخوارزمية لإعطاء الروابط التي جاءت من صفحات أكثر موثوقيةً ثقلاً أكبر؛ إذ كلما زاد عدد الروابط النصية لموقع ما، زادت احتمالية كونه مصدراً جيداً، كما هي الحال مع الأوراق الأكاديمية.

سمح ذلك لبيج وبرين بأن يصنفا نتائج البحوث، ليس فقط بناءً على تكرار الكلمات المفتاحية؛ بل الموثوقية أيضاً. ولأن النظام كان يحلل الروابط، فكلما اتسعت الشبكة، تحسن Backrub.

ومن هنا وُلد «جوجول».. أي الرقم واحد يليه 100 صفر

في أغسطس عام 1996، تحول اسم Backrub إلى «جوجل»، وهو تلاعب بمصطلح «جوجول»، الذي يعني واحداً يليه 100 صفر، وفق ما جاء في تقرير صحيفة “الجارديان”.

وظهرت النسخة الأولى من المحرك البحثي على موقع جامعة ستانفورد، وكانت تعمل على بقايا حواسيب جمعها بيج وبرين من دون إمعان.

احتاج النظام إلى نطاق ترددي واسع إلى درجة أنه كان يعطل اتصال الإنترنت في ستانفورد تعطيلاً دورياً، لكنه نجح في السماح للمستخدمين بالبحث في الصفحات المخزنة بقاعدة البيانات، التي كان عددها يبلغ 24 مليون صفحة.

وفي يوم 15 سبتمبر من عام 1997، سجل موقع Google.com، وبحلول أغسطس عام 1998، ظهرت أولى «خربشات جوجل»، وهي رسمة لتمثال الرجل المحترق، التي كان هدفها إعلام الجميع بأن بيج وبرين كانا في مهرجان الرجل المحترق بصحراء نيفادا.

وتلقت جوجل أول تمويل لها في أغسطس عام 1998، على هيئة شيك بقيمة 100 ألف دولار من آندي بيكتولشيم، أحد مؤسسي شركة صن ميكروسيستمز، مقدماً إلى «شركة جوجل المحدودة».

لكن المشكلة أن شركة جوجل المحدودة لم تكن قد أُسست بعد؛ لذا بعد الإسراع بإنهاء الإجراءات، أُسست شركة جوجل يوم 4 سبتمبر عام 1998 حتى يستطيع الثنائي صرف الشيك.

وبعدها بشهر، انتقل الثنائي من السكن الجامعي إلى مرآب صديقتهما سوزان وجيسكي (وهي الآن المديرة التنفيذية لشركة يوتيوب) في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، ومعهما طاولة تنس وسجادة لونها أزرق فاتح، متلقين مزيداً من الاستثمارات من جيف بيزوس مؤسس أمازون وغيره.

وفي وقت مبكر من عام 1999، حاول بيج وبرين بيع جوجل لشركة إكسايت، التي كان محركها البحثي في ذلك الوقت هو الثاني في الترتيب بعد Yahoo، مقابل مليون دولار، لكن حتى بعدما أقنعهما فينود كوسلا، المستثمر الرأسمالي في Excite، بتخفيض المبلغ إلى 750 ألف دولار، رفض الصفقة جورج بيل، المدير التنفيذي لـ«إكسايت»، لكن سبب ذلك ظل مثار جدل لسنوات.

وقيل أيضاً إن بيج وبرين حاولا بيع تقنيتهما لمحركي البحث «ألتافيستا» و«ياهو» عام 1998، لكن بلا فائدة.

ومع عدم وجود مشترٍ في الأفق، بدأت جوجل توظف مهندسين، وانتقلت الشركة من المرآب إلى مكتب بشركة بالو ألتو في مارس عام 1999.

وبحلول نهاية العقد الأول من نشأة جوجل، كانت قد نجحت في الفوز بحروب محركات البحث. وكانت PageRank قد قدمت لها أولى المساعدات، ومكَّنتها من تقديم تجربة بحث أفضل من كل منافسيها.

وحتى هذا اليوم، تظل صفحة جوجل الرئيسية نظيفة وبسيطة التفاصيل؛ إذ ليس فيها أكثر من الشعار، وخانة البحث، وزران.

وبدأت تتوسع في السوق بصفقات استحواذ مليارية

لكن نقطة التحول التي نقلت جوجل من السيطرة على خدمة إلى السيطرة على صناعة بأكملها، كانت حين أدركت الشركة أنها تحتاج إلى تجاوز مناطق خبرتها، وبدأت موجة استحواذ وضعت بذور تطورها وتعملقها الحاليين.

ويمكن القول إن أهم صفقاتها كانت شراء «يوتيوب»، الذي اشترت أسهمه بقيمة 1.65 مليار دولار، وهي أكبر صفقة شراء أبرمتها الشركة، وقد آتت الصفقة أكلها؛ حيث أن دخل «يوتيوب» من الإعلانات فقط في عام (2018) قد وصل إلى 4 مليارات دولار.