أفكار وآراء

البنوك واستخدام تقنية «البايو متريك»

13 مارس 2019
13 مارس 2019

د. عبد القادر ورسمه غالب -

[email protected] -

تحتاج البنوك لأقصى درجات الأمان والأمن في أعمالها اليومية، وخاصة، في مجال الصيرفة الإلكترونية الحديثة نسبيا في هذا القطاع القديم المتجدد. وفي هذا الخصوص، لا تتردد البنوك في بذل الغالي والنفيس من أجل توفير الاطمئنان لكافة الزبائن وكسب ودهم وثقتهم في ظل المنافسة القوية المحتدمة بكل أنواع الأسلحة التقليدية أو التقنية الحديثة. وفي خضم تطوير الأعمال المصرفية بما يرضي طموح الزبائن والمتعاملين، وفي سبيل تطوير وتحديث الاستعداد لمعارك البنوك المتواصلة في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والإجرام الإلكتروني، فإن البنوك تستخدم كل الوسائل اليدوية والتقليدية أو التقنية لتطبيق سياسة «اعرف عميلك» (كي واي سي) و«اعرف عميل عميلك» وهكذا. والتي ساعدت في لجم، ولحد كبير، هذه الجرائم الخبيثة ومن يقف خلفها.

مع تطور الوسائل التقنية للفحص والتحليل والمصادقة والتوثيق، ولتحقيق المزيد من الأمان يتم استخدام التقنية في تطبيق نظام «اعرف عميلك الإلكتروني». ويتم الآن استخدام تقنية ال «بايو مترك» أو تقنية «القياسات الحيوية» المتمثلة في القياس والتحليل الإحصائي للخصائص الفيزيائية والسلوكية الفريدة للناس. ويتم استخدام هذه التقنية في مجال تحديد الهوية، كما في تطبيق نظام اعرف عميلك، والتحكم في الوصول أو لتحديد الأفراد الذين يخضعون للمراقبة «القضائية» مثلا. وعبر التقنية، يمكن تحديد كل شخص بدقة من خلال سماته الجسدية أو الخصائص السلوكية الذاتية. وهذه التقنية، يمكن الاستفادة منها واستخدامها في المعاملات المصرفية، مثل استخدام بطاقة الصرف الآلي أو استخدام بطاقات ووسائل الدفع والسداد عن بعد أو التأكد من معرفة شخصية الزبون أو غيره.. لكشف المجرمين ومنتحلي شخصية الزبائن.

هذه التقنية الحديثة يتم استخدامها لتشمل التعرف على وجه الشخص، بصمات الأصابع، هندسة الأصابع كالحجم والموضع ، التعرف على القزحية، التعرف على الأوردة، مسح شبكية العين، القرنية، التعرف على الصوت ومطابقة الحمض النووي. وكذلك يتم استخدامها لتشمل التعرف على المميزات السلوكية والطرق الفريدة التي يتصرف بها الفرد مثل التعرف على أنماط الكتابة وخط اليد، طريقة المشي وغيرها. وبعد التأكد من هذه الصفات والمميزات أو غيرها، التي حددها الفنيون المختصون، بتم التوثيق والمصادقة الإلكترونية الحديثة «بايو مترك». والأهمية تكمن في أن كل هذا النشاط يتم إلكترونيا وبدون أي تدخل يدوي مباشر من أي شخص. أي إحلال الآلة التقنية مكان البشر.

استخدام هذه المصادقة التقنية عبر التحقق من الهوية الحيوية للفرد، خاصة في الأمور التي تحتاج للسرية، أصبح من الأمور الشائعة جدا ويتم استخدام هذه التقنية بازدياد مطردة في أنظمة الشركات والبنوك، الأمن العام، الإلكترونيات الاستهلاكية، تطبيقات نقاط البيع، المطارات الدولية. وبالإضافة للأمان التام، فإن التحقق من الهوية «الحيوية» يعتبر ملائما وقويا وعمليا، حيث يتم التحقق مباشرة ولا توجد الحاجة لإدخال كلمات المرور (باص وورد) أو الحاجة لحمل الرموز الأمنية لأجل تذكرها. بل، ويمكن لبعض أساليب البايو متريك مثل المستخدمة في أسلوب قياس مشية الشخص، أن تعمل دون أي اتصال مباشر مع الشخص الذي يجري متابعته. وهذه تقنية آلية متطورة ويسهل استعمالها في كل الأوقات.

وللعلم فإن العمل عبر هذه التقنية الحديثة، يتم عبر مراحل متعددة وكل مرحلة لها دور محدد تقوم به ثم المرحلة اللاحقة، وكل هذه المراحل يجب أن تتم بسلاسة وبسلامة وأمان تقني. وكل هذا يحتاج لتوفير الأجهزة والمعدات الحديثة الفائقة التطور، ثم تدريب المختصين للعمل فيها وتنفيذ المهام بصورة آمنة وسليمة وفق البرامج الفنية المعدة، وكذلك توفير الصيانة للمعدات ومتابعة التدريب والتطور لملاحقة التطورات وكل المستجدات.

أيضا، هناك حاجة ماسة لإعداد اللوائح والضوابط المصرفية والتقنية لتقنين هذه الأعمال وإتمامها في كل المراحل وفق اللوائح والضوابط القانونية. مع الحرص علي متابعة كل التطورات المستجدة في هذا المجال التقني الحيوي وتنظيمها وتقنينها، وإلا توقف قطار التقدم عندنا في حين أنه يسير في الاتجاهات الأخرى دون توقف..