صحافة

انشقاق في حزب العمال

25 فبراير 2019
25 فبراير 2019

شهد حزب العمال البريطاني المعارض انقساما غير مسبوق في صفوفه احتجاجا على سياسات زعيمه جيريمي كوربين فيما يتعلق بالاستفتاء الثاني للخروج من الاتحاد الأوروبي ومعاداة السامية، حيث أعلن سبعة نواب من بين 256 نائبا عماليا برلمانيا انشقاقهم عن الحزب متعهدين بـ«تغيير السياسات» من خلال إنشاء «مجموعة مستقلة» جديدة في مجلس العموم.

واستقالة النواب السبعة هي اكبر حركة انشقاق في تاريخ حزب العمال منذ 40 عاما عندما استقال أربعة أعضاء بارزين عام 1981 لتشكيل الحزب الديمقراطي الاجتماعي. وشن المستقيلون هجوما غاضبًا على كوربين، الاشتراكي المخضرم الذي تولى زعامة الحزب عام 2015، لتحويله إلى حزب «معاد للسامية، تهيمن عليه أساليب التنمر والمضايقة واليسار المتشدد».

صحيفة «ديلي ميل» نشرت تقريرا كتبه جون ستيفنس أشار فيه الى اتهام النواب المستقيلين كوربين بضعف معارضته أمام حكومة المحافظين، وفشله في القضاء على التحيز ضد اليهود داخل الحزب، والعمل على إضعاف الأمن القومي، وقبول الهجمات من أعداء بريطانيا، ودوره في تسهيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ونشرت «ديلي ميل» أيضا مقالا كتبه وزير الداخلية العمالي السابق المخضرم اللورد ديفيد بلانكيت، حذر فيه من احتمال تفكك حزب العمال. كذلك أشارت صحيفة «آي» إلى التحذير الموجة لكوربين في تقرير نشرته بعنوان «بطاقة حمراء لكوربين من المنشقين الجدد»، قالت فيه: إن نحو 50 نائبا عماليا يفكرون في تحديد مواقفهم من البقاء في الحزب أو مغادرته نهائيا، وأن انشقاق الأسبوع الماضي ستلحقه انشقاقات لاحقة، مما سيوجه ضربة قاتلة لآمال كوربين في الوصول الى منصب رئاسة الوزراء.

ووصفت صحيفة «ديلي تلجراف» النواب المستقيلين بأنهم «عصابة السبعة» وحذرت كوربين من احتمال تزايد عدد المستقيلين، حيث أبلغ برلمانيون كوربين بالاستعداد لمزيد من الاستقالات.

وتحت عنوان «اضطراب في حزب العمال» وصفت صحيفة «ديلي ميرور» الانشقاق بأنه بمثابة «صداع»، وأن الحزب سقط في أزمة نتيجة استقالة مجموعة من النواب المعتدلين معا.

أما صحيفة «التايمز» فقالت: إن توم واتسون نائب زعيم كوربين، حذره من أن «كثيرين آخرين يمكن أن يستقيلوا، واعترف واتسون نفسه بأنه في بعض الأحيان «لم يعد يعترف» بحزبه.

وحذرت صحيفة «الجارديان» كوربين بقولها: «إما أن تتغير أو مزيد من الاستقالات». ونقلت عن النائبة المستقيلة لوسيانا بيرجر قولها: «إن النواب سيشكلون كتلة خاصة بهم في البرلمان، وشددت على أن القرار كان صعبًا ومؤلمًا، لكنه ضروري»، مشيرة إلى أسباب انشقاق النواب السبعة بأنهم يشعرون بالاشمئزاز من «معاداة للسامية» داخل الحزب. وقال النائب كريس ليزلي: «الحزب الذي كنا فيه لم يعد كما كان، لقد سيطر عليه اليسار المتطرف».

ومن جانبه أصدر كوربين بيانا قال فيه: «أشعر بخيبة أمل لأن هؤلاء النواب شعروا بأننا غير قادرين على مواصلة العمل معا من أجل سياسات حزب العمال التي ألهمت الملايين في الانتخابات الأخيرة».

وقال كوربين أيضا «إن على نواب العمال المنشقين تقديم استقالاتهم من البرلمان وأن يرشحوا أنفسهم خارج الحزب للانتخابات»، وأضاف «هذا الإجراء الديمقراطي الذي ينبغي عمله لأنهم أرادوا التخلي عن السياسات التي انتخبوا لأجلها».

وفي الوقت نفسه تستعد الحركة العمالية الداعمة لكوربين لعقد تجمعات لاستقطاب الناخبين في العديد من الدوائر الانتخابية التي بها نواب من المجموعة المستقلة لجذب الناخبين الى دعم الحزب في أي انتخابات تكميلية مستقبلية.

أما عن مستقبل هذه المجموعة المستقيلة، وما إذا كان باستطاعتها أن تكون ذات مغزى في السياسة البريطانية، فتقول صحيفة «ديلي ميل»: إن العلامات المبكرة مشجعة، وأن هذه المجموعة التي تجلس الآن فيما اطلق عليهم «المستقلون» ستفوز بحصة أكبر من التصويت من حزب الديمقراطيين الأحرار إذا خاضوا الانتخابات العامة المقبلة كحزب وطني.

جدير بالذكر أن حزب العمال تأسس عام 1900 بتحالف مجموعة من النقابات والهيئات العمالية، بهدف حماية حقوق العمال والدفاع عن حق الطبقة العاملة في ان يكون لها صوت ودور في الحياة السياسية، وانطلق الحزب حاملا لواء الاشتراكية الديمقراطية، مناديا بتوزيع الثروة والقضاء على الفوارق الاجتماعية. ووصل الى السلطة في عام 1924، ثم تراجع منسوب الاشتراكية في فكر الحزب وأصبح جزءا من يسار الوسط.