saiff
saiff
أعمدة

يوميات في الحياة: تجربتي مع السرطان «الأخيرة»

09 مارس 2019
09 مارس 2019

سيف بن محمد المعمري -

[email protected] -

أعود إليكم أيها الأصدقاء لاستكمال التجربة مع مرض السرطان الذي ابتليت به عافاكم الله منه؛ والذي يمزق أجساد العديد من المرضى، وخاصة الأطفال الذين تدمع العين ويرف القلب حزنا ويلهث اللسان بالدعاء ، فلا حول لنا ولا قوة إلا بالله، ولا اعتراض على أمر الله عز وجل، فهو ربي القادر على شفاء كل مريض.

كتبت سابقا لمن يرغب في الرجوع والمتابعة والاستفادة من التجربة من خلال جريدة عمان؛ المقال الأول يوم الجمعة ١٠ أغسطس ٢٠١٨ ، ثم المقال الثاني في عدد الجمعة الموافق ٣١ أغسطس ٢٠١٨، واليوم أواصل الحديث في عرض التجربة والمحطة الأخيرة.

توقفت عن الكتابة لاستكمال التجربة ؛ ونظرا لتواصل الكثير من الزملاء والأصدقاء وانزعاج البعض من المرض وتجربتي معه، أواصل الكتابة ، فكل الشكر لكم إخواني على نبل تواصلكم.

وكنت قد تحدثت سابقا عن عملية توصيل القولون وفي نهاية المقال عرضت التجربة التي حملت رقم «٢»، واليوم استكمل تطور المرض حيث بعد العملية الأولى وتوصيل القولون في العملية الثانية أخذت ثماني جرعات كيماوي، وبعد الانتهاء منها، قمت بعمل منظار للقولون للاطمئنان، والحمد لله اصبح جيدا، وكانت المراجعة للمستشفى كل ثلاثة أشهر لإجراء فحص الدم والاطمئنان لعدم عودة المرض، فقمت بهذا الإجراء - وهنا كان يفترض عمل أشعة لأكثر من مرة لأن المرض متمكن في الجسم - ففحص الدم لا يكفي، عموما استمريت على هذا النهج إلى شهر أغسطس ٢٠١٦، عندما كنت في رحلة الى تايلاند، فقررت إجراء الأشعة المقطعية، وكانت المفاجأة بعودة المرض في الكبد وفي غدة أسفل البطن تظهر كأنها في الشريان الرئيسي ، فقال لي الطبيب: «يحتاج الى إجراء أشعة البت اسكان ( المقطعية الجزئية) الملونة حتى نرى مدى بعد تلك الغدة عن الشريان أو ربما قد تكون ملاصقة فيه» فما كان مني كمريض إلا الاستجابة وتنفيذ أمر الطبيب وعمل الأشعة الجديدة، وبعدها راجعت الطبيب الجراح وقال لي الكلام السابق ذاته بأن الغدة في الشريان وإذا تم قطعه أثناء العملية لا نعلم ماذا سيحدث للمريض، فقلت للطبيب: والحل ؟ قال: اعمل العملية ونشوفها في الواقع إذا نقدر أو لا ، فقلت له: لا يمكنني إجراء جراحة والتي يترتب عليها دفع مبالغ كبيرة فضلا عن التبعات الصحية المصاحب لها، وفي الوقت نفسه غير مضمونة حيث يمكن ان تبقى الغدة في مكانها؟ فلم أوافق، وبحثت عن طبيب متخصص في أورام الكبد، وأثناء مقابلته أوضح لي أن الورم عند الشريان الرئيسي الذي يغذي الكبد بالدم مما زاد الأمر تعقيدا هذه المرة ، فقلت له : والحل ؟ قال: خذ ٤ جرعات كيماوي ، وبعدها يكون التقييم، اتفقت معه ورجعت الى البلاد وأخذت الجرعات الأربع، وبعد الجرعات تم تحويلي لمستشفى آخر به طبيب مختص في عمليات الكبد، وأشار الى أنه بالإمكان أن يجري لي العملية ، فالغدة ليست في الشريان وإنما في العصب ويمكن استئصالها، أما الكبد سنحرق بعض الأماكن والآخر نقطعه، فوافقت، ولله الحمد تمت العملية بنجاح، ورجعت لأخذ ٨ جرعات كيماوي بعد شهر من العملية التي أجريتها في شهر فبراير ٢٠١٧ وانتهيت من الكيماوي في شهر أكتوبر من العام نفسه، والوضع اصبح جيدا في التخلص من المرض، ولكن الفرحة لم تدم طويلا، ففي شهر فبراير ٢٠١٨ استغربت من فقدان الشهية وزيادة الوزن وانتفاخ البطن .. فراجعت طبيب الكيماوي، فقال: لديك تجمع لترات من المياه في جدار البطن الداخلي ، وتم تنويمي بالمستشفى وشفط ٩ لترات مياه - الحمد لله على كل حال - وتبين بالأشعة وجود غدد صغيرة في غشاء جدار البطن الداخلي ، وكان الحل أن آخذ ١٢ جرعة كيماوي أقرهن الطبيب ، وفعلا بعد الجرعة الأولى توقف تدفق المياه الى جدار البطن، واستمريت في أخذ الكيماوي على فترات إلى أن بلغت الجرعة ١٤ .

(التسفير الى المانيا)

وتم تحويلي الى الطبيب الجراح والذي أفزعني بعد إجراء الأشعة وذلك في شهر نوفمبر 2018، لكوني هذه المرة احتاج الى عملية خطيرة ودقيقة جدا وتحتاج العملية اكثر من ٢٤ ساعة نظرا لتأثر أغشية القولون والمعدة والطحال والأمعاء وجدار البطن الداخلي، فخفت من تنفيذها معه لكونها عملية خطيرة وتحتاج الى مستشفى مختص في الأورام وطاقم طبي كبير، وأفضل الدول المختصة في ذلك « ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية»، حسب رأي الطبيب، فقررت العودة الى (الكيماوي) الى حين إذ لعل الله ييسر أمرا لي وأسافر الى ألمانيا لإجراء العملية ولعل وعسى بإذن الله تعالى أن يكون هناك رأي طبي افضل وعلاج وجراحة بشكل أقل خطورة .. والله كريم على عباده لن ينسانا فهو ربي على كل شيء قدير، وهنا أوجه النداء الى أعلى المسؤولين في الدولة ممن لديهم الأمر بسرعة الموافقة على علاجي في ألمانيا ، ووطني الغالي بقيادة مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - لن يتوانوا في مساعدة مريض أصبحت حياته في خطر، ونسأل الله تعالى التوفيق.