sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: لعيون علياء

20 فبراير 2019
20 فبراير 2019

شريفة بنت علي التوبية -

كلما غنت فيروز( يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلوين) تقفز علياء كصورة جميلة أمام عيني، تحضر بكل ألقها ونور بصيرتها وجمال حضورها، وهي التي ما غابت عن البال يوماً، منذ أن قال لي أبوها أن لديه ابنة تقرأ ما أكتب وتريد أن تتعرف بي، فأتاني صوتها عبر الهاتف، كصوت آسر به من الجمال والعمق مالا يُخفى على السامع، صوت إذاعي واعد كما قلت في نفسي يومها، كان الحوار ثريّاً، عميقاً، شيقاً، سجّلت علياء حضورها في روحي بكل ما لديها من شغف معرفي وثقافي وحب كبير للحياة، ومع الأيام ازددت يقيناً أن علياء لا تشبه غيرها، فهي تشق طريقها بثقة، تتكئ على عصى إرادتها القوية رغم عتمة الدرب، تسير سير العارف دربه، مهتدية بهدى النور الذي يسكن قلبها.

وحينما التقيت بعلياء، عرفت إنها ولدت ولم تر نور الشمس ولم تشاهد وجه القمر ولم تعرف لعبة الألوان، لأنها ولدت كفيفة، لكنها ترى من جمال الحياة ما لا نرى وتبصر مالا نبصر، فهي ترى بعين روحها وقلبها، أهدتني علياء شيئا من جمال روحها وأخذتني نحو النور دون أن تدري، فأنار نورها بعض جوانب روحي، واتضحت كثير من الأشياء بعيني والتي أصبحت أراها ليست أكثر من أمور حياتية سخيفة وعابرة، لذلك كلّما أظلمت الدنيا، تومض علياء بنور بصيرتها، فأبصر من جوانب الحياة ما لم أكن أبصره، فروح علياء مضاءة، وعيونها النورُ رغم كف البصر وعيوننا العتمةُ رغم قوة الإبصار.

وحينما اقتربت من علياء عرفت صديقاتها، اللواتي يعشن الحياة بذات النور وبذات الجمال، وأجمل ما يمكن أن أتحدث به عنهن، حُبهن للكتب وقراءتهن لتلك الكتب بعد أن يتم تحويلها من (الpdf إلى word ) عبر الأجهزة الذكية، ولقد قرأن بهذه الطريقة مئات الكتب، إنهن يحلمن أن يدرك الجميع أن الكفيف يقرأ، وأن الكفيف يرى العالم من خلال ما يقرأ، وأن الكتاب عين أخرى يرى بها العالم، فلو أهديت الكفيف كتاباً كأنك أهديته عيناً يرى بها، فلماذا لا نبادر لتحقيق هذا الحلم بالتعاون من دور النشر، بطباعة نسخ من بعض الكتب بطريقة برايل للمكفوفين، لتسهيل القراءة لهم، وليتم تسعير الكتاب كغيره من الكتب، فالكفيف لا يطلب معروفاً، فقط ينتظر أن تكون هناك مبادرة بطباعة تلك الكتب، فمن أجل علياء وصديقاتها القارئات الرائعات أتمنى أن يتحقق الحلم، كي يصبح هذا العالم مضاءً بنور بصيرتهن، وجميلاً بجمال أرواحهن الناصعة البياض.