1136094
1136094
عمان اليوم

الألعاب الإلكترونية.. بين اكتساب المهارات والتسلية وخطر الإدمان عليها

22 فبراير 2019
22 فبراير 2019

في ظل انتشارها الواسع بالمجتمع -

استطلاع - أحمد الشماخي -

تعد الألعاب الإلكترونية من الأمور التي تجذب اهتمام أغلب الشباب والأطفال وتستهويهم، وتأخذ معظم أوقاتهم وهي تستخدم للترفيه والتسلية ومن خلالها قد يكتسب ويتعلم الشاب صفات إيجابية عديدة منها سرعة اتخاذ القرار وتنمية الملكات العقلية، وقد تسلك طريقًا وعرًا يقود إلى أمور سلبية لا تحمد عقباها، فهي سلاح ذو حدين.

تنمية قدرات

ولتسليط الضوء على هذه المسألة استضفنا معنيين في مجال الألعاب الإلكترونية، وهم الدكتور عماد فاروق أستاذ مساعد في علم الاجتماع بجامعة السلطان قابوس، وعبدالرحمن بن محمد العبري صاحب محل للألعاب الإلكترونية وأحمد الزدجالي مدير شركة فريمزين (Framezen) المتخصصة في صناعة تطبيقات الهواتف والألعاب الإلكترونية التعليمية.

وبداية قال الدكتور عماد فاروق: «كما هو معلوم، إن الألعاب الإلكترونية تنتشر بشكل سريع وواسع في كل المجتمعات والتي من الممكن وصفها كنوع من الغزو والاجتياح، ولا يمكن أبداً أن نطلق نتيجة عامة على الألعاب أن لها آثارا سلبية فقط، كما هو شائع لدى السواد الأعظم من الناس في المجتمعات، بل هناك الكثير منها له فوائد إيجابية كالألعاب التي تنمي مهارات الذكاء والدخول في المتاهات والخروج منها عن طريق البحث عن الحلول والقدرة على اتخاذ القرار، كما أن الوقوع في الخطأ والفشل يجعل اللاعب يتعلم من أخطائه ويتجاوزها ويسعى نحو تحقيق الفوز والنجاح وتكسبه الثقة بالنفس لتخطي كل العقبات التي تعيقه والدافعية نحو تحقيق الأهداف في الحياة اليومية للشاب والطفل، علاوة على ذلك، تنمية القدرات العقلية العليا كالتصور والتخيل وتنمية سرعة البديهة والاستجابة، لذلك يفضل اختيار الألعاب ذات القيمة والفائدة».

سلاح ذو حدين

وأضاف الدكتور عماد: «بعض الألعاب تسيطر على عقول الشباب وتستقطبهم وتحاول عزلهم عن محيطهم الاجتماعي، والسؤال المطروح هنا (هل كل الشباب يستسلم لهذه الألعاب؟) بالطبع لا، فهناك نوعية من الشباب تتوفر بهم بعض السمات والظروف التي تبعدهم من أن يكونوا فريسة لهذه الألعاب». وتابع قائلا: «سألت ذات يوم أحد الشباب (لماذا تُقبِل على الألعاب الإلكترونية بشكل كبير؟) فكان جوابه: الشعور بالملل والوحدة والعزلة الاجتماعية، وأنه لا يجد من يتكلم معه ويشاركه الحديث، لذلك يبحث الشاب عن ما يقضي فيه وقته ويملأ به فراغه القاتل فتكون الألعاب الإلكترونية وسيلة سهلة للإلهاء».

وأشار الى: «إن الألعاب التي يحتوي مضمونها على العنف والقتل والتدمير تؤثر على تكوين الجهاز العصبي للأطفال والشباب وتجعلهم أكثر ميلاً للعنف والاعتداء والقتل، والتي ينصح بعدم استخدامها والتعرض إليها بكثرة، كما تقلل من قيمة الحفاظ على النفس البشرية في التكوين السايكولوجي والوجداني، كذلك قد تختل المنظومة القيمية من خلال الصفات التي تبثها كالغدر والخيانة».

وحول الألعاب التي تتعارض مع المبادئ قال الدكتور عماد: «من الملاحظ في الآونة الأخيرة ظهور بعض الألعاب التي تتعارض مع العادات والتقاليد العربية والتعاليم الإسلامية، فبعض الألعاب من هذا النوع تطلب من اللاعب القيام بممارسة حركات مخلة بالآداب العامة وتدنيس الكتب السماوية، وتطلب منه تنفيذ بعض الأوامر التي إذا ما طبقت في الحقيقة والواقع قد تؤدي للانتحار والموت، حيث سجلت عدد من حالات الوفاة بسبب الألعاب الإلكترونية».

الرقابة الذاتية والأسرية

واختتم الدكتور عماد فاروق حديثه مؤكدا أن المتابعة والرقابة الذاتية والأسرية مهمة جدًا ومعرفة مدى مناسبة استخدام وتداول الألعاب من عدمها سواء كان للشباب أو الأطفال، قائلا: «يجب أن تكون هناك ثقافة ومعرفة عن مدى ملاءمة الألعاب وتأثيرها على النمو العقلي والنفسي والاجتماعي والديني، ويجدر الإشارة إلى بعض الدراسات ذات العلاقة التي أقيمت بجامعة السلطان قابوس أشارت إلى أن الأسرة العمانية تتميز بمستوى عالٍ من المتابعة للأبناء أثناء دخولهم واستخدامهم للإنترنت، حيث تشير دراسة وبحث إستراتيجي ممول من المكرمة السامية تم تنفيذها عام 2014على طلبة المدارس في الصفوف من الأول إلى الثاني عشر، اتضح أن 85% من الأسر العمانية تهتم بمتابعة ومراقبة أبنائها أثناء ولوجهم للإنترنت، وفي المقابل 15 % غير مهتمة بمتابعة استخدام أبنائها للإنترنت وهي نسبة بسيطة ولكنها خطيرة وبحاجة لمزيد من التوعية».

مصدر دخل

أما عبدالرحمن بن محمد العبري صاحب مشروع الألعاب الإلكترونية، فقد أوضح أن عشقه للألعاب الإلكترونية منذ مدة طويلة كأقرانه من الشباب شجعه لفتح محل في هذا المجال واعتباره كمصدر دخل كونه باحث عن عمل. وقال: «إن الشائع لدى عامة الناس أن للألعاب الإلكترونية سلبيات كثيرة ولكن في الحقيقة ذلك يعتمد على نوع اللعبة وتناسبها مع عمر الشخص وعدد ساعات اللعب، فليست كل الألعاب سلبية، فلو نظرنا للجانب الإيجابي سنجد أغلب الألعاب تنمي ذكاء الشخص وتزيد من طاقاته الذهنية وتساعد على كسب الأصدقاء من خلال اللعب عبر شبكة الإنترنت، وتساعد الشخص على إيجاد الحلول السريعة وأيضا تقلل من خطر خروج الشخص من المنزل مع أصحاب السوء».

وأشار العبري إلى ضرورة تغيير نظرة الناس للألعاب الإلكترونية، قائلا: «نجد الجانب الإيجابي في الألعاب أكبر من الجانب السلبي، وأقترح على وزارة الشؤون الرياضية في السلطنة اعتماد هذه الألعاب مستقبلاً، لأنها أصبحت ثروة ومصدر دخل للناس، ومثلما نرى في دول مجاورة إقامة دوريات ومسابقات مخصصة للألعاب الإلكترونية تخصص لها جوائز ضخمة جداً».

شركة متخصصة

وبدوره قال أحمد الزدجالي مدير شركة فريمزين (Framezen) المتخصصة في صناعة تطبيقات الهواتف والألعاب الإلكترونية التعليمية والإعلانات الثنائية والثلاثية الأبعاد والوسائط التعليمية المتوفرة على مركز ساس لتطوير الأعمال التابع لهيئة تقنية المعلومات، وظهرت الشركة في عام 2016 وأطلقت أول لعبة اسمها أراوند ببل Around pubble موجودة على منصتي الأندرويد والأبل ستور.

ويعبر الزدجالي عن شح كمية الألعاب المصنعة في العالم العربي وشركات تطوير الألعاب مقارنة بالغرب، مؤكدا أن ما يحدث في الفترة الحالية هو استخدام العرب لألعاب الغرب والتي أغلبها لا تتناسب مع الثقافة العربية.

وأوضح الزدجالي أن أغلب الألعاب الإلكترونية المنتشرة التي تحتوي على رسائل سلبية ومشاهد بذيئة وغير أخلاقية قد يكون مصدرها أحد الأشخاص الصانعين والمطورين للألعاب، فتنتشر بشكل سريع على أجهزة الهواتف والأجهزة اللوحية وتختفي بعد فترة معينة، أما الشركات الصانعة للألعاب فهي تحاول أن تكسب وتجذب المستخدم وتجعله يدمن على اللعب بشكل مستمر، وتهتم بسمعتها أمام المستخدم حتى لا تتعرض لأي هجوم سلبي للمحتوى الذي تصنعه، كما تُعرِّب بعض الألعاب وتترجم إلى لغات مختلفة.

الهوية العمانية

ويوضح الزدجالي أن شركة «فريمزين» عندما تقوم بتصميم الألعاب، فإنها تراعي في تكوينها محاكاة الشخصيات الكرتونية لطابع الهوية العمانية من حيث اللباس واللغة العربية، حيث تستقبل الشركة فكرة اللعبة المراد تصميمها والفئة المستهدفة ومعرفة الغاية منها سواء الربح أو التعليم أو الشهرة، ثم يأتي اختيار بيئة اللعبة وخلفيات التصميم والرسومات والشخصيات الكرتونية.

كما تستعد الشركة خلال السنة الحالية لإطلاق تطبيق «أديب» الذي يستهدف تعليم الأطفال المهارات الناعمة، مثل كيفية التفكير والتعبير عن النفس، ويتوفر باللغة العربية فقط، وينافس التطبيق على مستوى الوطن العربي.