oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الحضارة الخضراء

06 مارس 2019
06 مارس 2019

في إطار مفاهيم التنمية المستدامة الشاملة فإن تعبير الأرض الخضراء والكوكب الأخضر والبيئة الخضراء وغيرها من هذه الاصطلاحات يقصد به الحفاظ على كوكب الأرض معافى من خلال تعزيز ومدّ مساحات الزراعة والبستنة والمحافظة على الأشجار والغابات، بعيدًا عن الهدر الذي يمارسه الإنسان على مرّ القرون باتجاه البيئة، لاسيما في القرن العشرين وهذا القرن الجاري، ما جعل العديد من المخاطر تواجه الأرض والإنسان على ظهر هذا الكوكب؛ فالتحولات التي حصلت في العقود الأخيرة لا تقاس بما جرى على سطح البسيطة منذ القدم.

من هنا فإن الاهتمام ببناء «العقول الخضراء» يعتبر من الأولويات في هذا العصر بما يمكن من حماية الكوكب، وهذا التعبير «العقول الخضراء» يعني تلك الباحثة عن توازن الأرض وأن تكون المساحات الخضراء هي السائدة وأن لا تتغول الصناعات والملوثات على مستقبل الأرض، وهو جهد تتشاركه الحكومات والمجتمعات وتحث عليه المنظمات الدولية والإقليمية في سبيل أن يصبح ثقافة عامة للجميع.

هنا يمكن الحديث عن دور التربية البيئية في بناء «العقول الخضراء» لدى الأجيال الصاعدة ومنذ فترة مبكرة في حياة الأطفال، بحيث ينشأ الطفل وهو يعرف دوره التام اتجاه البيئة التي يعيش فيها ويقوم عليها بالعناية والحرص اللازمين والصيانة، وأن يتشارك مع أفراد المجتمع هذا الأمر من خلال المسؤولية الواعية بالأدوار التي يجب الاضطلاع بها في سبيل صناعة المستقبل الأفضل لسكان الكوكب جميعًا.

لهذا فإن الحلقات العلمية مثل الحلقة العلمية الثانية «التربية البيئية وبناء العقول الخضراء» التي نظمتها جامعة السلطان قابوس، وشهدت تقديم العديد من الأوراق العلمية، تخدم في إطار السعي المتواصل لإنجاز الأهداف الكبيرة في موضوعات التنمية المستدامة الخضراء؛ التي أصبحت عِلمًا ومعرفة في عالم اليوم وليس مجرد إرادة ورغبة، إذ لابد من اصطحاب الجوانب العلمية للوصول إلى النتائج المُثلى، كما أن تكامل الجهود المحلية مع الدولية في هذا الباب يظل من الأولويات، لأن كوكب الأرض فضاء مفتوح للجميع يتشاركون العيش فيه، ويصعب فصل بيئة بلد عن آخر.

إن جوهر التنمية المستدامة المستقبلية التي عمادها الإنسان في العالم الحديث والتي تضعها السلطنة ضمن أسس النماء الشامل، تلقي اعتبارًا كبيرًا لصناعة «العقول الخضراء» التي تصنع الثقافة والحضارة التي يمكن أن نسميها مجازًا بـ «الحضارة الخضراء»، التي هي هدف منشود وفق برامج التنمية الأممية، حيث يكون الحفاظ على البيئة بمختلف عناصرها غاية حاضرة لكل الأزمنة، يتشاركها المجتمع الدولي وتقوم عليها كل الأجيال ما يعظم دور المؤسسات التربوية والتعليمية في هذا المجال.

إن حتمية تأسيس فكر جديد حول «التربية البيئية» أو صناعة «الحضارة الخضراء» يعتبر من المبادئ الضرورية لدخول العصر الحديث؛ الراهن، الذي يقوم على إدارة الموارد بشكل متوازن يعود بالنفع على الإنسانية ويحافظ في الوقت نفسه على مستقبل الكوكب والعيش الكريم فيه للجميع ويصون الموارد لأطول مدى زمني ممكن.