Randa-New
Randa-New
أعمدة

عطر : هاجس الأمان عند المرأة

06 مارس 2019
06 مارس 2019

رندة صادق -

[email protected] -

شهر مارس شهر الاحتفاليات المتعددة في دول كثيرة، وهو كذلك شهر المناسبات المترابطة بمنطق التسلسل، لا بقانون المصادفات. تبدأ احتفالياته بـ«يوم المرأة العالمي» الذي يقام للدلالة على الاحترام العام، وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية حيث يركز هذا العام ويروج للفكرة التالية: نطمح للمساواة، نبني بذكاء، نبدع من أجل التغيير، الفكرة الترويجية تؤكد أن الابتكار هو درب النهوض في العلاقة بين الرجل والمرأة وتحقيق المساواة والعمل على إلغاء أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة.

يوم الحادي والعشرين عيد الأم وبدء فصل الربيع، في الثاني والعشرين اليوم العالمي للطفل، من هنا نجد أن الرابط في مجموعة الأعياد التي ذكرت هو «المرأة». لعله بإمكاننا أن نطلق على شهر مارس «شهر المرأة بامتياز»، المرأة المناضلة، القوية، البسيطة، المتعلمة والفطرية، إنها المرأة بكل أحوالها ومستواها الاجتماعي والثقافي والمادي، تدور حول مفهوم واحد وحاجة أساسية واحدة لا تعلن عنها دائما، لأنها تخشى ردة فعل من حولها، كونها ستبدو مشككة وغير واثقة ممن حولها ومن تتعامل معهم هو مفهوم الأمان.

بداية المرأة كائن حسي يملك خاصية الاستشعار بالخطر والقلق من القادم هاجسها الدائم، هي لا تتخلى بسهولة عن إحساسها وقد تضحي في بعض الأحيان ببعض أحكام عقلها لتنتصر لإحساسها، كونها لا تدرك هذا الأمر بطبيعتها، لذا هي تتوجس من خطواتها، ومع هذا ولنفس الأسباب هي كائن مغامر، وبإمكانها ان تكون في مرات كثيرة متهورة رغم تلمسها الخطر، إنها أكبر مراهن بل ومقامر على إمكانية أن تصنع الاختلاف والتغيير بغيرها، لذا تعيش في معظم قراراتها على ضربة الحظ، وقد نجد رائدات في مجالات كثيرة تمكنّ من تحقيق ذواتهن، ولكن إن اقتربنا من حياتهن الشخصية، نجد أنهن يعشن حياة محفوفة بالقلق.

رغم كل الإنجازات، المرأة ترغب أن تركن بأمان في مكان يحميها ويمنحها الاستقرار ويعطيها السلام، وبالطبع تاريخ نضال المرأة منبعه أنها عاشت بمجتمعات لا تنظر إليها ككائن كامل الحقوق، بل ككائن ضعيف هش بالإمكان استغلاله جسديا وفكريا، ولسنوات طويلة كانت تضاريسها التي منحها الله سبحانه وتعالى لها تهمتها، حيث لم يكن ينظر إليها إلا كمصدر للشهوة، فانحصرت أدوارها لحقبات زمنية طويلة في إرضاء الرجل، الذي كان لا يتوانى عن التخلي عنها، وتركها لتواجه مصيرها والعدم الذي ينتظرها.

اليوم المرأة خرجت من قمقم المفاهيم والأعراف البالية، لتكون سيدة نفسها في أمور كثيرة، وحققت الكثير من التشريعات التي تضمن لها ذلك بالقانون وبالدستور وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبمناهضة الجندرة في العمل وفي مجالات كثيرة، ووصلت إلى مراكز القرار في دول كثيرة، ومع هذا على الصعيد الشخصي هي عالقة بمفهوم الأمان وكيف تصل إليه؟

وهذا الأمان تحديدا في علاقتها بالرجل وكيف تمسك زمامها وتحدد مسارها؟ بمقابل ذلك الرجل لا يعي هذه الحاجة، وقد يجد أن هذا تعدٍ على صلاحيته في العلاقة، ويبرر أداءها بأنه نوع من التسلط أو الغيرة أو التشويش النفسي، وفي الحقيقة ان التوتر بينهما أحد مصادره عدم ضمان الأمان في العلاقة، فلا شيء يضمن استمرارها، لا القانون ولا الأعراف ولا أي مفهوم آخر، لأنها علاقات قابلة للتقاطع مع متغيرات داخلية وخارجية، لذا هي تحاول ان تؤسس للثوابت وقد تنجح أحيانا وتفشل في أحيان أخرى، ولكنها كائن لا يستسلم ولا ينهزم، سرعان ما تنهض لتغير استراتيجيتها وتؤسس لحياة جديدة، وان كانت محفوفة بالخطر وحسية المصدر، إلا أنها تغامر انتصارا لعالمها الجميل الذي ميزها الله به.