أفكار وآراء

اليمن يحتاج مساعدات بمليارات الدولارات

27 فبراير 2019
27 فبراير 2019

صنعاء (د ب أ) -

في مدارس اليمن تتجلى أزمة الحرب، فلم يعد هنا شيء على الحال التي كان عليها قبل الحرب، وذلك حسبما تقول حياة سعيد، البالغة من العمر 47 عاما، والتي تعتبر من المعلمات القليلات اللاتي لازلن يذهبن لتدريس التلاميذ في المدارس بشكل منتظم. تحصل المعلمة اليمنية مقابل ذلك على ما يعادل 75 يورو شهريًا، ليس من الحكومة، التي غادرت العاصمة صنعاء منذ سنوات وتحكم من المنفى، وليس من جماعة أنصار الله التي سيطرت على صنعاء، بل من جمعية إغاثة ألمانية يمنية، ترى في مرتب المعلمين أكثر من مجرد دعم يساعدهم للبقاء على قيد الحياة. تعتبر الأمم المتحدة الحرب الأهلية في اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم في الوقت الحالي. كانت اليمن قبل بدء الحرب عام 2014 تعد بالفعل بيت الفقراء في شبه الجزيرة العربية. ومنذ ذلك الحين ارتفع عدد السكان الذين يحتاجون لمساعدات بشكل هائل.

أصبح هناك الآن أكثر من 24 مليون شخص في اليمن يحتاجون الحماية، بحسب ليز جراند، منسقة مساعدات الأمم المتحدة لليمن، قبل مؤتمر الجهات المانحة لليمن، وهو ما يمثل 80% من السكان في اليمن.

سيطرت جماعة أنصار الله في سبتمبر 2014 على العاصمة اليمنية صنعاء، وعلى مناطق واسعة من شمال اليمن، وبعد وقت قليل من ذلك تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في الصراع ودعم الحكومة المعترف بها دوليًا بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، خاصة من خلال سلاح الجو. أصاب التدمير البنية الأساسية في كثير من مناطق اليمن، وتعرضت مدارس ومستشفيات للهجوم بشكل مستمر. وأدى اندلاع وباء الكوليرا العام الماضي وتسببه في أكثر من مليون حالة إصابة، إلى تفاقم الأوضاع بالنسبة لسكان اليمن.

تقول المعلمة حياة سعيد مشتكية من الأوضاع: «فقد زوجي عمله بسبب الحرب، ولم يعد لدي دخل، كيف يمكن لنا أن نعيش بهذا الشكل؟».

لدى المعلمة أربعة أطفال تضطر لإطعامهم، في ظل ارتفاع الأسعار منذ أن فرضت قوات التحالف السعودي حصارًا على مطار صنعاء والموانئ الموجودة على البحر الأحمر.

وهذه هي النقطة التي تسعى من خلالها جمعية «حياتي كرامتي» في ولاية بافاريا، للمساعدة من خلالها، «وسنبدأ بالمعلمين الذين نريد لهم أن يصبحوا قادرين مرة أخرى على إطعام أسرهم» حسبما قال رئيس الجمعية، سعيد الديلمي، مضيفا: «نريد ألا يضيع الجيل التالي».

من خلال ما يعادل 75 يورو شهريًا لكل معلم تدعم الجمعية 72 معلمًا في مدرستين بشمال اليمن، ويؤكد الديلمي أن هذا المبلغ هو صغير وأن «المشكلة تتمثل في قلة الوعي بشأن الأزمة في اليمن»، مضيفًا: «فالتركيز على بؤر أزمات أخرى».

تحتاج الأمم المتحدة هذا العام 2ر4 مليار دولار (7ر3 مليار دولار) لليمن، أي أكثر مما تحتاج أي دولة أخرى.

وتسعى الأمم المتحدة من خلال هذه المساعدات لإمداد الجوعى بالغذاء، وتوفير المياه النقية للشرب، وتوفير الرعاية الصحية، والحفاظ على استمرار عمل المدارس وتوفير أماكن لإيواء المهجرين.

أصبح الكثير من الناس يتسولون في شوارع صنعاء «وعندما نعلن هنا عن أعمال صغيرة، مثل إخلاء أحد المخازن، يتقدم لها 500 شخص» حسب رئيس مكتب منظمة الصليب الأحمر في صنعاء، فرانس راوخن شتاين، مضيفا: «يضطر موظفونا لإطعام 100 من أقاربهم براتبهم البالغ نحو 1500 دولار».

ولكن العوز في الريف اليمني أكثر بكثير مما هو في صنعاء، حسب راوخن شتاين، حيث يعيش أغلب اليمنيين.

وأشار راوخن شتاين إلى صعوبة إيصال المساعدات للمناطق الجبلية في اليمن.

يضاف إلى ذلك وفقا للمنظمات الإغاثية في اليمن ذلك الشك والريبة من قبل الهيئات المحلية هناك، «فلا يمكن الوصول للناس تقريبا» حسب «ابتسام الصنعاني»، من جمعية فيجن هوب (رؤية الأمل)، مضيفة: «وهناك من يموتون أثناء محاولتهم الحصول على تصريح».

هناك نحو 300 شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، أكبر منظمة إنسانية في العالم، تتجول في مناطق مختلفة في اليمن لتزويد الناس بالمساعدات الضرورية.

يقول رئيس البرنامج في صنعاء، شتيفان أندرسون: إن شكوك الأطراف المتحاربة والبيروقراطية التي نواجهها في الحصول على شهادات المرور، تُنهك القائمين على توزيع هذه المساعدات، مضيفًا: إن العاملين على توزيع المساعدات يفقدون أعصابهم في كثير من المناطق، «وبدأ الثبات الواضح لدى اليمنيين في الانهيار شيئًا فشيئًا».

حتى ولو لم يكن هذا البؤس ناتجا عن كارثة طبيعية، بل عن صراعات بين البشر، فإن أندرسون قال مناشدًا المتبرعين: «ليست الأم بابنها الذي يعاني في المستشفى من نقص تغذية شديد، ولا المدنيون الجائعون هم الذين تسببوا في الحرب». وأكد رئيس برنامج التغذية العالمي أن ترك اليمن يغرق في البؤس سيكون كارثة بالنسبة للعالم أجمع.