1159095
1159095
الاقتصادية

قانون الشركات الجديد يعطي صلاحيات واسعة لســـــــــوق المال في مراقبة الشركات

13 مارس 2019
13 مارس 2019

مزايا وحوافز للشركات العائلية في حالة تحولها إلى مساهمة -

حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها ومراقبتها ووضـــــــــــــع ميثاق لها بواسطة الهيئة -

كـــــــــــــــــتب : زكريا فكري -

كشف المؤتمر الصحفي لهيئة سوق المال أمس عن أهم ملامح قانون الشركات التجارية الجديد وحدود السلطة المخولة لهيئة سوق المال للمتابعة والإشراف والرقابة على الشركات العامة المساهمة، بينما الشركات التجارية الأخرى ستخضع لرقابة وإشراف وزارة التجارة والصناعة. ونظم القانون الجديد انعقاد الجمعيات العمومية وكذلك الحد من كثرة التوكيلات وضرورة حضور المساهمين، كما يشجع القانون الجديد الشركات العائلية للتحول إلى شركات مساهمة عامة من خلال حزمة من الحوافز. وأعطى القانون الجديد الحق لهيئة سوق المال في حوكمة ووضع ميثاق للشركات التي تملك فيها الحكومة حصصا ومراقبتها، كما أدخل تعديلات على الأشكال القانونية المختلفة للشركات القابضة. وأفرد القانون مادة جديدة لتنظيم أعمال الشركات المهنية مثل مكاتب تدقيق الحسابات وما يماثلها من الأعمال المهنية كالمحاماة وغيرها، وبهذا يكون القانون قد هيأ الأساس القانوني السليم لإنشاء الشركات المهنية والتي ستصدر بشأن تنظيمها قواعد خاصة من مجلس الوزراء، كما تطرق القانون كذلك إلى النشر الإلكتروني وأهمية التواصل مع المساهمين عبر البريد الإلكتروني .

أيضا يسمح القانون لمجلس الإدارة بالتدخل في حالة تآكل رأس المال، كما يسمح للهيئة التدخل إذا ما كانت أي من ممارسات للشركات يمكن أن تضر بالاقتصاد الوطني أو أوضاع المساهمين، وألغى القانون الجديد ما يعرف بالقيمة الاسمية وتوزيع 100% من الأرباح وتحديد قيمة الأرباح على السهم للتوزيع وليس نسبتها. كما منح القانون للمساهمين إذا بلغت نسبتهم 5% ووقع عليهم الضرر، الحق في التدخل لدى الهيئة لوقف قرارات الجمعية العامة. وأعطى القانون الجديد للهيئة صلاحية التفتيش على شركات المساهمة العامة والشركات التابعة لها في أي وقت ومراقبة مدى التزامها بأحكام القانون الذي يسري خلال شهر أبريل القادم (بعد مرور 60 يوما من صدوره) على أن تصدر اللائحة التنفيذية خلال عام من صدور القانون.

وأكد سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أن قانون الشركات التجارية الجديد اتسم بالمرونة الكافية والتسهيلات الجاذبة بما يواكب المستجدات في عالم المال والأعمال، وما فرضته الثورة التكنولوجية من تطورات متسارعة تدفع نحو ضرورة تسهيل الإجراءات وتقديم أبسط الطرق لجذب الاستثمارات وقيام الكيانات الاقتصادية التي تحقق رؤيتنا المستقبلية في تفعيل دور القطاع الخاص في منظومة الاقتصاد الوطني ويكون شريكا أساسا في برامج وخطط التنمية الشاملة بما في ذلك الوصول إلى تنويع مصادر الدخل وتوسيع قدرة القطاع على استيعاب المخرجات الوطنية من الباحثين عن العمل.

وأضاف سعادته خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بمقر الهيئة: إن القانون الجديد سيدخل حيز التنفيذ خلال شهر أبريل القادم، وأنه جاء في وقت تتهيأ فيه السلطنة للبدء في رؤيتها المستقبلية 2040 والتي من ضمن مرتكزاتها وأولوياتها أن يتمكن القطاع الخاص من أخذ المبادرة والقيام بدوره في قيادة العمليات الإنتاجية والمساهمة بشكل فاعل في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل للمواطنين، من هذا المنطلق يأتي تطوير المنظومة التشريعية وتهيئة البيئة الاستثمارية والممكنات المناسبة ضمن أولويات هذه الرؤية التي تسعى إلى جعل السلطنة جاذبة ومشجعة للاستثمار سواء المحلية أو الأجنبية، وهذا سيكون دور الحكومة المكمل والمعاضد لدور القطاع الخاص.

وتناول المؤتمر الصحفي أهم السمات والتطورات التي اشتمل عليها قانون الشركات التجارية الجديد والصادر بالمرسوم السلطاني رقم (18/‏‏‏ 2019)، حيث يعتبر القانون الإطار القانوني الأصيل لتنظيم أعمال الشركات التجارية ويوضح إجراءات تأسيس الشركات بأشكالها القانونية المختلفة وكيفية إدارتها وكافة المراحل التي تمر بها الشركات التجارية. وركز المؤتمر الصحفي على أهم ملامح القانون والتي تلامس قطاع سوق رأس المال والمكونات المرتبطة به.

وقال سعادة عبدالله بن سالم السالمي: إن القانون تضمن معالجات عديدة في تنظيم سوق رأس المال العماني ومكونات هيكله التنظيمي وذلك في سياق توفير العناصر الأساسية لبناء سوق رأسمال متين يتمتع بمستوى عال من الثقة والجاهزية التشريعية والتقنية التي تجعل من سوق رأس المال العماني محركا مستداما للنمو الاقتصادي الشامل وتكوين الثروات من خلال ما تتسم به نصوص القانون من مرونة وممارسات وتسهيلات إجرائية تدفع نحو جعل سوق رأس المال المصدر الأول لتمويل المشاريع والمبادرات الاستثمارية والحاضنة لقيام الاستثمارات الإنتاجية الكبيرة.

سلطات واسعة للهيئة

وأوضح سعادته أن القانون أعطى للهيئة العامة لسوق المال سلطة مركزية كاملة في تنظيم أعمال الشركات المساهمة العامة بداية من تأسيسها والإشراف على أعمالها الإدارية بما يضمن أنها تسير وفق قواعد إدارية سليمة بما يحمي حملة الأسهم، وهذا الإجراء يحد من ازدواجية السلطات ويحدد صلاحيات الجهات الأخرى التي تخضع لها الجهة المصدرة للورقة، فضلا عن أهمية مركزية السلطة في تسهيل الإجراءات لتأسيس شركات المساهمة العامة دون الحاجة إلى مراجعة أكثر من جهة.

كما يواكب التطورات الأخيرة التي شهدها سوق الخدمات المالية والمتمثلة في تقديم منتجات تمويل إسلامية مثل الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامي، ونظرا للطبيعة الخاصة في تنظيم أعمال هذه المنتجات مثل الصكوك كان لا بد من إضافة شكل قانوني جديد للشركات التجارية ممثلة في شركة الشخص الواحد وهي شركة محدودة المسؤولية يمتلك رأسمالها بالكامل شخص واحد طبيعي أو اعتباري. حيث إن تأسيس هذا النوع من الشركات يسهم في دعم سوق الصكوك في السلطنة فمن المعلوم أن الجهات التي تنوي طرح صكوك تقوم بتأسيس شركة مستقلة والمعروفة بشركات الغرض الخاص لتتولى تنظيم العلاقة بين الجهة المصدرة للصكوك وحملة الوحدات الاستثمارية في الصكوك.

أشكال جديدة للشركات القابضة

من جهة أخرى حدد القانون أن الشركات القابضة ستأخذ شكل شركات مساهمة فقط على خلاف الوضع السابق والذي كان يمنح الشركة القابضة الخيار بين أن تكون شركة محدودة المسؤولية أو شركة مساهمة. ويبين السالمي أن القانون عرّف الشركة القابضة بأنها عبارة عن شركة مساهمة تقوم بالسيطرة المــالية والإدارية على شركة أو أكثر سواء أكانت مساهمــــة أو محــدودة المسؤولية تصبح تابعـــة لهـــا، وذلك من خـــلال تمــــلك (51%) على الأقل من أسهم أو حصص كل شركة من تلك الشركات، ويأتي هذا التوجه ليراعي طبيعة الشركات القابضة والتي عادة ما تحكمها ضوابط وأنظمة وقوانين تضمن سلامة المركز المالي للشركة وتحد من الممارسات غير الأخلاقية في التعاملات المالية أو استغلال حالة التفرع في ممارسة الأنشطة التجارية تحت مظلة مؤسسة تجارية لا تحكمها مستويات كافية من الضوابط والإجراءات لإدارة المخاطر. في حين أن طبيعة الأحكام التنظيمية لشركات المساهمة تقوم على تهيئتها من كل النواحي لتتولى إدارة شركات تابعة لها أو تأسيس شركات جديدة واقتناص الفرص الاستثمارية، ونحن نعتقد بأن هذا التوجه سيساهم في تعزيز أنشطة الشركات ويضبط الكثير من الممارسات الإدارية الأمر الذي سيقود إلى نتائج وأداء إيجابي لها.

وفيما يتعلق بتنظيم أعمال الشركات المهنية، أوضح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال بأن القانون أفرد مادة جديدة لتنظيم أعمال الشركات المهنية مثل مكاتب تدقيق الحسابات وما يماثلها من الأعمال المهنية كالمحاماة وغيرها، وبهذا يكون القانون قد هيأ الأساس القانوني السليم لإنشاء الشركات المهنية والتي ستصدر في تنظيمها قواعد خاصة من مجلس الوزراء.

النشر الإلكتروني

وأكد قانون الشركات التجارية الجديد على ضرورة مواكبة الشركات والمتعاملين معها بالنهج الحكومي الداعي إلى ضرورة ممكنة الأعمال وبذلك أوجب القانون أن تقوم الشركات التجارية بأشكالها القانونية المختلفة بالتواصل مع مساهميها عبر وسائل النشر الإلكتروني بغية الاستفادة من التقنيات الحديثة باعتبارها الوسيلة الأكثر انتشارا وقد أتاح المشروع استخدام وسائل النشر التقليدية مراعاة لجمهورها.

يذكر أن القانون حث شركات المساهمة على استخدام موقعها الإلكتروني على شبكة المعلومات لنشر المعلومات والبيانات الخاصة بها التي يحق للجمهور الاطلاع عليها، مع التأكيد على أهمية وجود موقع مركزي لنشر المعلومات الخاصة بشركات المساهمة العامة.

حوكمة الشركات الحكومية

وأوضح السالمي في حديثه عن القانون قائلاً: إن القانون جاء مؤكدا على أهمية تعزيز ممارسات الحوكمة الرشيدة في المنهجية الإدارية للشركات التجارية، حيث وجه المشرع شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها نحو العمل على تطبيق مبادئ الحوكمة وفق المعايير والمبادئ التي تضعها الهيئة العامة لسوق المال. ويضيف: إن هذا التوجه يأتي ليؤكد جدية المشرع بضرورة ترسيخ ثقافة الحوكمة في الممارسات الإدارية بما يضمن سلامة أداء الشركات، حيث تعرف الحوكمة بأنها مجموعة من المبادئ والمعايير والإجراءات التي تحقق الانضباط المؤسسي فـي إدارة الشركة وفقا للمعايير والأساليب العالمية، وذلك من خلال تحديد مسؤوليات وواجبات أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفـيذية للشركة، وتأخذ فـي الاعتبار حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح.

تشجيع الشركات على التحول

وقال سعادته: إن الهيئة العامة لسوق المال أصبحت ذات الاختصاص الأصيل في الإشراف والرقابة على شركات المساهمة العامة، ولذا نجد أن القانون الجديد نظم بشكل واضح كافة الإجراءات الخاصة بتأسيس شركات المساهمة العامة وعمد إلى تقليص الفترات الزمنية اللازمة لذلك كما أنه أتاح للهيئة المجال لوضع الإجراءات التنفيذية والنماذج اللازمة تسهيلا للراغبين في تأسيس ذلك الشكل من الشركات التجارية. والجدير بالذكر أن القانون ركز اهتمامه على تحفيز الشركات القائمة ومنها العائلية على التحول إلى شركات مساهمة عامة، وذلك من خلال منح تلك الشركات مزايا تختلف عن الشركات التي تؤسس حديثا، ومن ذلك سمح للشركات المتحولة أن تحتفظ بالاسم التجاري الذي كانت تحمله قبل التحول حتى إذا كان الاسم التجاري هو اسم لشخص طبيعي، كذلك سمح لتلك الشركات المتحولة أن يكون رأسمالها مليون ريال عماني خلافا للشركات التي تؤسس حديثا والتي يكون رأسمالها 2 مليون ريال عماني فأكثر.

تحول الشركات العائلية

وكنوع من تحفيز الشركات العائلية وغيرها من الشركات للتحول إلى شركات مساهمة عامة فقد أجاز القانون لمؤسسيها الاحتفاظ بنسب أعلى من النسب المقررة لتملك المؤسسين في الشركات الحديثة حيث نصت المادة (100) :«على المؤسســين فـي شركـــة المساهمة العامـــة أن يكتتبوا بنسبة لا تقـــل عـــن (30%) ثلاثـــين فـي المائة، ولا تزيــد علــى (60%) ستين فـي المائــــة مـــن رأس المــال، ويطرح الباقــي للاكتتـــاب العام، إلا فـي حالة التحول إلى شركة مساهمة عامة، فإنه يجوز للمساهمين أو الشركاء فـي الشركة قبل التحول أن يحتفظوا بنسبة (75%) خمسة وسبعين فـي المائة من رأس المــال. للهيئة السماح للمؤسسين فـي الشركة المتحولة إلى شركة مساهمة عامة تملك نسبة أعلى من النسبة المحددة فـي الفقرة السابقة»، ويأتي حرص المشرع على تسهيل تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة نظرا للأهمية والوزن الاقتصادي الذي باتت تحتله هذه النوعية من الشركات والتي تعتبر مؤسسات وطنية، الأمر الذي يتطلب توفير المناخ المناسب لاستمرار أدائها نحو الأفضل دون أن تتأثر بالتحديات التي تواجهها الشركات العائلية نتيجة تعاقب الأجيال.

التدخل لمنع تآكل رأس المال

وأوضح السالمي كيف عالج المشرع حالات التآكل التي تعاني منها شركات المساهمة العامة وحدد آليات تحدُ من الخسائر التراكمية؟ قائلاً: سعيا إلى تعزيز مستوى ثقة أصحاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية في سوق مسقط للأوراق المالية، أفرد القانون الجديد أحكاما خاصة لحماية رأسمال شركة المساهمة العامة ضمانا للمتعامل