إشراقات

النظــافة

07 مارس 2019
07 مارس 2019

علامة الوطن المتقدم المتحضر «1-2» -

علي بن سعيد العلياني -

النظافة تعني إزالة كل ما يكون عقبة أمام أن تظل الطبيعة على هيئتها الخالية من كل الشوائب والعوالق غير المرغوب فيها، وتسبب أضراراً بيئية كثيرة أو قليلة مباشرة أو غير مباشرة؛ بحيث تضمن مستقبلاً، أن تظل البيئة صالحة للعيش الآمن المستقر، البعيد كل البعد عن الآفات والأوبئة، أو ما يسبب الاختلال البيئي الذي يؤدي إلى مضرة بالإنسان أو حتى الحيوانات التي يستغلها الإنسان في طعامه وغذائه.

فتلوث البيئة سهولا وجبالا بحارا أو أنهارا في البادية والحضر كله يؤثر على هذا الإنسان الذي هو مركز الكون وأساس تطور هذه الحياة أو تخلفها والحفاظ على البيئة من الضياع والتلف والتلوث هو مسؤولية الإنسان نفسه فقد جاء إلى هذه الدنيا ووجدها أرض بكر ليس لها أي تلوث كل خاماتها ومعادنها وأشجارها وجبالها وسهولها نظيفة وخالية من كل أنواع التلوث وعندما تعامل مع هذه الخامات بغية تذليلها وتسخيرها وتطويعها لتخدمه في هذه الحياة ظهرت الاختلالات البيئية من تلوث الهواء والماء والأرض التي لو تعامل معها الإنسان بما يتواءم مع المعطيات التي تقود إلى سلامة البيئة ونظافتها وخلوها من جميع أنواع الملوثات لكانت النتيجة إيجابية جدا وهذا لا يتأتى إلا بالتعاون والحرص والتكاتف وأيضا الانتباه إلى مسألة أننا في سفينة واحدة إذا غرقت غرق الجميع ونظافة الأوطان تقاس بمدى ثقافتهم البيئية والصحية والثقافية وبمدى حبهم للتطور والتقدم والرقي فالشعوب المتقدمة والمتحضرة تضع النظافة أولوية قصوى تضع القوانين الحازمة وتهيئ الأسباب الفعالة وتحاسب كل مقصر وتعاقب كل مسيء في هذا الجانب وهذه تدابير احترازية فقط بالنسبة لهم أما الحقيقة فتجدهم لديهم الدافع الذاتي والثقافة المتأصلة في الحرص على النظافة العامة قبل الخاصة.

لذلك نستطيع أن نربط بين مدى الوعي بأهمية النظافة في حياتنا وبمدى تقدمنا وتحضرنا من خلال النظافة والحفاظ عليها أساسا من أسباب التقدم والتحضر والرقي كونها جزءا من المنظومة الحياتية التي لا تكتمل إلا بوجود جميع حلقاتها وبكل فعالية فلا يجوز أن نقول إننا أن نستطيع أن نتقدم ونتحضر حتى لو أهملنا جانب النظافة فالنظافة هي الأساس لاستمرار التفاعل والعطاء والإنتاج.

النظافة تقوم على تهيئة الجو الملائم لاستمرار الحياة على نفس الإيقاع وبنفس الوتيرة بحيث يساعد على الدفع باتجاه العطاء المتجدد فالنظافة هي الحارس الأمين على النظام البيئي من الاختلال وهي أيضا الضامن ليعيش الأفراد بصحة وعافية ويتمتعون بغذاء صحي وجو نظيف خال من التلوث وطبيعة جميلة ساحرة بها أشجار باسقة وأزهار جميلة وعصافير مغردة.

النظافة لها دور حيوي وفعال في إذكاء حماس الفرد للعطاء والتضحية من أجل المجتمع وهذه الثقافة توجد روح التعاون مما يساهم في حب العمل الجماعي القائم على ثقافة روح الفريق الواحد وهذا لا يوجد إلا في المجتمعات الراقية التي يقدر كل واحد دور الآخرين في تقديم المصلحة العامة المتمثلة في خدمة مجتمعه والحفاظ على مكتسباته وتنميتها.

ثقافة النظافة يجب أن تكون مع الإنسان منذ أن يعي هذه الحياة فحتى الطفل له دور منذ نعومة أظفاره يؤديه فهو من باب التعود على الحفاظ على النظافة وأيضا أن يتخلص من نفاياته بطريقة حضارية تجعله مشاركا بما يستطيع ليكون الهم هما مشتركا.

النظافة لها دور إيجابي في ترسيخ ثقافة العطاء دون انتظار المكافأة المالية فهو لابد أن يعي أن مكافأته من وراء مشاركته لأهله ومجتمعه تأتي في شكل يكون أثمن وأعلى من المال فالصحة لا تقدر بمال كما أن السعادة والبهجة والراحة النفسية لا يساويها أغلى الأثمان ولا تشترى.

النظافة قائمة على أننا إذا حافظنا على الطبيعة ومنعنا أسباب التلوث والتخريب يكون مردوده ينعكس علينا في صور شتى وأشكال مختلفة تؤدي في نهايتها إلى ظهور مجتمع مثقف مترابط يفكر في العطاء والإنتاج بدل أن تنخر أبناءه العلل والأمراض الفتاكة ويعيشون في تخلف وأوساخ وضياع بسبب اعتلال الصحة وكآبة النفس.

النظافة مشروع بناء جيل متحضر ومثقف وواع فإننا إذا غرسنا فيه الوعي بأهمية النظافة لا شك بأنه سيقي بنفسه المخاطر والآفات والخسارة التي سيتحملها إذا أهمل دور النظافة في حياته وحياة من حوله.

النظافة هي مصدر من مصادر بناء جيل قوي يستطيع أن يعتمد على نفسه في البناء الحضاري لأنه قام بحماية مكتسباته عن طريق حماية نفسه من الأمراض والأوبئة وكل ما يدعو إلى التخلف والكسل والخمول والدعة فهو ينشط باستمرار وفي كل الاتجاهات من أجل إيجاد بيئة صحية آمنة.