1163389
1163389
عمان اليوم

ندوة تدرس قضايا التقنية وأثرها على الأسرة والمجتمع وآفاقها المستقبلية

17 مارس 2019
17 مارس 2019

ركزت على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية -

كتبت- عهود الجيلانية:-

بدأت مساء أمس بجامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر فعاليات ندوة «أسرتي والتقنية» بتنظيم من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ممثلة في دائرة الإرشاد النسوي تحت رعاية سعادة حسين بن علي الهلالي المدعي العام وبحضور عدد من المسؤولين والباحثين والمهتمين بالشأن الأسري.

وقالت جوخة بنت علي الحارثية رئيسة قسم الوعظ والإرشاد النسوي بالوزارة: إن تنظيم الندوة يأتي إيمانا من الوزارة بدور الوعي المعرفي والفكري وقدرته على إيجاد الحوار الفعال وبهدف دراسة القضايا المتعلقة بالتقنية والتقانة وسبر الإشكالات التي تدور حولها وإيجاد الحلول لها، ودراسة أثرها على الأسرة والمجتمع، وبحث آفاقها المستقبلية القادمة. وأضافت: إن التجربة الإنسانية محكومة بواقع التحولات الاجتماعية والفكرية والثقافية والمعرفية، وقد استطاعت التجربة البشرية عبر الوعي المعرفي والإمكانات الذهنية أن تطور آفاق الحياة المعاصرة والراهنة، وأن تدفع الفرد للخروج من شرنقته وفضائه الضيق والمحصور بجغرافيا المكان للتحليق إلى عوالم مفتوحة وقصية وافتراضية. وأوضحت أنه: بعد أن كان ساعي البريد يشكل الوسيط والقوى الفاعلة في عملية التواصل الاجتماعي، سعى الوعي المعرفي للإنسان وحب التجربة والرغبة الملحة لاختزال الزمن وتفكيك واقع البعد المكاني إلى اختراع الهاتف والتلجراف وصولا إلى الحاسب الآلي وشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، ومع هذا الأخير تمكن الفرد من تشكيل عالمه الافتراضي، وهو عالم مغاير بات محكوماً باشتراطات جديدة، فأصبحت البيئة الرقمية والعالم التقني الفضاء الحيوي والسمة الغالبة للكثير من ممارساتنا اليومية، وهذه حقيقة لا يمكن تجاوزها ونحن نتتبع تحولات الواقع الراهن. وأكدت الحارثية أنه على الرغم من أن التقنية وبالأخص ما أحدثته من طفرة متقدمة في عالم التواصل الاجتماعي، إذ سهلت الحياة اليومية للأفراد وقاربت بين الشرق والغرب، وجعلت من العالم قرية كونية صغيرة، إلا أنها لم تخلُ من المآخذ والسلبيات والمخاطر والآفات، فنحن نتحسس ذلك على مستوى الواقع السلوكي والاجتماعي للأفراد.

وقالت جوخة الحارثية: إن مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة والأجهزة الذكية التي تحركها قوة اللمسة بطرف الأصبع تشكل حقيقة ينبغي التركيز عليها، لما لها من دور حيوي وفاعل في توجيه وعي الأفراد وبالأخص الأطفال والمراهقين، إذ تجاوزت هذه التقنية دورها الأساسي وهي تسهيل عملية التواصل، لتشكل مادة أساسية في بناء الوعي القيمي والأخلاقي لأبناء المجتمع، إذ أصبحت التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي تشكل أحد التحديات الأكثر مأزقية في مجتمعاتنا، فمن الأولى مواجهة سلبياتها ليس عبر منعها، بل من خلال تشكيل وعي مجتمعي يوجه الأبناء والمربين لما لهم وما عليهم ويؤطر حدود الحرية ويضع الأنظمة التي تكفل حالة من التوازن حتى لا ينجرف المجتمع إلى هوة اللاأخلاقية، وضياع الكثير من الطاقات والمواهب والمهارات العقلية دون جدوى في تطوير المجتمع وتقدمه.

أوراق العمل

وشارك في الندوة مجموعة من الخبراء في مجال التقنية وأثرها على الفرد والمجتمع وقدموا أوراق عمل علمية، فقد تناولت جلسة أمس محور «إيجابيات التقنية الحديثة والتحديات والمخاطر» قدمت خلالها أربع أوراق عمل متخصصة، الورقة الأولى حملت عنوان «التقنية الحديثة مفاهيم ومخاوف ودوافع» قدمها عبدالله بن حماد المجيني مدرب منتدب بالمركز التخصصي للتدريب المهني للمعلمين بوزارة التربية والتعليم، قال فيها: تشير الإحصائيات الأخيرة بشهر يناير 2019م حول تعامل الناس مع الإنترنت على المستوى المحلي أن عدد اشتراكات الهاتف في السلطنة بلغت 6.66 مليون مشترك في حين تجاوز مستخدمي الإنترنت 3.78 مليون شخص، بينما بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل النشطين حوالي 2.5 مليون مستخدم، وبلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل عن طريق الهاتف 1.9 مليون مستخدم، وهذا يوضح تطورت التقنيات الحديثة وخاصة في ما يتعلق بالإنترنت بدأ من الويب 1.0 إلى 2.0 إلى 3.0 وصولا إلى الثورة الصناعة الرابعة وعصر الذكاء الاصطناعي والثورة الاجتماعية التي سيحتم على المجتمع التأقلم مع الروبوت والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية.

وأضاف: هناك دوافع للأسرة والأبناء لامتلاك التقنيات والتعامل معها أبرزها إشباع الحاجات وحب الاستكشاف وطلب المعرفة والهروب من الملل، والاستخدام المفرط للتكنولوجيا قد يتسبب في تكسير الروابط العاطفية بين الآباء وأطفالهم، بينما يحافظ الاستخدام المعتدل لها على هذه الروابط، والاستخدام المفرط للتكنولوجيا تسبب في زيادة نسبة الدهون لدى الأطفال، بالإضافة إلى تناقص ساعات النوم لديهم، والعكس صحيح، واستخدام الأبناء التكنولوجيا من بين 3 إلى 4 ساعات في اليوم أكثر عرضة بنسبة 50% للوقوع في سلوكيات خطيرة كالتدخين أو تعاطي المخدرات، أما من وجهة نظر إيجابية فقد أفادت بعض الأبحاث بأن مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب تساعد في تنمية أنواع محددة من المهارات. وحول أثر التكنولوجيا على النمو الحسي للأطفال قال عبدالله المجيني: إنه يمكن أن يتعرض الأطفال الذين يفرطون في استخدام التكنولوجيا وألعاب الفيديو للعديد من المشاهد العنيفة التي تتسبب في رفع معدل الأدرينالين ومستويات التوتر لديهم وارتفاع في معدل دقات القلب وتناول المجيني في ورقته أكثر من سبعة مخاطر تواجه الأطفال على الإنترنت (التنمر السيبراني- الاعتداء الإلكتروني - نشر البيانات الخاصة - التصيد- الاحتيال- تنزيل برمجيات خبيثة- منشورات قد تستخدم ضد الطفل). وتطرق في ورقته أيضا إلى شرح تفاصيل المواطنة الرقمية وهي مجموعة من القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل والقويم للتكنولوجيا والتي يحتاجها المواطنون صغارا وكبارا من أجل المساهمة في رقي الوطن، ومحو الأمية الرقمية من خلال وضع قواعد تساعد الأهل على تأمين بيئة أكثر أمانًا للأطفال على الشبكة، وذلك بالحيطة والحذر ومراقبة أنشطة الأطفال على الشّبكة والتّحكّم بها باستخدام برمجيّات المراقبة الأبويّة (Parental control) المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه، والالتزام بالقواعد الأخلاقيّة على الإنترنت، وفتح باب الحوار والتّواصل ويتمّ ذلك من خلال محاورة الأطفال حول مراكز اهتماماتهم على الشّبكة ونوعيّة المواقع التي يزورونها عادة، ورفض الانجرار وراء تصرّفات الأصدقاء غير المقبولة، والتّعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها حيث من الضّروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفيّة التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل، والحرص على حماية الحاسوب الشّخصي.

التقنية وتعزيز الذات

ومن جانب آخر استعرضت أمل السليمية محللة نظم بجامعة السلطان قابوس ورقة عمل بعنوان «التقنية وتعزيز الذات»، فقالت: للتقنية الحديثة آثار إيجابية كثيرة ساعدت في تعزيز ذات الفرد وانعكست على جميع مجالات حياته، اجتماعيا في سهولة التواصل بين الفرد والمحيطين به عن طريق الوسائل المتعددة للنقل والاتصال، اقتصاديا حيث فتحت التقنية مجالا واسعا في التجارة الإلكترونية، ثقافيا في اعتبارها وسيلة تعلم عن بعد، دينيا تفي طوير قدرات ومهارات الفرد في التعرف بطرق إلكترونية كثيرة على الجانب الديني لمختلف المجتمعات والشعوب، نفسيا، ويرجع أثر التقنية في الكيفية التي يستخدمها بها الفرد، وكذلك في الغاية من استخدامها. وأوصت السليمية أن إدخال التقنية في حياة الفرد يسهم في انعكاس آثار إيجابية في مختلف مجالات الحياة، كما يجب مراعاة محورين أساسيين للحرص في الحصول على الأثر الإيجابي للتقنية في حياتنا وليس الأثر السلبي: الغاية من الاستخدام وكيفية الاستخدام.

وتناول الدكتور سالم بن خلفان الخايفي خبير ومستشار تربوي في ورقة عمله التي قدمها بعنوان «أثر التقنية الحديثة في التعليم» على أهمية تقنيات التعليم الحديثة في سهولة التواصل والتعاون بين المعلم والطالب وبين الطلبة أنفسهم، وإعداد طلبة قادرين على استخدام التكنولوجيا في المستقبل، وسهولة تنفيذ التعليم عن بعد، وتنمية المهارات الشخصية في إدارة الوقت، ساعدت على تعلم ذوي الاحتياجات الخاصة.

وذكر الخايفي سلبيات التقنيات الحديثة في التعليم في تدنّي مستويات الطلاب في بعض المهارات كمهارات الكتابة، والخوف من الوقوع في المعلومات والبيانات المضللة، وتقليص دور المعلم المباشر في القدوة والتوجيه، تكلفة التقنية الكبيرة في توفيرها وصيانتها والتدريب عليها وتأثير التكنولوجيا على الصحة العقلية والجسمية، وضعف الدور الاجتماعي والمشاركة الإيجابية، المباشرة عند مدمني التقنيات الحديثة وسلبيات التقنية في الانقطاع والشحن مما يضيع الجهود أحيانا، وضعف شبكات الإنترنت في بعض الأماكن مما يقلل من جودة الاستفادة منها. وقدمت الورقة الأخيرة الدكتورة ناهد جابر استشاري طب أطفال ومراهقة بالمستشفى السلطاني بعنوان «أثر التقنية الحديثة على الصحة العامة».

وتواصل الندوة اليوم مناقشه أوراق العمل حيث ستكون الجلسة الأولى بعنوان «أثر التقنية الحديثة على الأسرة والمجتمع» سيقدم الورقة الأولى «أثر التقنية الحديثة على الأخلاق والسلوك» هلال الخروصي، والورقة الثانية ستتناول «أثر التقنية الحديثة على الأسرة والمجتمع» يقدمها الدكتور خليفة الهنائي.

والجلسة الثانية بعنوان «التعامل مع التقنية الحديثة .. مسؤولية وضوابط» سيقدم فيها الورقة الأولى «دور الأسرة في التعامل مع التقنيات الحديثة» لعبدالله العيسري، والورقة الثانية بعنوان «تقنين استخدام التقنيات» تقدمها الدكتورة هدى الشعيلية، والورقة الثالثة ستقدمها فاطمة الشكيلية بعنوان «دور مؤسسات الدولك في التصدي لمخاطر التقنية وحماية الأفراد (الادعاء العام)» ..وستختتم الندوة بطرح مجموعة من التوصيات الهامة.