صحافة

الحياة الجديدة: نجاح قمة «الاستثمار في الاستقرار»

28 فبراير 2019
28 فبراير 2019

في زاوية مقالات كتب عمر حلمي الغول مقالا بعنوان: نجاح قمة «الاستثمار في الاستقرار»، جاء فيه:

عقدت قمة عربية أوروبية في منتجع شرم الشيخ المصري بحضور حوالي 40 دولة من المجموعتين المتشاطئتين للبحر الأبيض المتوسط يومي الأحد والاثنين الماضيين، تحت شعار «الاستثمار في الاستقرار»، وهي القمة الأولى من هذا الطراز. وترأسها كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ودونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي بشكل مشترك، ورغم غياب عدد من القادة العرب والأوروبيين، إلا أن القمة نجحت فيما حددته لنفسها من مهام، وهي التي تمخضت عن خمسة اجتماعات ضمت وزراء الخارجية من الطرفين قبل انعقاد القمة.

وأهمية القمة العربية الأوروبية تتمثل في الآتي: أولا استشعار قادة العالم العربي والاتحاد الأوروبي المسؤولية تجاه بعضهم البعض. لا سيما أن أمنهم مرتبط ارتباطا وثيقا ببعضه البعض؛ ثانيا الإدراك المشترك، أن خارطة العالم آخذة في التحول الدراماتيكي، ونشوء فراغ نسبي بعد تراجع مكانة وحضور الولايات المتحدة في دول الإقليم عموما، والوطن العربي خصوصا، الأمر الذي فرض على قادة وزعماء الدول الجلوس سويا لبحث المصير المشترك ؛ ثالثا خلق الحوافز المشتركة بين المجموعتين لتطوير العلاقات الثنائية المشتركة في المجالات المختلفة: السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والبيئية، والسياحية، وتنظيم الهجرة، وتعزيز السلم في الإقليم، وحل القضايا الشائكة، والمهددة للاستقرار في القارتين العربية والأوروبية، خاصة مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأيضا الرياح المتصاعدة من التهديد الإيراني لدول العالم العربي؛ رابعا غياب إسرائيل عن المؤتمر، وحصره في العلاقات الثنائية العربية الأوروبية؛ خامسا عقد المؤتمر بعد انفضاض مؤتمر وارسو الفاشل، يعتبر إنجازا بحد ذاته؛ سادسا إعادة التأكيد على مكانة وأولوية القضية الفلسطينية، كعنوان أساسي فيما بين دول المجموعتين، وأهمية حلها كشرط ضروري لتأمين الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي على حد سواء. وكما أشرت أعلاه احتلت قضايا الاستقرار، والتعاون الثنائي بين المجموعتين، ومحاربة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وأزمات العديد من الدول العربية التاريخية والحديثة، وأبرزها قضايا: فلسطين، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسوريا وليبيا واليمن الصدارة في النقاش الداخلي.. إلخ. وجاءت مخرجات القمة، وبيانها الختامي، منسجمة مع الثوابت الأساسية المتفق عليها بين قادة الدول المجتمعة في شرم الشيخ، وقرارات الشرعية الدولية. أضف إلى أن زعماء الدول اتفقوا على مواصلة التنسيق المشترك فيما بينهم لمتابعة القضايا ذات الاهتمام الثنائي، وتم تشكيل أطر للمتابعة. وتم تحديد موعد للقمة القادمة في العام 2022 . وهو ما يؤشر لجدية الشراكة، وإذا توقفنا أمام المشاركة الفلسطينية التي ترأسها الرئيس محمود عباس، والكلمة المهمة التي ألقاها في المؤتمر، وكلمات الملوك والرؤساء ورؤساء الوزراء العرب في القمة، لاحظنا أنها جميعها، أكدت على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية، كأساس في محاربة الإرهاب، وتأمين السلام في الإقليم والعالم. وهو ما عكسه البيان الختامي للمؤتمر في النقطة السابعة، التي أكدت على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وتأكيد البيان على أهمية استمرار وجود وعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهي رد واضح على السياسة الأمريكية الإسرائيلية التي تعمل بشكل منهجي على تصفية تلك الوكالة قبل حل معضلة وقضية اللاجئين الفلسطينيين. كما أن تأكيد البيان الختامي على رفض الاستيطان الاستعماري بكل أشكاله هو موقف قديم جديد، ولكنه كان ضروريا الآن مع تصاعد حرب الاستيطان، ورسالة واضحة لدولة الاستعمار الإسرائيلية ومن يقف خلفها. ولا يفوتني هنا، ما أشار له الرئيس أبو مازن للزعماء الحاضرين، خاصة الأوروبيين، عندما طالبهم بضرورة وقف سياسة البلطجة الإسرائيلية، وتأمين مظلة حماية مالية لموازنة السلطة الوطنية، وتأمين الحماية الدولية لشعبنا، ومطالبة الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية، للاعتراف بها. والأهم مما تقدم، تأكيده للجميع، خاصة رسالته لقادة إسرائيل، أن كل أشكال التطبيع الجارية من تحت وفوق الطاولة، لن تفيدهم بشيء ما لم تحل المسألة الفلسطينية، ويتم الانسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من يونيو 1967، وفي مقدمتها القدس الشرقية، عاصمة الدولة الأبدية. ومما لا شك فيه أن المؤتمر كان حدثا مهما فلسطينيا وعربيا وأوروبيا ودوليا. وسيكون له ما بعده، إذا واصل قادة الدول الاهتمام بمتابعة مخرجاته السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية، وأولوا الاهتمام الجدي لقضية السلام في الإقليم، وتمكن زعماء أوروبا من الخروج من تحت العباءة الأمريكية، وانسجموا مع مواقفهم الداعمة لخيار السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. المستقبل المنظور كفيل بالجواب.