صحافة

فلسطين :تهويد باب الرحمة.. بداية نهاية المسجد الأقصى

21 فبراير 2019
21 فبراير 2019

في زاوية آراء كتب الدكتور أيمن أبو ناهية مقالا بعنوان: تهويد باب الرحمة.. بداية نهاية المسجد الأقصى، جاء فيه:

شهدت المدينة المقدسة سلسلة اعتداءات واقتحامات للمسجد الأقصى المبارك، وقد تصدى شعبنا لكل هذا الممارسات، ولكن الاحتلال لا يتوقف ولا يهدأ، ويتمادى بكل الطرق والوسائل في هذه الاعتداءات والعمل باستمرار في محاولات التهويد، فهودت سلطات الاحتلال حائط البراق وغيرت مسماه الى «حائط المبكى» وكذلك فعلت بباب الأسباط وباب المغاربة والمصلى المرواني، واليوم تتمادى سلطات الاحتلال في إجراءاتها التي تستهدف باب الرحمة والساحة التي أمامه، فبعد إغلاقه منذ عام 2003، وتجديد هذا الإغلاق بين فترة وأخرى ووضع حراسة عليه من شرطة الاحتلال وضعت هذا الأسبوع أقفالا جديدة على الباب، ما أثار أهالي المدينة والمؤسسات الدينية وكل مؤسسات المدنية، وأدت ردة الفعل الى ما شاهدناه من مواجهات واعتقال قوات الاحتلال عددا من المواطنين.

الهدف المعلن من هذا الأجراء هو إقامة سلطات الاحتلال كنيسا يهوديا في ساحة باب الرحمة، ليتم بذلك تقسيم الحرم الشريف مكانيا، وهي استخدمت وتستخدم بذلك سياسة الخطوة خطوة، وتستغل الظروف وتعمل على تهيئتها لتنفيذ هذا المخطط التهويدي، ويأتي هذا التسارع لتقسيم المسجد الأقصى خاصة والمدينة المقدسة عامة، منذ إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتصهينة القدس عاصمة لدول الاحتلال ونقلها السفارة الأمريكية إليها، وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تسارع الزمن من أجل استكمال تهويد القدس، وتقسيم المسجد الأقصى وصولا في نهاية الأمر الى هدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه كما ذكرت في السابق وفي اكثر من مرة.

هذا الباب الذي يسميه اليهود (الباب الذهبي) هو أجمل أبواب المسجد الأقصى على الإطلاق، بل هو أجمل أبواب القدس القديمة كلها، حيث لا يجوز حجب جماله وجمال أعمدته وهندسته عن الناظرين ومحبي التراث، لأنه تراث إنساني وليس إسلاميا، إذًا الهدف من وراء هذا التصعيد الإسرائيلي الجديد بوضع أغلال وقبلها حاولت وضع بوابات إلكترونية وكاميرات تجسسية على مداخل المسجد الأقصى هو اقتطاع جزء لا يتجزأ منه وإخضاعه للسيطرة الإسرائيلية مثل باب المغاربة، وربطه بالمخططات الإسرائيلية المكشوفة مثل القطار الهوائي، وتمزيق مقبرة باب الرحمة مثل مقبرة مأمن الله واندثارها، والهدف الرئيس هو الإعداد لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا بعد أن قسمته زمانيا، من خلال إغلاقه أمام المسلمين لساعات في النهار والسماح للمستوطنين بالدخول إليه خلال هذه الساعات وتأديتهم صلوات تلمودية في باحاته.

منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967 لم تتوقف الاعتداءات على المواقع الدينية الإسلامية، بل شهدت في الآونة الأخيرة تحريضا إسرائيليا رسميا وحزبيا ودينيا تمثل في الاقتحامات اليومية من المستوطنين واليمين الإسرائيلي وإقامة الصلوات في ساحات الأقصى وباحاته.

ولا يمكن لعاقل تخيل توقف المستوطنين عن هذه الممارسات المجنونة، بل سيشهد المسجد الأقصى مزيدا من هذه المحاولات الإسرائيلية المجنونة اليمينية المتطرفة، فقد أضحت الخطة الإسرائيلية العدوانية واضحة تماما. وتخرق (الوضع القانوني القائم) بشكل واضح باد للعيان لا يحتاج إلى فحص أو تدقيق. وهذا الأمر يشكل نهجا إسرائيليا وليس صدفة أو أمرا عابرا بل هو أمر مخطط له بشكل أكيد، فالهجمة التهويدية الاستيطانية على كل الأماكن المقدسة، فلم تقتصر هذه الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وباحاته وأبوابه ومدارس العلم فيه، بل امتدت إلى مساجد أخرى في الضفة الغربية المحتلة، كان أبرزها الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، والاستيلاء على جامع بلال بن رباح في بيت لحم بحجة أنه قبر راحيل، ومقام النبي يوسف في نابلس بحجة صلته بالنبي يوسف عليه السلام. ومن نافل القول: إن كثيرا من المساجد الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، اعتُدي عليها وحولت لمطاعم وبارات وساحات للرقص.

حذرنا أكثر من مرة بأن القدس في خطر، وأن المسجد الأقصى في خطر، وأن على الأمتين العربية والإسلامية التحرك العاجل من أجل إنقاذ أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، بسبب الحفريات التي جرت وتجري أسفله تمهيدا لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، فالمطلوب من الأمتين العربية والإسلامية الوقوف وقفة جادة أمام ما يتعرض له المسجد الأقصى خاصة والقدس عامة، فالمسجد الأقصى هو مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهو جزء من عقيدتهم. من الواجب عليهم حمايته وليس السكوت على ما تقوم به دولة الاحتلال، فإن التاريخ لن يرحم مَن تساوق وفرط بحقوق العرب والمسلمين، خاصة أن المسجد الأقصى هو خاص بالمسلمين وحدهم، ولا يحق لأحد سواهم العبث به وتقسيمه أو هدمه تحت ادعاءات لا أساس لها.