أفكار وآراء

«اصرف ما في الجيب» أو «خبّئ قرشك الأبيض ليومك الأسود»؟ (2-1)

09 مارس 2019
09 مارس 2019

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

[email protected] -

مقولة كثيراً ما تتردَّد و نسمعها من أفواه الناس وهي : «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» ومن يعتقد ويؤمن بهذه المقولة تراه يبدد أمواله بلا تخطيط ولا تدبير ولا ترشيد في الاستهلاك بل انه لا يعرف معنى الادخار ، بينما يُردِّد البعض الآخر عبارة «خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود» مثل هؤلاء يرون ضرورة ادّخار مبالغ مالية ربما سيحتاجون إليها وقت الضرورة فالسؤال الذي يطرح نفسه هل أنت من فئة «اصرف ما في الجيب» أمْ من جماعة «خبّئ قرشك الأبيض ليومك الأسود»؟ ولماذا؟ في هذا المقال والمقال الذي يليه نحاول أن نبين بأن من هم لديهم قناعة بالمقولة الثانية أكثر من خلال استقصاء منشور.

يعرف الادخار على أنه « الجزء من الدخل غير المخصص للاستهلاك والذي يودع عادة في حسابات بنكية أو حفظ السيولة لأغراض الاستخدام على المدى القصير والمتوسط « أو بمعنى آخر هو» ما يفيض عن الاستهلاك من دخل الإنسان» ولكل منا أسبابه الخاصة التي تدفعه إلى ادخار جزء من أمواله التي يملكها بدلا من استهلاكه كاملا، وقد تكون بعض هذه الأسباب إجبارية لا يستطيع الشخص التحكم فيها، وبعضها الآخر اختياريا ينبع من رغبته وإرادته الذاتية.

والادخار يختلف عن الاستثمار حيث إن الادخار ينمي الاستثمار والاستثمار هو «الجزء من الدخل المستثمر على المدى الطويل. و يتعلق عامة بالأصول التي يتم تقييم مداخيلها على المدى الطويل كالأملاك العقارية والأسهم والسندات ... و الهدف من الاستثمار هو تنمية و زيادة قيمة الادخار لتحقيق أهداف على المدى الطويل «

يظهر مؤشر الادخار الفردي في السلطنة بأنه جيد حسب استطلاع للرأي حول الادخار وطرق الاستثمار الذي أجراه المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في نوفمبر من العام المنصرم حيث تبين بأن 8 من كل 10 من العمانيين يعتقدون أن الفرد يجب أن يدخر جزءًا من دخله بشكل منتظم ، طبعا لا نعلم كم عدد الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع وهل هي عينة ممثلة للمجتمع العماني؟ إلا أن المعلومات الواردة فيه مهمة للغاية وينبغي التوقف عندها وتناولها بالتحليل لعلها تكون مفيدة .

تتفاوت نسبة الاعتقاد بأهمية الادخار وفقا لخصائص الأفراد حيث ترتفع النسبة لدى الإناث عن الذكور (89% مقابل 78%) كما أن الحاصلين على تعليم جامعي فأعلى يؤيدون الادخار بدرجة كبيرة (92%) مقابل 76% من الحاصلين على تعليم اقل من دبلوم التعليم العام، كذلك فإن الشباب في الفئة العمرية من 18 إلى 29 سنة هم الأكثر تأييدا للادخار (90%) مقارنة بـ 68% لمن هم في سن 50 سنة فأكثر هذا المؤشر قريب جدا للواقع وقد يكون منطقيا الى حد ما.

وبينت نتائج الاستطلاع أن 46% من المواطنين يفضلون الاحتفاظ بالأموال المدخرة في حسابات بنكية و23% يفضلون الاحتفاظ بالأموال في شكل عقارات، وأن نسبة الذكور الذين يفضلون الادخار في العقارات تزيد عن الإناث (26 % مقابل 20% على الترتيب)، في حين تزيد نسبة الإناث اللاتي يفضلن الادخار في الذهب عن الذكور.

أظهر الاستطلاع بأن 22% من العمانيين في الفئة العمرية من 18 ـ 29 سنة يرون أن الادخار عن طريق الاشتراك في الجمعيات هو أفضل طرق الادخار، في حين 47% من الأفراد في الفئة العمرية من 30 ـ 49 سنة يرون أن الادخار في حسابات بنكية هو أفضل طرق الادخار، كما تزيد نسبة الذين يفضلون الادخار عن طريق الاشتراك في الجمعيات بين العاملين في القطاع الحكومي عن العاملين في القطاع الخاص أو العائلي (21% و18% على الترتيب).

وعن أكثر طرق الادخار الفعلية التي يستخدمها العمانيون جاء الاشتراك في الجمعيات والاحتفاظ بالأموال في حسابات بنكية بنسبة 53% لكل منهما في حين 11% من العمانيين يدخرون أموالهم في الذهب وهي أقل الطرق استخداما، و يفضل الذكور ادخار أموالهم عبر الاحتفاظ بها في حسابات بنكية (بنسبة 53%) في حين تفضل الإناث ادخار أموالهن عن طريق الاشتراك في الجمعيات (58%). وهي نسبة متقاربة

يدخر 59% من الأفراد في عمر من 19 ـ 29 سنة أموالهم عن طريق الاشتراك في الجمعيات فيما يحتفظ 53% من الأفراد في عمر من 30 ـ 49 سنة بأموالهم في العقارات أما بالنسبة للأفراد في عمر 50 سنة فأكثر فإن 54% منهم يحتفظون بأموالهم في حسابات بنكية، هذه المؤشرات تعطي صورة واضحة للجهات المختصة عن مدى الرغبة في وجود أوعية استثمارية متعددة و مضمونة في السلطنة... وللحديث بقية .