1161821
1161821
المنوعات

محاضرات وأمسيات شعرية وفكرية في اليوم الأول لمشاركة السلطنة في «باريس للكتاب»

16 مارس 2019
16 مارس 2019

تكريس التقارب بين الشرق والغرب والتاريخ والطبيعة سؤال الزوار الأول -

باريـــــس : عاصم الشيدي -

تتواصل الفعاليات الثقافية المصاحبة لمشاركة السلطنة «ضيفا خاصا» في معرض باريس الدولي للكتاب وسط حضور جيد من المتخصصين والراغبين في اكتشاف عالم عمان والشرق بشكل عام.

واعتبر كثير من الكتاب والمثقفين العرب ومن العارضين الذين زاروا الجناح المشاركة العمانية متميزة وتمثل العرب جميعا، وتكرس حضور الثقافة العربية في أوروبا من أجل إزالة الكثير من الالتباس الحاصل بين الغرب وبين الثقافة الإسلامية في سياق ما يشهده العالم من متغيرات كثيرة على مختلف المستويات، وبناء فهم قائم على الحقائق الدقيقة بين العالم شرقه وغربه.

وينعقد معرض باريس في دورته التاسعة والثلاثين وسط حضور دولي كبير من دور نشر عالمية وقرابة 3000 كاتب من مختلف أنحاء العالم يدشنون إصداراتهم ويشاركون في نقاشات ثقافية وفكرية، إضافة إلى حوالي 30 ألفا من المهنيين والعاملين في قطاع النشر وفق وسائل إعلام فرنسية.

ويوقع مئات الكتاب من مختلف دول العالم إصداراتهم الجديدة في معرض باريس، كما توقع اتفاقات ضخمة لنشر وتسويق الكتب الحديثة التي تصدر باللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية وهو ما يعطي معرض باريس للكتاب طابعا اقتصاديا مشابها لمعرض فرانكفورت.

احتفاء بمجلة نزوى

واحتفى الجناح العماني أمس الأول بمناسبة مرور ربع قرن على إصدار مجلة نزوى التي اعتبرها المتحدثون في الاحتفالية منارة من منارات الثقافة العربية. وقال الشاعر سيف الرحبي رئيس تحرير المجلة إنها تحاول أن تطرح المشهد الثقافي العماني والعربي أمام القراء وإثراء النقاش حول التراث العربي دون أن تخوض في وهم الانقلابات الثقافية أو الاجتماعية التي تجاوزها الزمن مؤكدا أن المجلة سوف تبقى لأنها استطاعت خلال ربع قرن أن تبني لها سياقا مؤسسيا يحميها من التحديات التي تمر بها الصحافة الثقافية في العالم إلا أن ذلك يتطلب استمرار الدعم المؤسسي لها.

وشارك في الاحتفائية منسقة التحرير في المجلة هدى حمد والباحث الهواري الغزالي والدكتور عيسى مخلوف.

وقدمت هدى حمد ورقة المجلة في الاحتفالية تحدثت فيها عن بدايات الفكرة والتحديات التي واجهت الصدور لكنها عادت وتحدثت أيضا عن الاستقبال المتميز الذي لاقته المجلة في الوسط الثقافي العربي وكذلك محليا.

وفي سياق الحديث عن المستقبل قالت هدى حمد في ورقتها «عندما نسأل سيف الرحبي ماذا يمكن أن يحصل للمجلة بعد خروجك منها يقول: «ليس لدي هذا الوهم»، المجلة الآن أكثر استقلالية ورسوخا ولو توفر للمجلة بيئة مناسبة ودعم مادي جيد يمكن أن تستمر بقوة ومتانة، ومن يدري ربما بعد العدد المائة، قد يكون القادم أفضل بكثير من اللحظة الراهنة التي نعيشها، إذ لا بد للثقافة أن تُعاني لتعطي للعالم تصورها الخاص والمُفارق».

وتحدث المترجم الجزائري الهواري الغزالي عن مجلة نزوى باعتبارها مشروعا ثقافيا مهما وقال في سياق ورقته في الاحتفالية «نزوى كمجلة منفتحة وضعت نصب اهتمامها أهدافا كثيرة من بينها إثراء النقاش حول التراث العربي باعتباره إرث سلطنة عمان الذي يصلها بتاريخها كما فتحت المجلة المجال الثقافي نحو الترجمات كمرآة للآداب العالمية، وتبنت نزوى منهج الجدل كمسألة أساسية لضمان الاستمرارية، ووقفت ضد الأصولية الثقافية بتحريرها للمعرفة من قيود الماضي كل ذلك لصالح التعددية الثقافية».

من جانبه تحدث المترجم عيسى مخلوف عن المجلة باعتبارها علامة من علامات الثقافة في العالم العربي، وقال إن المجلة استجابت منذ صدورها حتى اليوم، لتحديات كثيرة انطلاقا من وعيها لمعنى الرهان الثقافي. وانفتحت على الثقافات الأخرى من خلال الحيّز المخصّص للترجمة، والدراسات والمقالات التي لا يغيب عنها الفعل الثقافي في العالم».

وأشار في ورقته أن في المجلة يتجاور الأدب والفنون، الفكر والفلسفة، النثر والشعر، المسرح والسينما، قراءة الواقع العربي والإسلامي عبر متابعات بعض البحّاثة والمفكرين، وذلك كلّه ضمن هاجس الإصغاء إلى واقع الثقافة العربية والعالمية في توجّهاتها وحساسياتها المختلفة».

العربية والفرنسية ..

التأثير والتأثر

كانت الفعاليات الثقافية المصاحبة لمشاركة السلطنة قد افتتحت بمحاضرة للباحث حسن الرمضاني حول اللغة العربية والفرنسية التأثير والتأثر ذهب فيها للقول إن اللغة العربية أثرت كثيرا على اللغة الفرنسية خاصة في فترة الفتوحات الإسلامية والبعثات العلمية. كما تحدث عن تأثير الأدب العربي في الآداب الفرنسية والعكس.

ونقل الرمضاني خلال محاضرته مقولــــــة بطرس بطرس غالي من مقدمته لقاموس العرباويات قوله «إن الذي يريد البحث عن سر الكلمات سيكتشف وجــــــود علاقات عميقة ووثيقة بين العالم الفرانكوفوني والعالم العربي، علاقة مرت بمراحل سرور ومآس وفترات لقاءات وصدمات وانفصال وتلاق من جديد، علاقات تشــــــهد على وجود انجذاب متبادل ودائـــــم وعميق».

رعاية الطفولة

كما قدم الدكتور عامر العيسري ورقة في الجناح بعنوان «رعاية الطفولة وتعليمها في سلطنة عمان» تحدث فيها عن اهتمام السلطنة بجوانب الرعاية التربوية والتعليمية والاجتماعية والإعلامية التي تقدمها الحكومة بمختلف مؤسساتها للأطفال وخصوصا بمرحلة الطفولة المبكرة.

كما تطــــــــرق في محاضرته إلى الاتجاهات الحديثة في رعاية الأطفال وأهداف تعليمهم وخصائص المنهج المتكامل المناسب لاحتياجاتهم وميولهم وقدراتهم. واستعرض أهم القضايا التي تواجه رعاية الأطفال في العالم من توفير فرص التعليم المناسبة لهم، وسن التشريعات والسياسات والقوانين الداعمة لحماية الطفولة وتطورها، وضرورة وضع استراتيجيات وخطط إجرائية قابلة للتنفيذ من أجل تحقيق رعاية عادلة وكافية للأطفال، ومشاركة القطاع الخاص في دعم برامج الطفولة وحثه على الاستثمار في مجال تعليم الأطفال ورعايتهم.

كما تحدث عن دور المنظمات والأنظمة التعليمية في الدول العالمية والعربية في إيجاد تعـــــاون مشترك وتشبيك إلكتروني وتكــــــوين قاعدة بيانات متكاملة تساعد على تطوير الخدمات المقدمة للأطفال.

ثم خصص المحاضر جزءا من محاضرته لتوضيح الجهود والمستجدات القائمة في السلطنة بمجال رعاية الطفولة وتعليمها بدءا من النطق السامي الذي يؤكد على رعاية النشء وتعليمهم ذكورا وإناثا والاهتمام بالتعليم والسعي لتطويره وتحسينه ورفع مستواه، وتحديث المعارف وتعميقها وإثرائها وتكييفها مع عالم دائم التغيير. كما شارك في الندوة كمعقب بيير جوكس وزير الدفاع والداخلية الأسبق خلال حكومة فرانسوا ميتران الذي أشاد بجهود السلطنة في مجال رعاية الطفولة وتعليمها، كما أكد على أهمية القوانين التي تسنها السلطنة في هذا المجال.

الشعر يحلق فوق باريس

وشارك ثلاثة شعراء هم حسن المطروشي وشميسة النعماني وفاطمة بنت إحسان في أمسية شعرية في الجناح حلقوا فيها بالشعر عاليا في سماوات باريس، وقرأ الشعراء نصوصا كانت قد ترجمت للغة الفرنسية ولذلك قُرئت النصوص باللغتين العربية والفرنسية الأمر الذي أوصل الشعر صورة وإحساسا للحضور من العرب والفرنسيين.

كما شرع الشعراء والكتاب في حفل توقيع على إصداراتهم المترجمة للغة الفرنسية والتي لقيت تجاوبا جيدا من قبل زوار جناح السلطنة الذين تعرفوا على نماذج من الأدب العماني وشاركوا في طرح الكثير من الأسئلة حوله وحول اهتماماته.

وكان جناح السلطنة قد شهد خلال اليوم الثاني والثالث من أيام المعرض إقبالا جيدا من قبل الزوار الذي واصلوا التعرف على الثقافة العمانية وشدتهم كثيرا الكتب التاريخية المترجمة للغة الفرنسية والتي قدمت عمان باعتبارها نموذجا في صناعة السلام وفي حياة التعايش والوئام.

كما شهد ركن الفنون التشكيلية والرسم والخط العربي إقبالا كبيرا من قبل زوار معرض باريس حتى أنهم شكلوا زحاما كبيرا أمام مدخل الجناح.

وقال المشرفون على أركان المعرض ان الزوار الفرنسيين والأوروبيين يطرحون أسئلة كثيرة حول عُمان وتاريخها وطبيعتها والمواقع السياحية فيها وإمكانيــــة زيارتها وأفضل الفصول لذلك. كما يسأل بعضهم الآخر عن الأدب العماني والمنتج الكتابي في مختلف الفنون الثقافية والعلوم الإنسانية. وتم توزيع مئات الإصدارات التعريفية بالسلطنة على الزوار.

كما شد الزوار الأفلام التي عرضت عن السلطنة والتي أبهرت الفرنسيين وكشـــــفت لهم عن بلاد خيالية بالنسبة لهم سواء من حيث تباين الطبيعة الجغرافية بين البحر والجبل والصحاري وما يمثله ذلك من تنوع أو بيـــــن التراث المعماري الذي تتميز به الســــلطنة.