صحافة

فيسبوك تهديد للاقتصاد والصحة والديمقراطية

04 مارس 2019
04 مارس 2019

يبدو أن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص فيسبوك، اصبح ظاهرة شائعة بين الجميع وعلى مختلف الأعمار، حيث يمكن عن طريق الفيسبوك التواصل بين الأفراد والجماعات في كافة أنحاء العالم، منذ تأسيسه عام 2004 بواسطة الشاب الأمريكي مارك زوكربيرغ، وهو سلاح ذو حدين، يمكن استخدامه للفائدة وتطوير الذات والمجتمع، كما يمكن استخدامه لإفساد وتدهور الفرد والمجتمع.

صحيفة «الجارديان» نشرت مقال رأي كتبه غانيش سيتارامان، أوضح فيه أن فيسبوك خرج عن السيطرة وتحول إلى تهديد خطير للإنسانية، فمنذ إنشائه قبل 15 سنة، طرأت عليه تغييرات عديدة، فبعد أن كان نظامًا تكنولوجيا اجتماعيا يساهم في تعزيز العلاقات بين الناس ، ومشاركة المشاعر والتجارب الشخصية بين الأصدقاء ، تحول مع مرور السنوات إلى تهديد اجتماعي خطير في الولايات المتحدة والعالم كله.

ويقول الكاتب: إن مشاعر المستخدمين تجاه فيسبوك باتت متضاربة، فمنهم المعجب به، ومنهم المحبط منه بسبب انتهاكه للخصوصية.

وتطرق الاقتصادي روجر ماكنامي في  كتابه بعنوان «زوكيد-الاستيقاظ على كارثة» إلى التحديات التي يثيرها الفيسبوك، والمخاطر التي يمثلها على المجتمع. وان ماكنامي نفسه اعتراه شعور بالقلق من أن فيسبوك الذي كان يفترض فيه المساهمة في جمع العالم معا، استخدم لتأجيج الفوضى والانقسام.

ونقلت الصحيفة عن ماكنامي قوله: «إن فيسبوك بات يشكّل تهديدًا واضحًا للديمقراطية، فضلا عن المخاطر الصحية والاقتصادية التي بسببه أصبحت واقعا لا يمكن إنكاره»، واستند ماكنامي في انتقاده للمخاطر الاقتصادية على مشاكل احتكار الرأسمالية، فعلى سبيل المثال، استحوذت شركة فيسبوك منافسيها المحتملين، على غرار انستغرام وواتساب، حتى لا تتاح لهم فرصة تحدي هيمنتها.

وأوضحت الصحيفة أن المخاطر التي تشكلها هذه المنصة على الديمقراطية تكمن في ميزة «نيوزفيد»، التي تدفع مستخدمي المنصة نحو استخدام «فقاعات المرشح» التي تحجب الآراء المختلفة، وإن هذه المنصة تحتوي على عدد كبير من الصفحات والمجموعات المزيفة والمعلومات المضللة والأكاذيب، ولا يقتصر التأثير الكبير للفيسبوك على الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، وإنما على دول العالم أجمع.

وذكر ماكنامي أن الشركات التكنولوجية تستعين ببعض الإجراءات حتى تدفع الأفراد إلى استخدام منتجاتها بشكل متزايد إلى حدود الإدمان أحيانا، بهدف إبقاء المستخدمين في الموقع لأطول مدة ممكنة، وأن هذه الإجراءات وغيرها من استراتيجيات التصميم تستطيع التأثير بعمق على سعادة الإنسان، وتجعلنا أسوأ حالا؛ بسبب طريقة عملها، على حد تعبير ماكنامي.

وركز ماكنامي على الأسباب التي مكنت «فيسبوك» وبعض الشركات الأخرى من تشكيل تهديد على الاقتصاد والديمقراطية والصحة العامة، لعل أولها أن المنتجات ذات المصادر المفتوحة والموارد المركزية تعني أن الشركات الناشئة تستطيع أن تكون أكثر مرونة من أي وقت مضى؛ ما يسهل على أصحاب رأس المال الاستثماري أن يحددوا بسهولة الاستثمارات الخاسرة من الناجحة.

والسبب الثاني يتمحور حول تصاعد الفلسفة الليبرتارية، خاصة بين المديرين التنفيذيين والمستثمرين في وادي السيليكون، لكن هذا المنهج الفردي من شأنه أن «يعفي مطبقي هذه الفلسفة من تحمل مسؤولية التأثير الذي تخلفه أفعالهم على الآخرين».

وثالثًا، التحول الذي شهده الاقتصاد السياسي، حيث أصبحت النيوليبرالية هي الفكر السائد، ويعتقد السياسيون أن الأسواق هي أفضل ضابط للشؤون الاجتماعية، وأنه لا يجدر بالحكومة التدخل. وقد أدى إلغاء التنظيم أو غيابه إلى قدرة هذه الشركات على اكتساب القوة السوقية واحتكار القطاع.

وفي الختام أشار الكاتب إلى أن عمالقة التكنولوجيا اعترفوا بأن صناعتهم تتطلب نوعا من التنظيم ، وهذا أحد الأسباب التي تجعل من «زوكيد» والكتب المماثلة له في غاية الأهمية، ومن خلال تحديد مجموعة متنوعة من المشاكل والظروف، فإن هذه الدراسة تساعد على بناء أسس للإصلاح، ولكن السؤال المطروح هو مدى استعداد المصلحين والمنظمين والمواطنين وشجاعتهم على القتال من أجل تحقيق تغييرات هيكلية على نطاق أوسع؛ لأنه في نهاية المطاف يبقى مستقبل اقتصادنا ومجتمعنا وديمقراطيتنا على المحك.