1157407
1157407
المنوعات

هل تعيش الصحافة مأزقا حقيقيا أم هو التباس التحول من الورقي للرقمي؟!

11 مارس 2019
11 مارس 2019

سؤال تحديات الصحافة الورقية في ندوة جمعية الصحفيين -

متابعة ـ عاصم الشيدي -

لم تخرج ندوة «تحديات الصحافة الورقية: الواقع والحلول» التي نظمتها مساء أمس الأول جمعية الصحفيين العمانية باتفاق تام حول ما إذا كانت الصحافة الورقية تعيش في أزمة حقيقية! فعلى الرغم من أن رئيسي تحرير جريدة عمان وجريدة الرؤية أكدا أن صحيفتيهما الورقيتين تعيشان تحديات حقيقية قال الدكتور عبدالله الكندي استاذ الإعلام بجامعة السلطان قابوس: لا أرى أزمة أبدا ! الصحافة العمانية تمر بمرحلة تحول، وإذا عرفنا كيف ندير التحول بشكل صحيح فسنتجاوز التحديات التي تحدث عنها رؤساء التحرير وإلا فإن الأمر مستمر. ويقدم الدكتور الكندي مداخلة رئيسية في اليوم الثاني من أيام الندوة التي يستضيفها النادي الثقافي بالقرم.

وتحدث في الندوة في يومها الأول سيف بن سعود المحروقي رئيس تحرير جريدة عمان وحاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية وحمدة البلوشية محررة في جريدة الشبيبة.

وكان واضحا من مداخلات رؤساء التحرير أن أزمة الصحف «اقتصادية في المقام الأول» وظهرت جلية منذ صيف عام 2014 مع بدء تراجع أسعار النفط ما انعكس سلبا على سوق الإعلانات وبشكل خاص الإعلانات الحكومية. رغم أن أحد المتداخلين سأل ما إذا كانت الأزمة قد بدأت في عام 2014 مع انخفاض أسعار النفط أم أن انخفاض أسعار النفط كشف الأزمة وأبرزها على حقيقتها ؟

لكن رئيس تحرير جريدة عمان تحدث عن عدة تحديات في بدايتها التحديات التقنية والتحديات البشرية المتمثلة في التدريب على رأس العمل وأيضا ثقافة التعيين التقليدي في الصحف ولم يعلق أزمة الصحف على الجوانب الاقتصادية فقط.

ورغم أن مسار الندوة الأساسي كان الحديث عن تحديات التحول من الورقي إلى الرقمي إلا أن الندوة طرحت على طاولة النقاش، سواء من المتحدثين أو حتى من المتداخلين، قضايا وتحديات تمر بها الصحافة مثل تحدي الوصول للمعلومة وعقبات دوائر العلاقات العامة وتحديات الكوادر البشرية.

ومن بين التحديات التي تحدث عنها سيف المحروقي تحدٍّ متعلق بالتخصص مشيرا إلى أن الصحافة العمانية لم تواكب التخصص إلا في النواحي الرياضية والاقتصادية «إلى حد ما»، وفي السياق نفسه تحدث عن التحديات المتعلقة بالكوادر البشرية مشيرا إلى أن الالتحاق بالمؤسسات الصحفية مربوط بالنظام التقليدي في التعيين رغم أنها مهنة إبداعية بالأساس، ولذلك فإن الكوادر التي تلتحق بالصحافة لا تكون متناغمة وقد لا تملك الطموح المهني الأمر الذي يؤدي بهؤلاء في نهاية المطاف إلى أن يصبحوا مجرد موظفين يمثلون عبئا على المهنة.

وتحدث المحروقي عن افتقاد الصحافة في عمان إلى منظم مهني، مؤكدا أنه حتى ميثاق الشرف الإعلامي غير معتمد من كل المؤسسات الإعلامية، كما تحدث عن تدني الأجور، وغياب استراتيجية التدريب على رأس العمل، وعدم إقبال العمانيين على مهن في الصحافة مثل المراجعة المركزية والباحث العلمي، وعدم وجود كتّاب متخصصين ومحللين ملتزمين قادرين على الاستمرار في الكتابة الصحفية.

كما تحدث المحروقي عن التحديات المتعلقة بالسياسة الداخلية في الصحف مثل غياب السياسة التحريرية المعلنة وهو ما أدى إلى غياب مدارس صحفية على غرار ما هو موجود في الغرب.

وأشار إلى الجوانب الإخراجية، معتبرا أن ذلك يغّيب إعطاء الجريدة هوية واضحة.

وأوصى المحروقي بأهمية تعزيز الإبداع في التغطيات الصحفية، والبحث عن الانفرادات الخبرية، والتحليلات الإخبارية. وإعطاء الصحفيين المزيد من الحرية لتسليط الضوء على الجوانب السلبية لأنها من صميم مهنة الصحافة وتساعد على زيادة الثقة بين القارئ والصحيفة. ودعا المحروقي لبناء خطط استراتيجية للمؤسسات الصحفية تكون مرتبطة بالخطط الاستراتيجية للدولة مع ضرورة وجود دليل مهنة خاص بكل مؤسسة في مجال التحرير والإعلان .

كما أوصى المحروقي بعدم تقديم البوابات الإلكترونية للصحف خدماتها بالمجال وضرورة دفع رسوم اشتراكات لقراءة الموضوعات.

أما حاتم الطائي فبدأ مداخلته بطرح سؤال: لماذا وصلنا إلى هذا الوضع؟ في إشارة إلى مأزق الصحافة الورقية. ومن البداية قسم الطائي رؤيته لمأزق الصحافة إلى مسارين الأول تقني متمثلا في ثورة الإنترنت والثاني مالي متمثلا في الأزمة الاقتصادية التي تصاحب تراجع أسعار النفط. وقال: إن العالم يمر بثورة تقنية متكاملة اسمها «ثورة التاتش» حيث يريد العالم أن يحصل على كل شيء عن طريق لمس الأجهزة الذكية.

لكن الطائي قال: إن هذا هو الفصل الأول من ثورة عارمة، وهو ما يتطلب إعادة هيكلة جذرية خاصة فيما يتعلق بثقافة استهلاك الأخبار.

لكن نتائج ثورة التحول الرقمي كانت واضحة على رئيس تحرير جريدة الرؤية الذي أكد أنه «لم يشاهد نشرة أخبار العاشرة منذ بدء هذا العام» رغم إقراره بأهميتها في السياق العماني. مؤكدا أن الشغف لمعرفة ما حدث أو ما ينتظر أن يحدث قد انتهى لدى الناس. لكن الطائي عاد وقال: إن هناك حاجة ملحة للصحافة الورقية وأنها لن تنهي قريبا.. مشيرا إلى أن ثمة خطأ ارتكبته الصحف في بداية الأمر عندما قدمت خدماتها مجانا الأمر الذي اعتاده الناس وصار العدول عنه اليوم صعبا.

وتحدث الطائي عن ثقافة المجتمع الريعي الذي لا يتقبل فكرة فرض الرسوم فيما ضرب مثالا ببريطانيا حيث يدفع المواطن رسوما سنوية نظير متابعة إذاعة «بي بي سي».

وقال الطائي إن الشركات العمانية تخلت عن أدوارها الوطنية، التي تمس قطاع الإعلانات في عُمان لأن بها قوى عاملة آسيوية لا يعنيها بقاء الصحافة الورقية ولا تنظر للجانب الوطني في الأمر. مشددا في سياق حديثه على أهمية الدفاع عن الصوت العماني، وعن منجزات الوطن، وصناعة الأمل، وهذا يحتاج إعلاما قويا لا إعلاما منكمشا.

وقال الطائي إن بعض الدول في شرق آسيا نسب توزيع الصحف فيها في حالة ارتفاع، واصفا القارئ العماني بأنه الأقل في العالم من حيث إقباله على قراءة الصحف، وأن الجالية الهندية أكثر منه قراءة للصحف!

ورغم ذلك أبقى الطائي الأمل موجودا في نهوض الصحف الورقية لكنه اشترط وجود الإرادة السياسية معلنا أن هناك مشروع قانون جديد في مجلس الدولة هو «قانون الإعلان»، وتحدث الطائي في هذا السياق عن أهمية فرض نسب من الأرباح التي تحققها الشركات الكبرى لتوظيفها داخل البلد وللإعلان عن منتجاتها داخل الصحف خاصة أن التوزيع في عمان مكلف جدا بسبب الطبيعة الجغرافية لعمان وبسبب قلة القراء.

كما تحدثت حمدة البلوشية من جريدة الشبيبة عن بعض التحديات التي تواجه جريدة الشبيبة وبدأت مداخلتها بالقول «التكنولوجيا (خربت) العلاقة بين الصحيفة الورقية والمتلقي» وقالت: إن على الصحافة أن تتجه ناحية البحث عن مسارات غير المسار الخبري على صفحاتها لأن صحافة اليوم لم تعد صحافة خبرية وأشارت إلى التحول للصحافة الاستقصائية.

كما تحدث عن صعوبة الوصول للمعلومة وظهور حسابات إخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي وظهور صحف تعمل بدون ترخيص ولا تكلفة تشغيلية.

وفي النقاشات التي أعقبت مداخلات رؤساء التحرير طرحت الكثير من الأسئلة والاستفسارات حول ما طرح وكان أبرز تلك الاستفسارات ما طرحه إبراهيم المعمري الذي سأل: لماذا يهرب القارئ من الصحافة؟ وهو سؤال أعيد طرحه بطريقة أخرى: لماذا يقبل القارئ على الصحافة العمانية؟ وهو سؤال لم يلق إجابة شافية إلا أن حاتم الطائي قال: إن فكرة أن الأخبار متشابهة ومكررة في كل الصحف العمانية فكرة نمطية غير صحيحة، لكن مداخلة أخرى أوضحت فكرة التكرار التي تحدث عنها الجمهور وهي أن الخبر له مصدر واحد وهو دوائر العلاقات العامة ويصل الصحف وتنشره كلها بالطريقة نفسها كما ورد من المصدر.

ورغم أن رؤساء تحرير الصحف قالوا أن أغلب دوائر العلاقات العامة لا تسهل عمل الصحفيين ولا تساعدهم في الحصول على المعلومة قالت سعاد العريمية مديرة الإعلام في مجلس الدولة: إنها ليست مع طرح أن دوائر الإعلام لا تسهل عمل الصحفي بل تفعل ذلك وتوفر له بيئة العمل الجيدة.

وتداخل سالم الجهوري في الندوة بالقول: إن الصحافة العمانية تعيش ثلاث أزمات الأول تقنية والثانية أزمة مع دوائر العلاقات العامة والثالثة أن الفجوة تكبر بين الصحف وبين قرائها ولا حلول في الأفق.

ورد سيف المحروقي: إن الصحافة الإلكترونية تحتاج إلى موارد أكبر تقريبا من موارد الصحافة الورقية لأنها صحافة تعمل على مدار الساعة وتحتاج إلى تكلفة تشغيلية وفكرة الصحافة الإلكترونية غير موجودة حتى الآن في عمان الموجود اليوم هو مجرد إعادة نشر مواد الصحافة الورقية على موقع الجريدة الإلكتروني فقط وليست هذه الصحافة الإلكترونية إطلاقا.