hamda
hamda
أعمدة

هاتفك سبب وحدتك

03 مارس 2019
03 مارس 2019

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

الحديث عن تأثير شبكات التواصل الاجتماعي السلبي على نوعية الحياة، وعلى انخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي متداول منذ فترة، مؤخرا صدرت نتائج دراسة قامت بها عالمة النفس «ميلسا هنت» في مجلة الطب النفسي والعلاجي (Melissa G. Hunt Journal of Social and Clinical Psychology) نهاية العام المنصرم، أظهرت فيه وجود ارتباط وثيق بين الاكتئاب والشعور بالوحدة والساعات التي يقضيها الفرد على شبكات التواصل الاجتماعي، التي تزخر بالمواقع الشخصية التي يستعرض فيها الآخرون صورا وردية لحياتهم، عندما يقارنها الفرد بحياته يشعر بالإحباط، لأنه يشعر بأن حياة هؤلاء مثالية، وخالية من المشاكل، فضلا عن أن الانشغال بشبكات التواصل تفقد المرء الصلة بمن حوله، وتقلل من قدرته على إيجاد علاقات اجتماعية حقيقية، وأظهرت الدراسات التي أجريت على الحالات النفسية للمراهقين أن انشغال الوالدين بشبكات التواصل تتصدر المشاكل النفسية التي يعاني منها المراهقون كالتنمر والمخدرات.

وترجع الباحثة هذا الشعور بالألم كون الانشغال بالهاتف لا يعطي المرء فرصة للقيام بأنشطة أخرى ممتعة، يحبها المرء وتضفي على حياته البهجة، إضافة إلى مسألة المقارنة التي أشرنا إليها.

وقد أظهرت هذه الدراسة أن التقليل من استخدام - وليس بالضرورة تركها نهائيا - وسائل التواصل تؤثر إيجابا على تحسن الحالة النفسية والصحية للأفراد، ويقلل كثيرا حدة الشعور بالوحدة.

بعيدا عن الدراسات، وعلى الصعيد الشخصي، أصبحنا نلاحظ أن الضيف حالما ينتهي من إلقاء التحية على مضيفه يسارع بطلب كلمة مرور الشبكة العالمية، ويبقى متسمرا أمام شاشة هاتفه طوال الوقت، وظهرت مشاهد مؤلمة لأشخاص مشغولين بهواتفهم أثناء تشييعهم للجنازات، وإلى لحظة انشغال أهل الميت في دك القبر بالتراب، وأحيانا تظهر صور هؤلاء في حالة تفاعل مع ما يشاهدون وهم يبتسمون، مما يشير فعلا إلى أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة لدى الكثيرين منا، ففقدنا التواصل ليس فقط مع الآخرين وإنما مع الطبيعة من حولنا، فلم نعد نلاحظ، ولا نتأمل فيما حولنا، فتقلصت الروحانية، وملكات الإبداع والخيال، وانتشرت الأمراض كأمراض الديسك الناتجة عن وضعيات الجلوس الطويلة على الهواتف، وضعف البصر وهلم جرى.