ali
ali
أعمدة

رماد: أين نحن من لغتنا العربية؟

06 مارس 2019
06 مارس 2019

علي بن خلفان الحبسي -

ليس غريبا أن يرسب أبناؤنا في اللغة العربية وينجحون في اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية وغيرها من اللغات، أو أنهم لا يجيدون التحدث بها أولا يفهمون حديث الآخرين في محيطهم أو عندما يسافرون، لأننا أساسا لا نتحدث العربية كما هي، وإنما نتحدث عبر خليط من اللهجات العامية، فاستبدلنا المصباح «بالليت» والتلفاز «بالتفزيون» والسلك «بالواير» وغيرها من مئات الكلمات التي تغوص فيها لهجات عامية ومصطلحات دخيلة وربما تدخل بينهما كلمات عربية.

وعندما يبدأ الطفل في أولى مراحله الدراسية ويقلب كتاب اللغة العربية وغيرها من الكتب، ينصدم من كلمات يقرأها لأول مرة، ويحتاج سنوات لأن يتعلمها لكي يكتبها، وربما كتبها أو حتى رسمها دون فهم لمعناها، وربما يحتاج لمعاجم وموسوعات وتراجم كي يفهمها، وساعات كيف يفهم سؤالا يطلب منه الإجابة عليه في أي مادة من المواد، ويظل الطالب هكذا ونطلب منه أن يرفع قدرا من مستواه التحصيلي، وهذا ما تعانيه مدارسنا من تدنٍ في نتائج التحصيل الدراسي.

نعم هكذا هو الواقع، لأن دروسنا الخصوصية ودوراتنا للغة الإنجليزية وللرياضيات والفيزياء والكيمياء ومن أشباهها، بينما لا يدرك البعض أن الطفل بعيد عن القراءة والكتابة إلا من رحم ربي، فالكتاب والقصة مهجوران في أرفف المكتبات في المنازل، ومصادر التعلم في المدارس عليها أن تفعل، وأن تكون هناك مسابقات وتحديات في الكتابة والقراءة، وأن يظل الحاسب الآلي بعيدا عن الطفل في هذه المرحلة.

قديما كانت مدارس تعليم وتحفيظ القرآن الكريم لها الدور البارز في اجتياز هذه العقبة، فأوجدت العباقرة في القراءة والكتابة في وقتها، ولكن مع قلة الإقبال على هذه المدارس تضاءلت أدوارها واتجهت إلى نواحي أخرى في التدريس، حديثا ظهرت مشكلة بل قضية التأخر القرائي والكتابي الذي يعاني منه الكثير من طلاب المدارس، بل أمتد هذا الضعف حتى في الجامعات والكليات، وحتى المؤسسات التي يعمل فيها من لم يسعفهم مستواهم في إكمال دراستهم.

من هنا على عاتق الأب والأم وولي الأمر والأسرة والمجتمع أن يتحدثون اللغة العربية في كل تعاملاتهم، والبعد عن الإسفاف في المصطلحات التي لا تمت إلى اللغة العربية في شيء، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تبذل جهودها في مدارس التمهيدي والروضة والحلقة الأولى، وأن تكون منها انطلاقة الأطفال في غرس القراءة والكتابة فيهم، لأنها مسؤولية ملحة لهذه الفئة في هذه المرحلة التي تعتبر انطلاقا لمراحل قادمة من مستقبلهم الدراسي في مدارس الحلقة الثانية التي ليس لديها الوقت لأن تعلم القراءة والكتابة.

كما يجب أن تكون هناك دورات في الكتابة والقراءة ودروس خصوصية في اللغة العربية على مثيل الدورات لبقية المواد واللغات، ولو أنني لا أميل إلى الدروس الخصوصية، ولكن عند الضرورة ترفع الأحكام، ويجب أن تعي الأسرة هذا المطلب وذلك لضمان مستقبل أفضل لهذا الطفل، لأنه إذا لم يكن قادرا على القراءة والكتابة فانه لن يستطيع مجابهة عشرات المواد الدراسية لأن أساسها اقرأ واكتب.