yesra
yesra
أعمدة

ربما: أحزان عروس

13 مارس 2019
13 مارس 2019

د. يسرية آل جميل -

مدخل:

حين نرحل.. فهذا يعني لأنه لا فائدة من البقاء

بعد سنواتٍ من المعاناة

ها هي تحضر حفل زواج ابنِ عُمرها

الشاب الجَميل الذي أهداه إليها رب العالمين

ثمرة زواجها من الرجل الذي لم تعشق مثله في الوجود

الذي كان يُعايش ألمها وَخزة بوخَزة

الذي عوَّضها به المَولى

عن كُل الكَون

والعالم والأحياء

الموجود.. وغير الموجود

بعد سنواتٍ ملأى بالحُب.. والحنان

ما زلتُ ألمحُ في عينيها تلكَ الدمعة

وفي كل لحظة فَرح..غصة

يخنقها دخان الحسرة

على ما مضى

بادرتها: «وش فيها أم المِعرس»

مثلك اليوم تكون أسعد إنسانة في هذه الحياة

فسقطت دمعة حارقة فوق وجنتيها

تبعتها دموع كِثار

بعددِ الأيام التي بكت فيها

حُزنها على نفسها

و من قسوةِ هذه الحياة

التي تأكل أطراف الفرح

ثم تُلقمنا ما تبقى

- إن كان فيمَا يتبقى.. ما يوسم بالفرح-

أخذتني من يدي

بعيدا عن عينِ نايف.. وأبو نايف

الذي هو على استعداد

أن يحرق الكونَ كله

ولا أن تباتَ حبيبته.. بخاطرٍ مكسور

أسندت ظهرها إلى جِدار البيت

الذي سترها حتى تقوم الساعة

رفعت عينيها إلى سقفِ الغُرفة

حدثتني قائلة:

كانت آخر محاولاتي للحياة

الفرح الذي لا يأتي أبدا

كان إحساسي يحدثني

بأني لن أتذوق طعم السعادة

مع من أحب

ومع ذلك

بذلت أقصى ما أستطيع

من أعماق قلبي

كي يأتي اليوم

ويمر بسلام

كما كنت أتمنى

لكنَّ أنانيتهم حرمتني ما طال انتظاري له

بدأتها

لا أدري كيفَ طاوعتها غريزتها

أن تمتنع عن إكمال دورها معي في الحياة

حتى النهاية

ولو من بابِ المُجاملة

أو التمثيل

أو كيف طاوعتها الفِطرة

أن تتخلى عني

في الوقت الذي لم أكن بحاجة إليها

مثله

سلمَّتهم أذنها اليُمنى

وأغلقت اليُسرى

وأطفأت الجوَّال

في الوَقت الذي كُنت أنزفُ ألماً

لاحتياجي إليها

دون غيرها

لم أجدها حَولي أبداً

ياه

ما أقسى أن تحتاجَ

ويخذلك الذي تحتاج إليه

سيما إذا كان

أم!

الخسارة

أن كُل ما بُني في السنوات الماضية

أفسدته زلة

بالنسبة إليَّها

لن يُمحها الدَهر كله

حتى تموت

..

فلا أظن أن يوماً ما سيأتي

وسأستطيع

- على الرغم من ضعفِ ذاكرتي -

أن أنسى

من تخلَّت عني

في عــــــــــــــزِّ احتياجي إليها

لن أنسى!

لن أنسى

أن المحطة الأهم في قطار عُمري

انتزعوا فرحتها من أعماق قلبي

وهم الذين قضوا نصف عمرهم

ينتظروني بثوبي الأبيض

لأجد من يتبرأ مني

لخطأ لم أرتكبه

أو يُحرِّم لسانه على محادثتي

لأني لم أقدم له الهدايا

وكأن.. ما كان

لابد أن أدفع له المُقابل!

لا أحد يشعر بحجم الألم الذي يعتصرني

أو يشعر بمرارة هذا الحُزن

ولن يشعر به

إلا من ذاقه

أو اكتوى بما هو أشد منه

لا تستغربوا الحُزن في هذه الكلمات

فقد اكتشفت أخيرًا

ألا شيء يقف معك

إلى جانبك

طوال حياتك

وقفة رجل

مثل الحُزن

ويسألوني

«ليه عروستنا حزينة»!

ومن وقتها

كلما دعوني إلى حفلةِ زواج

أهرب

لا أريد أن أتذكر شيئاً

هزمني من الداخل

فتركَ جرحاً كبيرا

لم تُمحه الأيام

حتى الساعة!

لم أملك السيطرة على دمعةٍ

كانت تقف فوق الهَدب

نزلت فكَوت خدي

وأكملتُ بها لكم هذه الكلمات

فليس أقسى

من قسوة أقربِ الناسِ إليك..عليك

في الوقت الذي قد لا تحتاج إليهم

مثلما احتجتهم حولك

في ذلك الوقت!

- إليه حيثما كان:

أنا واثقة تماما

أن الله تعالى

عوَّضني بكَ عن كل ما مضى

وسيجمعنا عاجلاً لتمسح فوق قلبي

وتضمني إليك..هامساً في أذني

«الشر ما ينالك يا بنُوتتي ..

وراسي يشم الهوا»