khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: الأم عيد

20 مارس 2019
20 مارس 2019

خصيب عبدالله القريني -

ربما يعتقد القارئ بأن هنالك خطأ في عنوان هذا المقال، فالسائد أن اليوم هو عيد الأم والذي يصادف الحادي والعشرين من مارس من كل عام، ولكن اطمئن القارئ العزيز بأن العنوان صحيح وليس به لبس، فالذي يعيش في كنف امه هو في عيد دائم ومستمر لا يتوقف او ينحصر في يوم معين، فالأم هي من يعطي للأيام عيدها، وليس العكس كما نظن.

إن الحديث عن دور الأم حديث لا يمكن أن يستوعبه مقال قصير كهذا، ولا حتى مجلدات العالم تستطيع أن تفعل ذلك، لماذا؟ لأنك باختصار أمام شخصية تعطي ولا تنتظر المقابل، تحب ولا تنتظر منك ذلك، كل شيء تقدمه بحب وإخلاص وصدق، فمهما قام أي شخص بذلك من أجلك غير أمك فإن احد أركان ذلك العطاء سيكون ناقصا، لأنه لن يستطيع أن يستشعر ذلك الجانب العاطفي الذي تمتلكه الأم، ولذلك يصعب أن تجد أما تكره ابنها أو ابنتها مهما اذنبوا في حقها، فتظل تحاول أن توجد الأعذار لهم ولو تكررت، كل ذلك نعبر به بكلمتين هو قلب الأم.

إن اهتمام العالم الغربي بإيجاد يوم للأم في كل عام هو في الواقع ناتج من حالة الجحود والنكران التي تعيشها تلك المجتمعات الغربية في هذا المجال، فلا دور للام إذا ما تحدثنا عن الجانب العاطفي الذي انعكس بدوره على الأبناء فلم يعودوا يشعروا بأهمية دور الأم في حياتهم، ولذلك غصت مراكز إيواء العجزة والمسنين بالكثير من الآباء والأمهات الذين لا يجدون أي رعاية وأي اهتمام من أبنائهم، وربما في اعتقادي الشخصي أن ذلك ناتج أيضا من نمط التربية السائد في تلك المجتمعات، فالابن والابنة منذ أن يصل لمرحلة النضج فإن عليه أن يعتمد على نفسه في كل شيء، وبالتالي يتخلى الأبوان عنه من أجل أن يزرعا فيه قيمة الاعتماد على النفس، ورغم أهمية هذه القيمة فأنها في الأساس تركز على الجانب المادي وتهمل الجانب الروحي الذي يعد الأصل في العلاقات الأسرية.

وإذا ما نظرنا في المقابل لمجتمعاتنا العربية، فإننا ولحد الآن ما زلنا نعيش في ظل أسلوب تربوي يتناسب مع قيمنا الإسلامية التي تحث على احترام الأبوين وحبهما، وربما يكون منشأ هذا الحب أيضا هو اهتمام الأبوين منذ الصغر وحتى الممات بأبنائهم، واعتبارهم أطفالا من الناحية الوجدانية في تعاملهم معهم، فانعكس ذلك إيجابيا على العلاقات الأسرية بصورة عامة، فالحقوق والواجبات أصبحت متوازنة، فما تعطيه اليوم ستحصده مستقبلا، ورغم وجود حالات مخالفة لهذا التوجه إلا انها تظل في مستوى الشذوذ المتعارف عليه.

إن الحديث عن الأم هو حديث عن الحب، عن العطاء، فليحافظ كل منا على جذوة الحب والعطاء ما دام يمتلكها، ولنحاول أن تكتم حديثك إذا كان الغياب سيد الموقف، فلا يجوز في عرف المحبين الحديث عن الحب في غياب الحبيب.