أفكار وآراء

تحرك في الكونجرس لنزع حق الفلسطينيين في أرضهم!

19 فبراير 2019
19 فبراير 2019

عاطف الغمري -

هذا التحيز في الكونجرس، الموغل في إهدار الحق الفلسطيني، وفي خروج على المبادئ السياسية والأدبية، التي سبق أن التزمت بها الإدارات الأمريكية تجاه هذه القضية، ألا تعد حافزًا لصحوة عربية مستنفرة، تطلق تحركًا منظمًا، وليس البقاء في صفوف المنتظرين للنتيجة النهائية؟..

أو على الأقل القيام بالتواصل مع منظمات أمريكية ومنها قوى يهودية، أعلنت معارضتها لمسلك الكونجرس؟.

الآن- قد طُرح أمام الكونجرس مشروع قانون مقدم من 45 عضوًا من أعضاء مجلس الشيوخ، ينص على معاقبة أي أفراد أو شركات تفرض مقاطعة على إسرائيل، بسبب استيرادها منتجات المستوطنات المقامة على أرض محتلة، وهو ما يمثل انتهاكًا للقانون الدولي.

ولا يكتفي مشروع القانون بذلك بل إنه يجرم مقاطعة إسرائيل لهذا السبب.

وتنطبق المقاطعة على أي شركات أمريكية، بما فيها الشركات المدعومة من منظمات دولية كالأمم المتحدة، وكذلك الأوروبية.

وبالرغم من التأييد القوى لهذا الاتجاه، من منظمات يهودية أمريكية، خاصة منظمة “إيباك” أبرز قوى الضغوط الأمريكية، وكذلك منظمة مناهضة التشهير، التي تعد أحد أقوى أذرع الضغط في الكونجرس، وما يسمى بالمجلس اليهودي الديموقراطي الأمريكي، إلا أن هناك منظمات يهودية أخرى ولها صوت مسموع، مثل “جي ستريت”، التي أعلنت معارضتها الشديدة للمشروع، والتي أعربت عن خشيتها من إمكان أن يؤدي هذا التشريع حال إقراره إلى نتائج ضارة، لأنه يساوي بين إسرائيل والمستوطنات، وكأنهما شيئًا واحدًا.

والمعروف إن جي ستريت، تضم شخصيات يهودية بارزة، اتخذت موقف التأييد لحل الدولتين، وقيام دولة فلسطين مستقلة، وهؤلاء أوضحوا أن هذا الموقف من جانبهم، هو لصالح شعب إسرائيل ذاته، لإيمانهم بأن سياسات نتانياهو سوف تجلب كوارث على يهود إسرائيل في النهاية، ثم إن تصرف الكونجرس ليس في صالح إسرائيل، أو الولايات المتحدة.

وقد أظهر موقف جي ستريت، حالة الانقسام في صفوف يهود أمريكا، خاصة وأن من بينهم من يعارضون احتلال الضفة الغربية، وشراء منتجات المستوطنات.

وبخلاف التجمعات اليهودية المعارضة للمشروع، فقد علت أصوات أمريكية أخرى، منها كنائس أمريكية تعارض المشروع، وكذلك منظمات مثل اتحاد الحريات المدنية الأمريكية، ومنظمة أمريكيون من أجل السلام الآن، فضلاً عن أصوات معارضة للمشروع من ديمقراطيين أعضاء بالكونجرس منهم السناتور بيرني سوندرز، وديان فينشتين.

كانت التحركات لدفع الكونجرس لإقرار هذا القانون، قد بدأت عام 2014، في صورة حملات في ولايات متعددة، حتى يتم خلق رأي عام مساند لها، ويكون بمثابة قوة دفع داخل الكونجرس نفسه.

الغريب أن رد الفعل الإسرائيلي الرسمي على المواقف المعارضة لمشروع القانون، وصل إلى حد وصف من يقفون وراءه، بأنهم معادون للسامية، بالرغم من أن بينهم يهود مؤيدون لإسرائيل كدولة، لكنهم لا يتجاهلون حق الشعب الفلسطيني في وطنه.

وكما هو واضح فإن المسار الذي وصل إليه الكونجرس، قد سبقته تحركات على مستوى الولايات، وبين المواطنين الأمريكيين، في حملة علاقات عامة، هدفها إقناعهم بجدوى هذا القانون، وإغفال ما يمثله من إهدار للقانون الدولي، وحقوق الإنسان الفلسطيني، والتي كانت أمريكا كدولة وكنظام سياسي، قد ألزمت نفسها باحترامها، حين ألقت على نفسها صفة الوسيط النزيه بين إسرائيل والفلسطينيين، وبأن وضع القدس، فضلاً عن مستقبل الأراضي المحتلة، لن يتقرر بتصرف منفرد، وإنما في مفاوضات الوضع النهائي وبمشاركة الفلسطينيين.

وفي مواجهة هذا الذي يحدث الآن في الكونجرس، يفترض أن يستفيد العرب من مواقف الجهات الأمريكية المناهضة لمشروع القانون، ومن بينها أطراف يهودية أمريكية، ويقيم مع كل هؤلاء تواصلاً عربيًا جماعيًا ومنظمًا، بناء على خطط مدروسة، للتنسيق وخلق رأي عام مساند لها في أمريكا، يفضح هذا التحيز المغالي فيه تجاه الحقوق العربية.