1162866
1162866
المنوعات

وزراء وبرلمانيون ومؤرخون فرنسيون يشيدون بشخصية السلطان قابوس وسياسته الحكيمة

17 مارس 2019
17 مارس 2019

أكدوا على أهمية الاستقرار والأمن من أجل بناء شراكات مستقبلية أكبر -

العلاقات العمانية الفرنسية راسخة ومبنية على تفاهمات تاريخية -

باريـــــس : عاصم الشيدي -

أشاد وزراء وبرلمانيون ومؤرخون فرنسيون بشخصية السلطان قابوس وقدرته على إدارة الملفات الخارجية في منطقة الخليج العربي وحكمته في العمل وسط منطقة ملتهبة بالمتغيرات السياسية والاقتصادية معتبرين حكمته السياسية مما تستطيع الدول الأوروبية وخاصة فرنسا البناء عليها في رسم علاقاتها وفهم المنطقة وطبيعتها الجيوسياسية. وكان الوزراء والبرلمانيون الفرنسيون يتحدثون في ندوة «العلاقات العمانية الفرنسية» التي أقيمت أمس الأول في جناح السلطنة بمعرض باريس الدولي للكتاب الذي تحل فيه السلطنة ضيفا خاصا. وقال المتحدثون في الندوة إن السياسة التي أرساها جلالة السلطان أرضية مهمة لاستمرار العلاقة التاريخية بين السلطنة وفرنسا، وهي سياسة تثق فيها فرنسا وتحترمها كثيرا كما يحترمها العالم، وأنها مما يعول عليه في بقاء العلاقات التاريخية بين البلدين بمتانتها وصفائها واستمرار آفاقها في المستقبل وفق معطيات العصر ومتطلباته.

وربط معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية خلال مداخلته في الندوة العلاقة بين البلدين بالمعرفة التي هي المحدد الأول لرسم مسارات المستقبل وفهم الآخر، وفق ما جاء في كلمته.

وشارك في الندوة إلى جوار أمين عام وزارة الخارجية معالي هرفيه دو شاريت وزير خارجية فرنسي أسبق، والمؤرخ الفرنسي إكزافييه بيغان بيللوكوك، والباحث في الشؤون العمانية والخليجية مارك لافيرنييوهو مدير مركز البحوث الوطنية للعلوم. وجون ماغي بوكل رئيس جمعية الصداقة مع دول الخليج

وفيما أكد أمين عام الخارجية على أهمية فهم العالم وثقافته من أجل عمل الأفراد والجماعات بفاعلية أكبر نحو خدمة الإنسانية وتحسين حياة الناس، ذهب الجانب الفرنسي للحديث عن أهمية إيجاد تفاهم بين الفرقاء في منطقة الشرق الأوسط ليستطيع الناس العيش بهدوء وتمهيد الطريق لتعاون اقتصادي أكبر مع السلطنة. وأكد الفرنسيون على أهمية إيجاد قاعدة تفاهم بين العرب وإيران.

وكانت الندوة قد بدأت بمداخلة أمين عام وزارة الخارجية التي قال فيها: «إن المعرفة تقربنا من حقيقة الوضع الذي نعيش فيه أكثر مما يمكن أن نصل إليه من خلال عدسة أفكارنا وخيالنا الخاص»، مشيرا الى أن الكتاب نجح في تجاوز الكثير من التحديات عبر أزمنة متعاقبة من التكنولوجيا البديلة».

وبعد حديثه عن المعرفة تحدث أمين عام الخارجية عن العلاقات العمانية الفرنسية التي قال إن عمرها قرابة 400 سنة، إلا أنه قال إنها نمت في القرن الثامن عشر مع التجارة بين عمان وفرنسا بعدما أصبحت مسقط ميناء متعاظم الأهمية بالنسبة للتجار في منطقة المحيط الهندي.

وقال البوسعيدي إن عُمان منحت فرنسا في عام 1775 حقوقا رسمية لإنشاء مركز تجاري في مسقط، قبل أن تعود وتمنحها في عام 1786 الحق في تعيين ممثل دبلوماسي. لكن تأخر تعيين أول قنصل فرنسي في مسقط لعام 1894 لكن الصِّلات الأولى شكلت خلفية للخطاب التاريخي الذي بعثه نابليون إلى سلطان عمان عام 1799 حيث قدم الدعوة إلى عمان للتجارة بحرية وأمان مع السويس.

واعتبر البوسعيدي أن ملامح الصلات تجسدت بوضوح تام بوصول الأدميرال فرانسوا إدموند من باريس إلى مسقط عام 1838 وما دونه من رسوم ومعلومات قيمة لأنواع السفن الشراعية العمانية فأصبح بذلك حارسا أمينا لأحد جوانب الثقافة العمانية وموروثها البحري.

وفيما استشهد أمين عام وزارة الخارجية في مداخلته بمقولة لجلالة السلطان في كلمته إبان افتتاح معرض «عمان والبحر» في باريس بالقول: «إنه ليحدونا الأمل في أن يساعد هذا المعرض على نشر المعرفة وتعميق التلاقي والتفاهم بين الحضارات» واختتم مداخلته بمقولة للرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند «إن الحضارات تنمو وتتقدم بالتلاقي والحوار».

من جانبه قال وزير الخارجية الأسبق في فرنسا هيرفيه دوشاريت إن العنصر الأساسي الذي يجعل العلاقة بين فرنسا وعمان متينة أن عُمان بلد عريق وله تاريخ طويل مثل فرنسا وهو بلد لديه ثروات استراتيجية، كما تحدث عن شخصية جلالة السلطان ورؤيته للمنطقة التي تثق فيها فرنسا معتبرا أنها مزية مهمة من مزايا ترسيخ العلاقة مع السلطنة، خاصة وأن السلطان قابوس مهتم بتكريس ثقافة السلام في المنطقة ويعمل أكثر من غيره من أجل حل النزاعات في منطقة وصفها الوزير الفرنسي بأنها تمور بالتجاذبات السياسية والأمنية.

ودعا الوزير الفرنسي إلى ضرورة بناء علاقات مستدامة بين العالم «الفارسي» والعالم «العربي» من أجل استمرار الاستقرار معتبرا أن الجوانب التاريخية والجغرافية تحتم بناء مثل هذه العلاقة بين الجانبين. وفيما تحدث عن تاريخية العلاقة بين البلدين قال الوزير الفرنسي إن ما تتمتع به عمان من ثروات يحتم علينا أن نتعاون معها اقتصاديا داعيا إلى ضرورة تكثيف رجال الأعمال الفرنسيين زياراتهم وحواراتهم مع الجانب العماني في مشاريع الطاقة المتجددة والجوانب التقنية والرقمية.

بعد ذلك تحدث جون ماغي بوكيل رئيس جمعية الصداقة والذي شغل منصب وكيل وزارة التجارة في فترة سابقة وهو اليوم برلماني في مجلس الشيوخ ويمسك بملف العلاقات التجارية مع دول الخليج العربي. وأكد بوكيل على متانة العلاقات التاريخية مع عمان، مشيرا أن الحديث عن عُمان اليوم لا يستقيم إلا بذكر السلطان قابوس الذي يحكم عُمان بطريقة حكيمة رغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها المنطقة والتي واجه السلطان مثلها في بداية حكمه لكن حكمته جعلته يتجاوز التحديات ويبني دولة آمنة ومستقرة يفخر بها الجميع.

وأشاد البرلماني الفرنسي بقدرة السلطان قابوس في الحفاظ على القيم العمانية الأصيلة والتاريخ العريق وفي الوقت نفسه الانفتاح على العالم. وقال بوكيل إنه عندما يزور عمان يشعر باطمئنان كبير وهو ما لا يشعر به الكثيرون في دول أخرى.

وشدد البرلماني الفرنسي على أهمية الحوار بين إيران والقوى الكبرى في العالم، معتبرا عمان محطة مهمة في هذا الملف وأن النظرة الإيجابية التي تنظر بها فرنسا لبلدكم تجعلها تدعم الدور المهم الذي تلعبه عمان في ملف العلاقات الإيرانية مع العالم، مؤكدا أن بلاده تعرف وتفهم هذا الدور.

كما دعا الفرنسي إلى أهمية الشراكة بين الشركات الفرنسية الكبرى والسلطنة مشيرا إلى المساحات الكبرى التي يمكن أن يتعاون فيها الجميع.

من جانبه اعتبر السفير الفرنسي في السلطنة رينو سالان أن سلطنة عمان دولة تاريخية عريقة وما عداها من دول المنطقة دول حديثة، وقد رسخت عمان علاقاتها مع دولة العالم بمعاهدات كدليل على البناء المؤسسي في عمان منذ أزمنة طويلة وقدرتها على بناء مثل هذه العلاقات مع الدول الكبرى في العالم.

وقال السفير الفرنسي إن بلاده فهمت عمان منذ زمن طويل ولذلك من الصعب أن تجد علاقة طويلة وبهذه العراقة بين بلدين كما هي بين عمان وفرنسا اللتين تتقاربان كثيرا في وجهات النظر.

وعقّب السفير على ما قاله مواطنوه حول شخصية جلالة السلطان وسياسته الخارجية المتزنة وقال إن نظرة جلالة السلطان تتسق كثيرا مع نظرة فرنسا، فنحن، ويعني بلاده فرنسا، لا نؤمن ببناء التحالفات التي تشن حروبا على الدول الأخرى.. وتحدث عن العلاقة بين البلدين التي تتسم بالاحترام والإعجاب. كما تحدث السفير الفرنسي عن المستقبل مشيرا الى أن حوالي 40 شركة فرنسية كبرى تعمل في عمان، وبلاده قرأت رؤية عمان 2040 وفهمتها ويمكنها المساعدة في ما يتعلق بالشق التكنولوجي وما يمكن أن تقوم به الشركات الفرنسية.

كما تحدث في الندوة المؤرخ الفرنسي إكزافييه بيغان بيللوكوك عن السلطنة وعلاقته بها وعما قرأه في كتب التاريخ وكتب المؤرخين وما شاهده في الخرائط التاريخية عن عمان. وقال إن جدته ذهبت إلى عُمان في عام 1905 وعاشت فيها وتعرفت على الأسرة الحاكمة وعلى الناس وتركت أرشيفا مهما عن انطباعاتها عن عمان وشعبها وكذلك 60 صورة. وقال المؤرخ الفرنسي إنه اشتغل على أطروحة علمية فيما يخص كتابات الرحالة عن عمان. مشيرا الى أنه اطلع تقريبا على كل ما كتب عن عمان ولم يجد سطرا واحدا يكتب تعبيرا سلبيا عن عمان بل كان الجميع يذكرها في موضع الإعجاب سواء بالبلد أو بالناس.