1138962
1138962
مرايا

لعزوف الجيل الجديد عن المهنة - المسـاحـات الخضـراء تفتقد دور المزارع العماني

27 فبراير 2019
27 فبراير 2019

تحقيق - جليلة سيف الهنائية -

مارس الإنسان العماني منذ القدم الكثير من المهن والحرف والأعمال المختلفة، ولعل أقدم هذه المهن هي مهنة الزراعة، ومع تطور المجتمعات بدأت مهنة الزراعة تتلاشى شيئا فشيئا، ومن المؤسف حقا أن نرى في هذه الأيام ازدياد استجلاب القوى العاملة الوافدة لشغل هذا القطاع بكافة أشكاله، فما مصير هذا القطاع، وكيف نضمن استمراريته لأجيالنا القادمة؟

أبدى ناصر بن سيف اليحيائي صاحب مكتب الخطط المستقبلية ببهلا رأيه قائلا: من المؤسف حقا أن نرى تزايد العمال الوافدين لشغل هذا القطاع، وبرأيي أن ابتعاد الشباب عن هذه الحرف هو أحد الأسباب، حيث إن التطور العمراني ودخول التكنولوجيا ساهما بتوجيه ميولهم واهتمامهم نحو التكنولوجيا والإلكترونيات أكثر. وأرى أن للقوى العاملة الوافدة العديد من المخاطر، لكونها دخيلة وذات عادات وتقاليد مختلفة، فقد تدخل عادات سيئة للمجتمع العماني.

وأوضحت ابتسام بنت سليمان الحسنية مسؤولة قسم المتابعة والتنسيق بمكتب سعيد الشرجي للمحاماة والاستشارات القانونية، بأن سبب تزايد القوى العاملة الوافدة هو أن الشباب أصبحوا يبحثون عن مجالات مختلفة على حسب التطور التكنولوجي و بمنظورهم أنه لا جدوى لبقاء مهنة الزراعة، فهم غالبا يبحثون عن الراحة، فيستجلبون القوى العاملة الوافدة للقيام بهذه المهنة بدلا منهم، مما يؤثر سلبا على هذا القطاع،

وأشارت أن للقوى العاملة الوافدة آثارا سلبية كثيرة منها: الآثار الأخلاقية، إذ إن لكل أمة وشعب ما يميزه عن غيره سلوكا وأدبا وقيما وأخلاقا، وهذه الشعوب تأتي بما اعتادت عليه من ممارسات، فتؤثر في المحيط الجديد خاصة إذا اختلطت بالسكان، وطال مكوثها في البلاد، وهذا التأثير السلبي في الجوانب الأخلاقية بدا واضحا جليا في عدد من الممارسات التي ما كان العماني يعرفها من قبل.

وتابعت قائلة: بالإضافة إلى الآثار الأمنية، فلا شك أن القوى العاملة الوافدة أصبحت كتلة فاعلة، وتجمعا ينسق فيما بينه، ونحن إذا نظرنا إلى أعداد الجرائم وتمعنا في الإحصائيات الصادرة لوجدنا أن أكثر هذه الأعمال صادرة عن القوى العاملة الوافدة، وأوضح ما تقوم به الأجهزة الأمنية الظاهرة منها والباطنة من دور في متابعة آثار وجود هذه القوى العاملة الوافدة الأجنبية، من مطاردات لمهربي المخدرات، وهذه كميات من السموم تتوزع في ربوع البلاد على يد القوى العاملة الوافدة.

استخدام مواد كيماوية

وعبر سعيد بن حمدان الهنائي رئيس قسم تنمية النخيل بوزارة الزراعة والثروة السمكية، وجهة نظره قائلا: القوى العاملة الوافدة خطر كبير على الأراضي الزراعية، وذلك لعدم تقيدهم بالقوانين والأنظمة الزراعية وتدميرهم للأراضي الزراعية باستخدام المواد الكيميائية من مبيدات وأسمدة منها المحظورة وبكميات تفوق التوصيات البحثية والإرشادية. كما أن خطرهم أيضا بإظهار الفساد على المجتمع العماني المسالم، ونشر عادات وتقاليد غير مألوفة بمجتمعاتنا.

وقالت عفراء المقبالية أخصائية توجيه مهني إن أبرز أسباب تزايد القوى العاملة هو الراتب الذي يتقاضاه العامل الوافد، فهو أقل من المواطن، فترضي الوافد ولكن لا تسد حاجة العماني، وإن بعض الأعمال وخاصة الشاقة منها لا يرغب المواطن بالعمل فيها، وخصوصا أن عدد ساعات العمل غير محدود. وبالمقابل هناك العديد من المخاطر، أهمها السرقة والنصب والاحتيال وحالات الاعتداء على الغير. وأشارت أمل راشد الحاتمية معلمة تاريخ بأن سبب تزايد القوى العاملة في قطاع الزراعة هو عزوف الشباب العماني عن مهنة الزراعة لأسباب عديدة أهمها أن الرواتب قليلة، وأنها تحتاج إلى جهد ومشقة، وظهور مهن أخرى أفضل. وهناك العديد من المخاطر التي تسببها القوى العاملة أهمها تخريب الأرض الزراعية بسبب استخدامها المتكرر وظهور مشاكل التربة كالتملح واستخدام الأسمدة الكيماوية التي قد تؤثر مستقبلا على الإنتاج.

الجيل المقبل

وحول الطرق التي يمكن اتباعها لتنشئة جيل يهتم بالقطاع الزراعي، أوضح ناصر اليحيائي بأهمية إدخال برنامج للتدريب في المدارس والكليات بمثل هذه الحرف واعتبارها مادة أساسية. بينما قالت ابتسام الحسينية أنه يجب عمل توعية بشكل عام لأبناء الوطن بضرورة ممارسة مهنة الزراعة، وأنه لا يمكن الاعتماد كليا على الوافد، ولابد أن يستوعب المواطن الأضرار التي تلحق من كثرة وجود الوافدين. وأشار سعيد الهنائي أنه وجب إنشاء معاهد أو مراكز تدريبية للزراعة أسوة بمعاهد التدريب المهني، وفتح مجال للشباب للاهتمام بالجانب الزراعي ومنح أراض زراعية مع توفير الماء والمعدات اللازمة.

وأوضحت عفراء المقبالية أنه يجب زيادة الوعي الثقافي لدى هذا الجيل وتعريفهم بأهمية جميع العادات والتقاليد. كما قالت أمل الحاتمية أنه يجب إدراج مناهج منفردة متعلقة بالزراعة يصاحبها جانب عملي تطبيقي كما كان في السابق، وتنشئة الأبناء على حب الزراعة من خلال تعويدهم على زراعة الشتلات في البيت أو المدرسة أو في الحي، بالإضافة إلى ضرورة تشجيع الشباب على العمل في هذا القطاع عن طريق رفع المكافأة وتحديد ساعات عمل معينة.

ومن هنا يمكننا القول أنه وجب على المجتمع تنشئة جيل محب لهذه المهنة وشباب قادرين على العمل فيها لتقليل الاستعانة بالأيدي العاملة الوافدة وتجنب مخاطرها وحتى تبقى هذه المهنة بنكهتها العمانية الأصيلة.