صحافة

هزيمة ثانية لتريزا ماي ورفض الخروج من دون اتفاق

18 مارس 2019
18 مارس 2019

للمرة الثانية تتعرض رئيسة الوزراء تريزا ماي يوم الثلاثاء 12 مارس لهزيمة نكراء حيث لم تستطع تمرير خطتها المعدلة للبريكست في البرلمان بعد تعديلها وإدخال ضمانات قانونية عليها، حيث صوت 391 نائبا ضد الاتفاقية مقابل 242 مؤيدا، ما جعلها تعرب عن خيبة أملها بعد التصويت وتعلن انه ليس أمام البرلمان سوى التصويت على الخروج من دون اتفاق في اليوم التالي.

وفي تصويت الأربعاء 13 مارس رفض النواب بفارق بسيط خيار الخروج من الاتحاد من دون اتّفاق، وبلغ عدد النواب الرافضين 312 مقابل 308 مؤيدون. وبذلك وضع البرلمان البلاد أمام مأزق حيث رفض اتفاق ماي ثم رفض الخروج من دون اتفاق. وبالتالي اصبح مطلوبا التصويت على تمديد فترة البريكست وتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة.

واعتبر زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربن أن «الحكومة تعرضت لهزيمة جديدة بأغلبية كبيرة، وأن اتفاق رئيسة الوزراء أصبح ميتا»، داعيا إلى انتخابات عامة جديدة.

أما الاتحاد الأوروبي فأبدى استعداده للنظر في طلب بريطانيا ارجاء البريكست، حيث قالت متحدثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر: «إذا قدّمت المملكة المتحدة طلبا مبرراً لدوافع التمديد، فإن الأعضاء الـ27 في الاتحاد على استعداد للنظر فيه واتّخاذ قرار بالإجماع».

وقد هيمنت اخبار رفض البرلمان للاتفاق المعدل للبريكست على العناوين الرئيسية في الصحف البريطانية وصفحات الرأي والافتتاحيات. ووجهت انتقادات لرئيسة الوزراء تريزا ماي بسبب فشلها للمرة الثانية في الحصول على موافقة لخطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

صحيفة «الجارديان» نشرت تقريرا كتبته هيذر ستيوارت بعنوان: «هزيمة اخرى مدوية لماي قبل 16 يوما من تاريخ الخروج من الاتحاد الأوروبي»، اشارت فيه الى ان نواب البرلمان وجهوا ضربة جديدة لسلطة رئيسة الوزراء «الممزقة» بتصويتهم مجدداً ضد خطتها للبريكست. وانها منيت بهزيمة ثانية مهينة. مشيرة الى تجاهل النواب لتوسلاتها وهي تقول لهم بصوت متهدج «انه الوقت الذي يجب ان نتحد فيه، ادعموا هذه الخطة وتمموا الاتفاق». وفي الوقت نفسه ابلغها نواب الحزب الديمقراطي الوحدوي الايرلندي الشمالي بانهم غير مقتنعين بتطمينات الاتحاد الاوروبي لها. وكتبت اليسون بيرسون تقريرا لصحيفة «ديلي تلجراف» بعنوان «ماي تتماسك رغم الهزيمة المهينة للمرة الثانية»، قالت فيه انه امر مؤلم التطلع الى ماي في مجلس العموم بعد الهزيمة، فهي لم تتمكن حتى من الاعتماد على مستشاريها المقربين.

وأضافت ان كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي يدركون مدى ضعفها وأنها لا تحظى بتأييد برلمانها، وان أعضاء حكومتها يتنازعون فيما بينهم للحصول المنصب حال تخليها عنه. وقالت الصحيفة ان المملكة المتحدة تحتاج الى «زعيم جديد جريء» يمكنه الدخول في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشجاعة ورؤية حماسية.

ومن جانبها سخرت صحيفة «التايمز» من تريزا ماي في تقرير نشرته بعنوان «قيادة نحو خيبة الامل»، أشارت فيه الى فشلها رغم حصولها على ضمانات إضافية من بروكسل. وتطرقت الى انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني مقابل اليورو والدولار عقب التصويت، وان الأسواق تتعرض للخطر بفقدان عشرات الآلاف من فرص العمل.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان «على شفا الهاوية»، إن خسارة التصويت مرة واحدة على قد يعتبر سوء حظ، ولكن الهزيمة الساحقة للمرة الثانية في تصويت على السياسة ذاتها بعد عدة أسابيع يتعدى حدود الإهمال وسوء الحظ. وانه تحت الظروف الطبيعية، تعني الهزيمتين الاستقالة.

ووصفت صحيفة «ديلي ميرور» هزيمة ماي بأنها «مذلة»، وتكهنت بأن خروج بريطانيا من الاتحاد سيتأخر، وان المملكة المتحدة ستواجه شهورا من الفوضى بعد هزيمة ماي في مجلس العموم.

وبدلا من ان تهاجم صحيفة «ديلي ميل» تريزا ماي بسبب هزيمتها المذلة، القت باللوم على نواب البرلمان ووصفتهم بـ»مجلس الحمقى» لرفضهم مشرع ماي المعدل للبريكست، وإغراقهم «الأمة اليائسة في الفوضى». كما هاجمت صحيفة «الصن» نواب البرلمان ايضا ووصفتهم بـ«برلمان الأقزام» الذين خذلوا الأمة. وتهكمت الصحيفة على تهدج صوت ماي كما لو كانت مصابة بنزلة برد خلال حديثها للبرلمان فقالت ان ماي فقدت الصوت والتصويت تاركة المملكة المتحدة دون مسار واضح للبريكست.

وتحت عنوان «ماي فقدت الزمام بعد رفض النواب لصفقة جديدة للبريكست» قالت صحيفة «الفايننشال تايمز» ان سلطة رئيسة الوزراء اصبحت الآن مجزأة وأنها فقدت السيطرة. وتضيف ان على النواب ان يتولوا السيطرة لتجنب الفوضى السياسية وخلق مساحة لإعادة التفكير.

وكتب جيمس باتلر مقالا لـ«فايننشال تايمز» بعنوان «الخطوات القادمة» قال فيه ان إخفاق ماي المتكرر أدى إلى فقدان أعضاء البرلمان المؤيدين للخروج من الاتحاد الثقة في ماي، حيث حاول 100 منهم إبعادها عن منصبها في نوفمبر الماضي. كما أنها لم تظهر استعدادا للاستقالة من منصبها رغم هزيمتين فادحتين. وفي أعقاب التصويت على رفض خطتها المعدلة، ورفض الخروج من دون اتفاق، أعلنت ماي ان الخيارات لا تزال كما هي، وعلى البرلمان مسؤولية إيجاد حل للوضع الحالي. وقالت إن الاتحاد الأوروبي كان واضحا من ان الصفقة الموجودة على الطاولة حاليا هي الصفقة الوحيدة الممكنة.