1148528
1148528
الاقتصادية

رواد أعمال: مشاريع إعادة التدوير مجدية للغاية.. والمنافسة الخارجية أهم التحديات

03 مارس 2019
03 مارس 2019

تحقق عائدا وتخلق وظائف وتحافظ على البيئة -

استطلاع: رحمة الكلبانية -

تعد النفايات من أهم الأخطار التي تهدد البيئة ويسبب التخلص منها عبئًا ماديا على الجهات المعنية بإدارتها، ولذلك تحتل مشاريع إعادة التدوير أهمية كبيرة وهي لا تساهم فقط في الحفاظ على البيئة لكنها أيضا من الأنشطة الاستثمارية المجدية التي تحقق عائدا جيدا وشهدت الفترة الأخيرة وعيا ملموسا تجاه الإمكانيات الكبيرة لأنشطة إعادة التدوير وهو ما أدى الى زيادة في توجه الشباب العماني لاستخراج الكنوز الكامنة في مرادم النفايات ليقوموا بمعالجتها وتحويلها لصناعات وأنشطة استثمارية مجدية تتماشى مع رؤية السلطنة في الحفاظ على البيئة والوصول بنسبة إعادة التدوير واسترجاع الموارد من طاقة ومواد إلى60% في 2020 وأن تزيد هذه النسبة إلى80% بحلول 2030، وتتنوع صناعات إعادة التدوير حاليا في عديد من المجالات مثل إعادة تدوير الخردة والورق وإطارات السيارات والخشب وزيوت الطعام وغيرها من النفايات والمخلفات.

ورغم أن مشاريع إعادة التدوير لم تنتشر بعد على نطاق واسع يلبي الطموح إلا أن بداياتها واعدة سواء من حيث حجم استثماراتها وقدرتها على توظيف الشباب العمانيين أو من حيث مجالات النشاط والعمل، وطرح رواد الأعمال العديد من الأفكار المبدعة لإعادة التدوير والاستخدام لمختلف أنواع المخلفات والنفايات، كما قدمت بعض الشركات الكبرى والجهات الأكاديمية دعما لهذا النوع من الأنشطة، وفي الوقت الحالي توجد في السلطنة أربعة مرافق لمعالجة وإعادة تدوير الخردة، بحجم استثمارات تفوق 100 مليون ريال عماني، وتوفر نحو 1000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة. وتتوقع بيئة أن يسهم إنشاء مرفق لإعادة تدوير الورق في خلق 400 وظيفة وحجم استثمارات يتراوح ما بين 5 - 8 ملايين ريال، ووفقا لتقديرات شركة بيئة يوجد في السلطنة مرفقان لإعادة تدوير الإطارات المستعملة، بحجم استثمار يصل لـ7 ملايين، ووظائف تقدر بنحو 600 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، حيث تعد معالجة الإطارات المستعملة وإعادة استخدامها في صناعات مختلفة من أفضل الحلول لتدويرها، وفي الإطار نفسه، قامت شركة «أسمنت عمان» بالتوقيع على مذكرة تفاهم في نوفمبر الماضي لتحويل 30 ألف طن من الإطارات المستعملة لإنتاج فحم بديل للغاز باستخدام تقنية الفحم الدائر. بحجم استثمار يقدر بـ1-1.5 مليون ريال، ومبلغ استثماري يصل لـ3 ملايين ريال، ومن المتوقع أن يساهم في خلق 150 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، كما تم مؤخرًا التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء أول مركز لإعادة الاستخدام بجامعة السلطان قابوس مما يساهم في خلق 200 وظيفة للطلبة وذوي الإعاقة، وتشمل المواد التي سيتم التعامل معها في المركز؛ الأثاث والكتب والملابس والأقمشة والأجهزة الكهربائية والمواد المنزلية المختلفة، وشهدت السلطنة مؤخرًا قيام عدة مبادرات ومشاريع في مجال إعادة تدوير الأخشاب لإنتاج الفحم وغيره من المنتجات، حيث يوجد في السلطنة ما يقارب 7 مرافق لإعادة تدوير الأخشاب تتراوح قيمتها السوقية ما بين 1-2 مليون ريال، وحجم استثمار يصل لـ3 ملايين بعدد وظائف يتجاوز الـ100.

وفي استطلاع مع «عمان» أكد رواد أعمال على الجدوى الاقتصادية لمشاريع إعادة التدوير والتي تشهد طلبًا واسعا من داخل وخارج السلطنة، ودعا المشاركون في الاستطلاع إلى ضرورة تعزيز ثقافة إدارة النفايات من قبل أفراد المجتمع لتسهيل تحويل القطاع لبيئة جاذبة اقتصاديا، مؤكدين على أهمية دعم منتجهم المحلي الذي يواجه منافسة من منتجات مماثلة يتم استيرادها من خارج السلطنة.

إعادة التدوير والمعالجة

وقال محمود العامري، شريك مؤسس لشركة «الخدمة لإعادة التدوير» إن مجال إعادة تدوير النفايات يعد مجديًا اقتصاديًا، إلا أنه متقلب في بعض الأوقات، وذلك يعتمد على نوع الخامات. وقد قام محمود وشريكه بالدخول لهذا القطاع في 2014 من خلال تجميع المخلفات الورقية والبلاستيكية والمعدنية من مصانع أو من جهات خاصة أو حكومية عن طريق شاحنة خاصة تعمل بنظام هيدروليكي،ثم تجميعها في مواقع الشركة الخاصة بالرسيل وإبراء ثم تهيئتها وتوزيعها على مصانع إعادة التدوير المتخصصة في داخل وخارج السلطنة. وأشار العامري إلى مجموعة من التحديات التي تواجههم في القطاع، كتقلب الأسعار وعدم وجود مساحات كافية للفرز بالإضافة للمنافسة العالية التي تتعرض لها الشركات العمانية من الشركات الخارجية الأخرى. وفي سبيل تعزيز ثقافة إعادة التدوير دعا العامري إلى توعية المجتمع بأهمية إدارة النفايات وضرورة تصنيفها قبل التخلص منها.

الإطارات المستخدمة

ويعد مصنع «المتحدة للصناعات المطاطية» من أبرز المشاريع المحلية التي تستهدف إعادة استخدام الإطارات المستخدمة في إنتاج الحبيبات والأرضيات المطاطية التي تستخدم كأرضيات مانعة للانزلاق في الملاعب والحدائق والمنازل، وأكد سامي الخروصي، أحد مؤسسي الشركة على الجدوى الاقتصادية الكبيرة في قطاع إعادة التدوير أن الاستثمار في هذا المجال قد يكون أمرا غير رائج إلا أنه مجد ويستحق الدراسة والخوض فيه كونه توجها مستقبليا تدعو إليه السلطنة لحل المشاكل البيئية المتعلقة بإدارة النفايات. وأشار الخروصي إلى أن الطلبات التي تتلقاها الشركة من خارج السلطنة أعلى من الداخل، وتعد المنافسة العالمية أحد أهم التحديات التي تواجه الشركة، وقال: لا تزال الجهات والأشخاص يستوردون هذه الحبيبات المطاطية من الخارج رغم توفرها محليا.

مخلفات الزيوت

وتمتلك مخلفات زيوت الطبخ قابلية جيدة ليتم إعادة تدويرها واستخدامها كوقود حيوي، وقدرت بيئة أن تبلغ القيمة السوقية لإنشاء مرفق لمعالجة زيوت الطبخ بـ3ملايين ريال، بحجم استثمارات يتراوح ما بين 2-3 ملايين ريال وأن يساهم في خلق 200 وظيفة. إلا أن التحدي في هذا المجال يكمن في صعوبة الحصول على الكميات المطلوبة.

ومن بين المبادرات الشبابية التي تستهدف إعادة تدوير الزيوت، قامت شركة طلابية مكونة من 11 طالبا وطالبة بالكلية التقنية العليا بابتكار وقود «ديزل حيوي» مصنع من زيوت طبخ مستخدمة. وقالت آسال العدوية من الشركة الطلابية «أوراس» إن الوقود الحيوي الذي تنتجه الشركة جاء ليكون بديلا اقتصاديا ومستداما للديزل العادي والذي يتطلب استخراجه سنوات عديدة وتقنيات مكلفة. ويمكن استخدام الوقود الحيوي المصنع من قبل شركة أوراس للمركبات الخفيفة واستخدامه عوضا عن الديزل، وفي تشغيل الآلات الزراعية والصناعية البسيطة. ويتميز هذا الوقود بسرعته العالية في تشغيل المحرك، وكونه يحتوي على مواد لا تتطلب تنظيف الخزانات في كل مرة ويقلل من الانبعاثات الضارة. وحول التحديات التي تواجههم، قالت العدوية، بأن الشركة تستهدف إيجاد دعم مادي وتوفير مختبرات ومعدات لمواصلة إنتاج هذا الوقود.

مخلفات الأخشاب

ويقوم مصنع الفحم العماني لصاحبه محمد الحارثي بإعادة استخدام مخلفات الخشب المستخدم في النجارة لصنع أنواع مختلفة من الفحم، والذي يتميز بقدرته على تحمل درجات الحرارة العالية مقارنة بالأنواع التجارية الأخرى. وقال الحارثي بأنه دخل إلى هذا المجال في 2001، وبالرغم من الصعوبات التي واجهتهم في بادئ الأمر إلا أن المصنع استطاع أن يغطي السوق المحلية وأن يصل للأسواق المجاورة، بالتركيز على الفحم المستخدم للأغراض الصناعية .

ووفقا لشركة «بيئة» تبلغ كمية النفايات الصادرة عن الفرد في السلطنة أكثر من 1.5 كجم يوميا، وتتميز تلك النفايات بأنها قابلة لإعادة التدوير بنسبة عالية، حيث يشكل الورق منها 26%، والمعادن 11%، والبلاستيك 12%، والزجاج 5%. ويكمن دور إدارة النفايات في المقام الأول في الإيفاء بالاحتياجات الحالية للبشر دون التأثير على احتياجات الأجيال القادمة، وإلى التعامل المسؤول مع البيئة بهدف تفادي نفاذ أو انحسار الموارد الطبيعية مع ضمان سلامة البيئة، بالإضافة إلى توفير المتطلبات طويلة الأجل من خلال استرجاع وإعادة التدوير والتقليل من فقدان الموارد في هيئة نفايات.